fbpx
الفرصة الأخيرة !!
شارك الخبر

نورا المطيري

يرى مراقبون أن السعودية جادة في تحقيق خريطة سلام في المنطقة، سواء بدعم المجتمع الدولي، أو بدعم دول شقيقة وصديقة كالإمارات. وأنه وبعد إنجاز اتفاق الرياض، بين الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، لوحظ لزاماً، إعطاء فرصة للمتمردين الحوثيين، وقبل تشكيل حلف قوي متماسك لإنهاء تمردهم، فتح الأبواب، لعودتهم إلى مظلة شرعية، بطرق سلمية، تحقن الدماء.

المشكلة السياسية الدينية العقائدية، التي تربط المتمردين الحوثيين بإيران، وفي ظل الحصار الدولي لنظامها، بسبب التعنت في الملف النووي، ومحاولتها الخروج على الأعراف الدولية، وفرض عقوبات قاسية عليها، جعل الإنقلابيين، يفكرون في المسألة مرتين، وسواء بإذن أو بدون، بتقية أو بدون، وجدوا الباب المفتوح على مصراعيه، ملاذاً آمناً، فور توقيع اتفاق الرياض، وقبل أن يُغلق إلى الأبد بساعات قليلة.

على مسارين، الأول رسمي، غير مباشر، والآخر عبر قنوات أخرى، تزاحم قادة الحوثية على مخرجين لمحادثات خلف وأمام الكواليس، استشعاراً من أن انهيار إيران الاقتصادي الداخلي، سوف يُحجّم المساعدات العسكرية وسيخنق الحركة المتمردة، وإن اتفاق الرياض، سوف يزيد فرص إنهاء التمرد، فبعثوا برسائل لا يمكن إخفاؤها، من إمكانية التوصل لاتفاق شامل، كملحق في اتفاق الرياض، أو منفصل، يضمن إنهاء الحرب، والانخراط في النظم الشرعية، في اتفاقية، لم تزل بنودها قيد المداولة.

المفاوضات تستند بالنظر إلى الحوثية كمكون سياسي يمني وليس جهة أو جبهة منفصلة، ولذلك يبدو الحذر في أعلى درجاته، نظراً لأن الحوثية تريد أن تكون طرفاً رئيسياً يحصل على القطعة الكبرى من أي نتيجة يتم التوصل إليها، وهناك أصوات داخل الحركة، ما زالت منتفخة بانتصارات وهمية، وترى أنه بالإمكان المقايضة السياسية، وحجر العثرة هذه، يشي بأن أي اتفاق مبدئي، يجب ألا يكون «اتفاق تقية»، بل بما يضمن وأد التخوفات والعثرات جميعها، والمضي نحو صفحة بيضاء من غير سوء.

من بين التعهدات، مناقشة منطقة عازلة على طول الحدود اليمنية السعودية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين وتفكيك قدرات الحوثيين البالستية وطائرات بدون طيار وضمان أمن الحدود مع المملكة العربية السعودية ووقف كافة العمليات العسكرية، وإعادة فتح مطار اليمن الدولي الرئيسي في صنعاء.

التحالف العربي، بقيادة السعودية، ودعم الإمارات، ما زال يسعى للتحرك الإيجابي لحل النزاع في اليمن، في أبعاده المختلفة، وإيجاد مخرج يحقن الدماء، مهما تكلف الأمر، لتقليص الفجوة التي توسعت كثيراً، خلال السنوات الخمس، بين أبناء اليمن، الذين تتعدد انتماءاتهم وصراعاتهم الحزبية والطائفية والفكرية والمناطقية، وباعتبار أن فشل رسالة السلام، ستتكلف المزيد من الدماء، التي ما زالت الفرص سانحة لحقنها.

في الجانب الآخر، يقف المجلس الانتقالي الجنوبي، موقف المراقب، فمن جانب إنساني ووطني، يُبدي موافقته الضمنية على إعطاء الفرصة الأخيرة للسلام حقّها، مع ثقة مُطلقة في الرياض وأبوظبي، ومن جانب آخر، ينتظر نتائج المفاوضات، لتحديد شكل السلطة اليمنية النهائية، سواء بالأقاليم الفيدرالية، أو بحكومة كونتات سياسية، أو باتفاق شامل للشرعية مع الحوثي بصيغ قانونية دولية، تُجدد حلماً، بصيغ متقابلة، لفك ارتباط الجنوب مع الشمال، لاحقاً.

السعودية، وبمباركة إماراتية يعلمها الجميع، تسعى لطيّ صفحة الحرب في اليمن، بأقل الخسائر الممكنة، وتطمئن الرياض، أن أبوظبي، الشريكة السند والعضيد، عبر التاريخ، وعبر السنوات الخمس الأخيرة، هي شريكة السلام للأبد، في استحقاق، أقل ما يوصف به التفاهم والتنسيق، على أعلى المستويات.

الفرصة الأخيرة لا تتكرر، الأبواب مفتوحة والنفوس توّاقة للسلام، وفي الرياضيات أو في الفلسفة، فإن التشبث بالفرص التاريخية والقبول بها، يجب أن لا يخضع للتردد والجدل العقيم..!

صحيفة البيان

أخبار ذات صله