fbpx
مؤتمر بروكسل يحذّر من خطر التدخل التركي في المتوسط
شارك الخبر

يافع نيوز ـ العرب اللندنية

حذّر نواب أوروبيون وسياسيون أتراك وخبراء من مختلف دول العالم من مغبّة التدخل التركي العسكري في المتوسط. وأجمعوا على خطورة الوضع في المنطقة المتوسطية في مداخلات تحت إطار التجمّع الأوروبي لمكافحة التطرف والإرهاب استضافه البرلمان الأوروبي في بروكسل الثلاثاء الثامن عشر من فبراير في مؤتمر تحت عنوان “التدخل التركي في المتوسط: الأسباب، الأهداف والمخاطر”.

تحدث في المؤتمر عدد من النواب والسياسيين والخبراء يمثّلون مختلف التوجهات السياسية من عدة دول أوروبية ومتوسطية وهم يشار ياكيش، وزير الخارجية التركية الأسبق، كوستاس مافريديس، النائب في البرلمان الأوروبي عن قبرص ورئيس اللجنة السياسية للمتوسط في البرلمان، نيازي كيزيليورك، النائب في البرلمان الأوروبي من قبرص، إضافة إلى ماغنوس نوريل الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وجان فاليربالداكينو رئيس دائرة البحث والتحليل الجيوسياسي في باريس.

وشارك في هذا المؤتمر أكثر من 80 شخصية وجمعية من 22 دولة بينهم 15 دبلوماسيا يمثّلون عشرة بلدان أوروبية ومتوسطية. وقد ركزت الكلمات على شقين أساسيين وهما: التدخل التركي في شرق المتوسط، وبالتحديد مسألة التنقيب عن الغاز قبالة السواحل القبرصية، والتدخل التركي العسكري المباشر في ليبيا.

وندّد عدد من المشاركين بتوقيع حكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج مع الحكومة التركية اتفاقية رسم حدود مائية وأخرى عسكرية، معتبرين أن هاتين الاتفاقيتين تهددان الاستقرار في المتوسط. كما عبّروا عن خشيتهم من التداعيات الإقليمية والدولية للتدخل التركي في المتوسط، ومن تحويل ليبيا إلى سوريا جديدة في فترة وجيزة.

تقسيم الحدود

قدّم وزير الخارجية التركية الأسبق يشار ياكيش عرضا تاريخيا مفصّلا للحدود الجغرافية البحرية في المتوسط. واعتبر أن طول الحدود البحرية التي تبلغ 1700 كلم مع اليونان وباقي دول المتوسط هو أحد الأسباب التي دفعت بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى توقيع الاتفاق مع الحكومة الليبية.

وأشار ياكيش إلى أنّ لتركيا مطالبات بتقسيم الحدود البحرية وحرية الوصول إلى ثروات المنطقة، وهذا هو الهدف الذي يسعى من خلاله أردوغان إلى الحصول على حق قانوني بخصوص الحدود البحرية، وبالتالي تمّ التوقيع على اتفاق أحادي مع ليبيا لترسيم الحدود البحرية دون التشاور مع باقي دول المتوسط.

وقال وزير الخارجية التركي الأسبق إن أردوغان وقّع أيضا على اتفاقية تعاون عسكري مع حكومة طرابلس، لكن مشكلة هذه الحكومة أنها مسيطر عليها من قبل حركة الإخوان المسلمين وميليشيات مرتبطة بمنظمات إرهابية.

وأكد أنّ عمق المشكلة يمكن في أنّ السياسة المتبعة من قبل حكومة أردوغان “تجعلنا نطرح تساؤلات عن الأخطار التي تحدق بتركيا من خلال انغماسها في ليبيا”.

وحذّر يشار ياكيش من أن ليبيا قد تتحول إلى سوريا جديدة بسبب ثرواتها البترولية، خاصة وأن تركيا في هذا المشهد ليس لديها أيّ سياسة واضحة المعالم. كما حذّر وزير الخارجية التركي الأسبق من أن السياسة الخارجية التركية غير الواضحة من قبل أردوغان قد تضع تركيا في مخاطر جمّة. وخلص لافتا إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خسر ثقة الأوروبيين منذ سنوات.

في ذات التوجه، جاءت كلمة كوستاس مافريديس، النائب في البرلمان الأوروبي عن قبرص ورئيس اللجنة السياسية للمتوسط في البرلمان، الذي اختار أن يتحدث عن “الموت الاستراتيجي”، وهو عنوان كتاب لمفكر تركي يعتبر من المنظّرين الذين يجلّهم أردوغان، ويحاول تطبيق نظريته في ما خص السياسة الخارجية عبر إعادة إحياء السياسة العثمانية التوسعية.

اعتبر مافريديس أن هذا النموذج هو بسيط جدا بالنسبة إلى أردوغان، حيث أن البرلمان التركي يدعمه ويصوّت له بقوانين هدفها حماية الشعوب التي لها أصول عثمانية في المنطقة كما حصل مع المسلمين في قبرص.

