fbpx
 الجنوب وحقد الجمل الاخواني  !
شارك الخبر


كتب/ السفير علي عبد الله البجيري.
تتكرر وبصورة شبه يومية عمليات القتل الجماعي والفردي في معسكرات حكومة الشرعية الإخوانية لقيادات وجنود جنوبيين، اخرتها ما حدث في معسكر مأرب منذ ايام وراح ضحيته ١١٦ شهيد و ١٣٠ جريح. هذه العمليات في مجملها تاكد بانها تتم بصورة ممنهجه ووفقا لقرار سياسي هدفه الانتقام المناطقي والتخلص من القوات الجنوبية. وهنا تعلو الاصوات لمعرفة من يتحمل مسؤولية تلك المجازر؟ الامر الذي يستدعي الوقوف دون مواربة أمام تلك المؤامرة ومعرفة خلفيتها ومن يقف ورائها ومن يتحمل مسؤولية تنفيذها. وهنا وبدون أدنى شك فان محاسبة ومحاكمة وزير الدفاع وقيادته السياسية تأتي في اولوية هذه الإجراءات باعتباره المسؤول الاول على حدوث تلك الجرائم.

مصادر عسكرية كشفت عن تنسيق وعمل استخباراتي بين جماعة الحوثي والأخوان المسلمين في مأرب أفضى إلى تنفيذ تلك الجريمة، في عملية مزدوجة تستهدف ضرب القوات جنوبية وكذا التحالف العربي في وقت واحد وبما يخدم مصالح الطرفين الحوثي والاخوان.
جماعة الحوثي نفت علاقتها بذلك الهجوم الغادر بمقابل أن تتبنى جماعة الإخوان حملة إعلامية وسياسية تحمّل فيها التحالف مسئولية الهجوم.

والسؤال ما هي مصلحة الطرفين من عملية مأرب؟  الإخوان ممثلين بحزب الاصلاح وجهوا ضربة للجنوبيين وقتلوا أكبر عدد ممكن من أبناء الجنوب الرافضين لمشروع الإخوان ومنهجهم وتواجدهم في الجنوب، بينما مصلحة الحوثيين هي تشويه دور التحالف العربي ومحاولة تحميله الجريمة والإيحاء بأن السعودية والإمارات تقفان خلف القصف، وهو ما سارعت وسائل إعلام الإخوان الترويج له فور وقوع العملية”.!
هل لهذه المأسي علاقة بقصّة «حقد الجمل» المشهورة والمتداوَلة عند العرب !، حتى أنهم قالوا: لا غدر إلا غدر البحر، ولا حقد إلا حقد الجمل.، اتمنى ان لا اكون محقا فيما ذهبت اليه، وان لايكون الرئيس هادي حقوداً على  وطنه كحقد الجمل !! نقول هذا لآن فخامته سلم كل اوراقه السياسية لحزب الاصلاح الاخواني ، ونقطة ضعف شرعيته الفساد، وهو ما عمل حزب الاصلاح على ايقاعها في براثينه ومستنقعاته ومن ثم استخدامها سيف يتم أشهاره بين الحين والاخر في وجه هادي وفريقه ومقربيه.

في اليمن سياسة خلط الاوراق  مستمرة ولن تتوقف والهدف هو سحب ورقة القوة العسكرية من الانتقالي الجنوبي في عدن لحج الضالع وعاصمة محافظة ابين زنجبار ، وإجباره على الانسحاب اوالتوقف عن المشاركة في مفاوضات اللجنة السياسية المشتركة. هذا مآ تتمناه الشرعية الاخوانية ومهندسي فريقها التفاوضي. والسؤال هل من المعقول ان المملكة العربية السعودية بوزنها وتحكمها بمفاصل الشرعية الاخوانية لاتستطيع اجبار من وقعوا على اتفاق الرياض تنفيذ بنوده؟ سؤال لم نجد له اجابة حتى هذه اللحظة.
الاعتقاد بأن المملكة محايدة في مسار هذا الصراع هو مجرد تمني ومراهنة خاسرة. ومن يتوهمون ذلك يجهلون دور  واعمال” اللجنة الخاصة” المعنية بالشأن اليمني شمالاً وجنوباً.
فبعد غزو الجنوب عام ١٩٩٤م  تغيرت الخطط  وتبدلت الخرائط السياسية والنتيجة :  ”اطلاق يد الاخوان على الجنوب” والتنازل عن الأراضي المؤجرة التي تضمنتها اتفاقية الطائف الموقعة عام ١٩٣٤م لصالح المملكة”. وعلى وقع تلك التفاهمات تم توقيع اتفاقية الحدود عام ٢٠٠٠م ،  والاعتراف بملكية السعودية لكل الاراضي اليمنية التي كانت مؤجرة بموجب اتفاقية الطائف ١٩٣٤م.

