fbpx
ثقافة الخوف الإرهابية

نورا المطيري

يقول هيرمان جورينج، مؤسس الغستابو، وقائد قوات الطيران الألمانية، خلال الحرب العالمية الثانية: «الناس لا تريد الحرب، ولكنهم يوافقون عليها، بمجرد إخبارهم أنهم يتعرضون لهجوم، الحل السحري، الذي ينجح في كل البلدان: عليك فوراً إدانة دعاة التهدئة، واتهمهم بعدم الوطنية وأنهم يعرّضون البلاد للخطر».

عندما سقطت هياكل كهنوتهم الثالث، بقوة ثورة 30 يونيو 2013 في مصر، وسقوط محمد مرسي، التقط «الإخوان»، فكرة هيرمان النازي، واجتمعوا في كل من إسطنبول ولاهور، في 25 سبتمبر 2013، لبحثها وتطبيقها بتعبئة منظمات المجتمع المدني والقوى الغربية لدعم مظلوميتهم البائسة، وقرروا إعادة تدوير «ثقافة الخوف» من خلال توجيه الشعوب، عبر جميع منصاتهم الإعلامية، بأن الحرب على الإرهاب، مجرد فزاعة، وأنها حرب على الإسلاميين فقط، وكادوا ينجحون لولا انحراف مسارهم فجأة، بمقدار 90 درجة، باعتلاء خليفتهم المزعوم أردوغان، في العام 2014، رأس الهرم التركي، وتوليه سياسة هيرمان، لكن بنسختها الأصلية.

بوضوح أكثر، أصبح لدى «الإخوان» سياستين متضادتين متناقضتين، الأولى تطعن في الحرب على الإرهاب والثانية تدّعي الحرب على الإرهاب، الأولى تحارب ثقافة الخوف، والثانية تبث ثقافة الخوف وتزرعها في بطون الشعوب، الأولى تطعن في القيادات والرموز العربية وتصفهم بالطغاة الموالين لأمريكا، والثانية تبجّل في أردوغان، وتمتدح قوة علاقته بأمريكا وترامب، الأولى تؤيد إيران والحوثي وحزب الله وحماس والحشد الشعبي وكل الجماعات الإرهابية، والثانية توهم الشعوب العربية أنها تحارب تنظيمي داعش والقاعدة وغيرهما..!

في جانب موازٍ، وتحت مظلة واحدة هي «الراديكالية الدينية»، تناغمت سياسات الإخوان المسلمين مع أيديولوجيا الثورة الخمينية، التي بدأت بتصدير ثقافة الخوف وبث الرعب داخلياً وفي العراق وسوريا ولبنان واليمن، منذ انطلاقتها في العام 1979، مستندة على رأي الكاتب السياسي جلال آل أحمد الذي وضع فكرة تسمى آنذاك «غربزاديجى» وطالبت برفض الثقافة الغربية ومحاربتها، فاستثمر الخميني ذلك واستخدم مصطلحات «المستضعفين» و«المستكبرين» بدل «المُضطهِدين» وأنتج ولاية الفقيه، للسيطرة على عقول «المستضعفين» وتحريكهم وبث الخوف في قلوبهم.

خلال سنوات، شهدت علاقات وثيقة بيّنة بين الإخوان ونظام الملالي، كان أبرزها اللقاء بين الحرس الثوري الإيراني والإخوان المسلمين في إسطنبول في العام 2014 ثم تحالف إخوان اليمن مع الحوثية لاحتلال صنعاء في العام 2015، فتولى الإرهابي عبد الملك الحوثي تسويق ثقافة الخوف في اليمن، وتولى قاسم سليماني بثها في إيران والعراق وسوريا ولبنان، والتي سمحت أيضاً، بظهور وتمدد داعش وصعود نجم الإرهابي أبو بكر البغدادي في سوريا والعراق، فبدأت المنطقة تشعر بثقل تلك الثقافة الهجينة التي صارت تؤرشف لقطع الرؤوس والتفجيرات والاغتيالات واغتصاب النساء وتجنيد الأطفال والادعاء أنهم يحاربون الكفار ومنح صكوك الغفران والشهادة المزعومة.

لا نستطيع القول إن اقتلاع رأسين من رؤوس الإرهاب هما أبوبكر البغدادي وقاسم سليماني خلال شهرين، قد اقتلع أيضاً ثقافة الخوف والتخويف من المنطقة، حيث ما زالت أطراف الإرهاب الملالية والإخوانية وثقافتها المدعومة من إيران وتركيا تنتشر بفعل الأدوات الممولة لها عربياً والتي لم تستجب لدعوات التخلي عنها.

الشعوب والدول لا تريد الحرب، وتبحث عن السلم، يدعون إلى التهدئة والاستقرار والتنمية والتطور، لكن ثقافة الخوف والتخويف المضادة، التي تنتجها ماكينتي الإخوان والملالي، تحاول إقناع الناس أنهم يتعرضون لهجوم، وتصرخ أن البلاد الإسلامية تتعرض للخطر، يجتمعون في كوالالمبور بدعوى مكافحة الإرهاب، وهم يجلسون في «الكابينة» الرئيسية، التي تزرع الخوف والإرهاب، وتبث الفتنة وتستبيح الأرض والشعوب العربية المسالمة.

صحيفة البيان