fbpx
هادي وجزاء السنمار معياد(٢)

ماجد الداعري

كان استقرار صرف العملة الوطنية، أكبر هم وطني لدى محافظ البنك المركزي السابق مستشار الرئيس حافظ معياد، منذ أول وهلة لقبوله المشروط والمزمن بتولي مهام محافظ البنك المركزي في أقسى مرحلة وأصعب اختبار شخصي ممكن، في حياته المهنية، وفي أحلك مرحلة تاريخية ممكنة، فحرص طيلة قيادته القصيرة جدا للبنك، على تكريس جهده لتفعيل دور البنك محليا وعلاقاته الخارجية كأهم خطواته المرسومة لإنقاذ اقتصاد بلد مدمر بحرب مجنونة قضت حتى على احلام الجيل وامنياته بعودة السلام والأمن والحصول على مرتب شهري كأقصى أمنياته.

ولذلك اعتبر، تفعيل بنك مركزي حقيقي بعدن، أهم معاركه الوطنية واكبر أدوات الشرعية الناجعة في مواجهة المليشيات الانقلابية الحوثية وكل هوامير ومافيات الفساد بمختلف توجهاتها ودون تمييز بين فاسد وآخر ، على أمل استعادة مكانته الإدارية وتصدره وَحزبه للمشهد الوطني مستقبلا، ورد اللطمة لكل من وقف في وجهه ورفاقه سابقا ، حسب تقديراتي الشخصية،وفي اشرف مايمكن التنافس السياسي فيه.

ولذلك اتخذ جملة من القرارات والتوجهات الجريئة وبالتنسيق مع جهات معنية وأخرى بالتحالف،كان من أهمها رفضه تقديم أي دعم حكومي لاستيراد وتجارة المشتقات النفطية،دون دراسة جدوى وفتح باب المنافسة، فغضب منه أقرب أصدقائه التاجر الملياردير أحمد العيسى نائب مدير مكتب الرئيس والأكثر نفوذا بمؤسسة الرئاسة، وسلط عليه أتباعه، وأصر على إضافة الدقيق إلى المواد الغذائية المدعومة حكوميا من الوديعة السعودية، فثارت عليه ثورة مجموعة هائل سعيد وفتحت عليه أبواب جهنم، وحاربته بكل ما لديها من امكانية وعلاقة ونفوذ، لتعطيله مصالح مطاحنهم الاحتكارية للغلال، واشترط ترخيص رسمي وموافقة مسبقا من اللجنة الاقتصادية والبنك المركزي التابعين لحكومة الشرعية والتنسيق مع التحالف، لأي سفينة او تاجر يرغب في استيراد وتجارة المشتقات النفطية عبر مختلف موانئ الدولة بما فيها موانئ الحديدة، فهاجت عليه مختلف وسائل إعلام الحوثي وفتحت عليه أعنف هجوم إعلامي موجه بمختلف الوسائل والاساليب التشويهية ،وبشكل انتقامي هيستيري، لم يسبق ان طال وما يزال أي مسؤول غيره بشرعية هادي بلغ حد محاولة سلخه من انسايته.

وأصر على وقف جرائم المضاربة الإجرامية بالعملة وتحقيق المضاربين عشرات ومئات المليارات من الريالات على حساب قوت ومعيشة ٣٠ مليون يمني، وعدم التخلي عن واجبه الوطني في تعرية كل متورط وتقديمهم للمحاكمة وكشف فضائحهم بالوثائق والأدلة ورفعها للرئاسة والنائب العام ومختلف الجهات المعنية، ليجد نفسه بين لحظة وأخرى، متهم إعلاميا هو الآخر، من قبل المتضررين، بنهب ٦مليارات ريال كفوارق صرف للمبالغ التي كان البنك يضخها بعهده، عبر منافسة معلنة وأسعار رسمية محددة مسبقا، لدعم استقرار الصرف وغيرها الكثير مما لا يمكنني حصرها بمقال كهذا اكتبه بكل أمانة مهنية للتاريخ وبعض الانصاف بعد ان دفع ثمنا باهضا لمواقفه الوطنية هذه، حينما أفاق ليجد نفسه يومها، عدو للجميع ومحارب من الكل، بما فيها وسائل إعلام الدولة الشرعية التي حاول انقاذها اقتصاديا بكل إخلاص وقاطعته وكأنه مغتصب أجنبي لمنصبه، إضافة إلى شخصيات نافذة بمؤسسة الرئاسة التي كانت أكثر من حاربه إلى حد منعه من أي لقاء انفرادي بالرئيس لوضعه بصورة الواقع الاستعدائي والتعطيلي الذي يواجهه حتى أوصلته لقناعة بالاستقالة مالم يجد دعم واسناد وتفهم الرئيس لواقعه والحرب التعطيلية الشعواء التي يواجهها حتى من اقرب دائرته بدلا من مساندته.

رفض أي مساع لتعطيل أعمال البنك المركزي كسلطة مستقلة او محاولات لنقله واجتماعات مجلس إدارته إلى خارج عدن، فطالته كل اتهامات العمالة والخيانة وكاد له أقرب من حوله ممن يفترض بهم دعم توجهاته وتعزيز مواقفه الوطنية للحفاظ على استقلالية أداء البنك والنأي به عن أي صراعات بالبلد ،كما حاول دون جدوى، قبل ان يجد نفسه وحيدا معزولا عن الجميع بمن فيهم الرئيس الذي كان يعتقد أنه أكثر من يقف معه ويسانده في توجهاته لاستعادة مقدرات دولته وتفعيل دور وأداء مؤسساتها المالية، لا أن يجازيه جزاء سنمار وهو الذي خسر الكل من أجل شرعيته واستعداه الجميع بمن فيهم أقرب رفاق أيامه وقيادات حزبه المؤتمر، بسبب قبوله الانتحاري للعمل مع شرعيته المنتهية اخلاقيا وقانونيا وبحكم الأمر الواقع.