الحسابات السياسية في اليمن معقدة جداً، وتبدل المواقف والولاءات سرعان ما تتم بحسب العرض والطلب. والمال يلعب الدور الرئيسي في كل هذه التقلبات. فالحركة الحوثية لم تكن عفوية ولم تأتي من فراغ بل كانت ضمن روئ محلية وإقليمية، وكان كلاً من علي عبد الله صالح ونظامه واللجنة الخاصة السعودية وادواتها اليمنية، ينظرون إلى جماعة انصار الله من موقع الاستخدام كورقة لتحقيق اهداف سياسية. والحقيقة لم يكن أحدا منهم يتوقع ان تكون هذه الحركة بهذا الحنكة والدهاء وواحدةً من الاذرع التي تراهن عليها الجمهورية الاسلامية الإيرانية في الاقليم.  وعلى وقع المستجدات تغيرت الاستراتيجيات والتكتيكات ومعها تدخل الاقليم والمصالح الدولية، ولكل واحد نظرته السياسية والعسكرية والتجارية والفكرية. هذا ما رأيناه منذ اندلاع الحرب اليمنية عام ٢٠١٥م وما تلى ذلك من احداث يصعب ضبط ايقاعاتها حتى اليوم.
نعم تبدلت الخرائط وتجددت المشاريع وزادت الاطماع ووجدوا في الجنوب الغني بالثروات الموقع والهدف. وهنآ تسابقت المصالح وادوات التوسع والنفوذ ومعه تغيرت اهداف ” عاصفة الحزم” وتوقفت حرب إستعادة الشرعية شمالا وانطلقت نحو السيطرة والنفوذ جنوبا…

نحن لانقول ان هذا هوا الخط السياسي للقيادة السعودية العليا والتي لازلنا نأمل في سلامة موقفها، ولكننا هنا نتحدث عن اختراق اخواني للجنة الخاصة، هذا الاختراق ومن يتعاطف معه يهدف إلى التخلص من القضية الجنوبية. فكانت محطة حوار جده لتجديد التحالف التاريخي الاخواني السعودي. ونتيجته هي وقوع معظم محافظات الجنوب تحت هيمنة وسيطرة التحالف، وخاصةً بعد انسحاب الإماراتيين من المشهد العسكري والتواجد الميداني على الارض.
لقد جاءت اتفاقية الرياض لتشكل ” خديعة للتحالف الإخواني السعودي ” بهدف كسب الوقت وتحشيد القوات ومحاصرة المجلس الانتقالي. وهنا تم الانتقال إلى تراجيديا جديدة من العمل على الارض الجنوبية، وتوزيع للادوار.  وقد رأينا كيف يتحرك الوزيران الميسري والجبواني بكامل الحرية والحماية، ووصل الامر باحد قيادي الشرعية ان يدعوا تركيا العثمانية للتدخل في الشأن اليمني. ورغم ما يدلون به من تصريحات ضد التحالف العربي، بالإضافة إلى التحريض الإعلامي وتمويل الاغتيالات في عدن وبقية المحافظات الجنوبية، لم تحرك الشرعية الاخوانية ولا المملكة السعودية ساكناً لوقف هذه العنجهية السياسية والاعلامية وهذا ما يؤكد الشكوك ويطرح العديد من التساؤلات حول سلامة الموقف السعودي تجاه الجنوب؟
وفي ضؤ هذه الحقائق ليس من خيار أمام أبناء الجنوب ومقاومتهم الوطنية غير مزيداً من التلاحم ورص الصفوف لمواجهة المستجدات. فكل المؤشرات تؤكد ان الإعداد يجري على قدم وساق لغزو ثالث للجنوب. وفي هذا السياق على المجلس الانتقالي وهو الفصيل الجنوبي الاكثر حضوراً وشعبيةً، عليه توسيع قاعدة التحالفات السياسية مع القوى الجنوبيةالاخرى والدعوة إلى تأسيس جبهة جنوبية عريضة تظم مختلف القوى السياسية الجنوبية على قاعدة ” الدفاع عن الارض والعرض، ووطن لانحميه لا نستحقه “.

تقلبات الشرعية ومواقفها المخجلة تثير الريبة ان لم تكن تتناغم في مسار واحد بما يخدم الاهداف الحوثية .. ولهذا فإن عودة بن دغر لا يخرج عن اطار المشهد السياسي المذكور سلفاً ، بما في ذلك لقاء مجموعة بروكسل ، وبما يؤدي إلى تشييع اتفاق الرياض إلى مثواه الأخير، والبدء بتفجير الوضع العسكري في الجبهات الجنوبية المحتدمة.
على العموم الأسابيع القادمة ستحمل الكثير من التكهّنات والتساؤلات بل والمفاجآت حول طبيعة ومسار مستقبل اليمن ودول الاقليم، ذلك لأنّ للمعركة أبعاداً مستقبلية ومرحلية، ولا يمكن لأحد أن يتنبّئ حالياً بنتائجها، فمسارها يخضع لتطورات الاقليمية والدولية المتوقعة .. سننتظر الأيام المقبلة لنستوضح المزيد من المعلومات التي ستمكننا من قراءة المشهد عسكريا وأمنياً وسياسياً وان كانت ملامحه مقلقة جدا.

أخبار ذات صله