وأضاف أن هذه هي السياسة التوسعية والهجومية التي يطبّقها الرئيس التركي في العالم الإسلامي منذ عدة سنوات تضعه في مواجهة مباشرة مع باقي دول المنطقة وهي جوهر الأزمة لأنها لا تراعي القوانين الدولية.

وندّد رئيس اللجنة السياسية للمتوسط في البرلمان الأوروبي بسياسات الرئيس التركي ونظامه الذي يدعم منظمات إرهابية كداعش والنصرة والإخوان المسلمين، وذلك على الملأ عبر الدعم اللوجستي والعسكري وكذلك السياسي في المحافل الدولية.

وسأل مافريديس كيف لأوروبا أن تقبل بما يفعله أردوغان من سياسات تطهير عرقي وعمليات قتل جماعي وغيرها من السياسات العثمانية التوسعية التي يطبّقها يوميا.

وأشار إلى أن أردوغان يستخدم خطابات ومصطلحات عدوانية ومستنكرة لم تستخدم منذ الحقبة النازية. وشدّد على أن الاتفاقات التي وقّعها أردوغان مع ليبيا لا تتطابق مع قوانين الأمم المتحدة أو القوانين الأوروبية لأن تركيا لا تعترف بقبرص وهي بلد عضو في الأمم المتحدة وعضو في الاتحاد الأوروبي.

وختم حديثه بالقول إن سياسات أردوغان تهدّد استقرار المتوسط مؤكدا أن لا دور لتركيا في ليبيا، وبالتالي فإن تدخلها هناك سيحوّل ليبيا إلى سوريا أخرى.

أما نيازي كيزيليورك، النائب في البرلمان الأوروبي عن قبرص فوضع التدخل التركي في ليبيا في خانة الصراع على مصادر الطاقة.

واعتبر أن أردوغان يتسبّب في عزلة تركيا عبر سياساته التوسعية. وأضاف أن لقبرص الحق الكامل في استثمار مواردها من الطاقة ضمن حدودها البحرية، لكن تركيا ترفض أن تعترف بهذه السيادة وبهذا الحق.

وتساءل كيزيليورك في هذا الإطار عن سبب رفض أردوغان للتفاوض مع دول المنطقة للتوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف. ويسمح بتوزيع الثروات من الطاقة ضمن القوانين المعمول بها دوليا.

فشل السياسة التركية

أكد النائب القبرصي أن رفض أردوغان لإجراء مثل هذه المفاوضات يحرم حتى القبارصة من الشطرين بهذه الثروات، محذّرا من خطر التمادي في هذه السياسات على منطقة المتوسط، ومشيرا إلى فشل السياسة الخارجية التركية.

في المقابل تحدث ماغنوس نوريل، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، عن السياسة الخارجية التركية لنظام أردوغان.

ورأى أن التدخل التركي في ليبيا يجسّد مرحلة ما بعد سياسة صفر مشاكل، وهي مرحلة مليئة بالمشاكل وصفها بالسياسة التوسعية التي تهدّد الأمن والاستقرار.

ورأى نوريل أن هذه الخيارات التوسعية باتت تشكّل عبئا على تركيا وخلقت لها مشاكل مع دول المنطقة. كما شدّد الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى على ضرورة تدخل أوروبا لمنع تصدير السلاح إلى ليبيا وخصوصا القادم من تركيا لأنه يتسبب بزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، ويشكّل خطرا على بلدان المتوسط لقرب نظام أردوغان من الميليشيات المرتبطة بالإخوان المسلمين وبالتالي المجموعات الإرهابية.

وختم نوريل مداخلته بالتحذير من خطر الإسلام السياسي الذي ما زال يتمدّد في شمال أفريقيا على الرغم من سقوط ما يُعرف بخلافة داعش، معتبرا أن أردوغان نجح في تجميع أعداد كبيرة من الإرهابيين في ليبيا والمغرب العربي أكثر مما كانت عليه سابقا في سوريا والعراق. وأكد أن تركيا وبلا شك تستخدم المهاجرين لابتزاز الأوروبيين.

جان فاليربالداكينو، رئيس دائرة البحث والتحليل الجيوسياسي في باريس، تحدث أيضا عن السياسة التوسعية لتركيا في ليبيا. وركّز على مدى خطرها على الحرب التي تخوضها فرنسا على الإرهاب في أفريقيا وفي مالي تحديدا.

واعتبر أنّ لتركيا أطماعا في مصادر الطاقة في منطقة المتوسط، ضاربة عرض الحائط بالقوانين والأعراف الدولية متمثلة في سياسة هجومية توسعية تستخدم الإسلام السياسي والقومية العثمانية لتبرير تدخّلها في البلدان المجاورة.

وعبّر رئيس دائرة البحث والتحليل الجيوسياسي في باريس عن أسفه لعدم تعامل أوروبا بحزم مع حكومة أردوغان خاصة في ملف النازحين وتسلل الإرهابيين إلى أوروبا من سوريا، وبالتالي تحوّل هذا الملف إلى مصدر ابتزاز استغله أردوغان في تعامله مع أوروبا، مؤكدا أن أوروبا لديها مشكلة كبيرة مع تركيا بسبب دعمها للإسلاميين بشكل واضح وصريح، وأنّ طموحات أردوغان هي وراء التوتر في المتوسط.