fbpx
إرث ”مرير“ للبغدادي في الموصل العراقية
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات:

عندما اعتلى أبو بكر البغدادي منبر جامع النوري التاريخي في الموصل ليعلن إقامة دولة الخلافة عام 2014، لم يكن لدى سكان المدينة العراقية فكرة عن المدى الذي سيبلغه حجم الدمار بمدينتهم نتيجة لذلك.

وقال فهد قشمو (48 عامًا)، الذي حضر خطبة البغدادي التي أعلن فيها نفسه ”خليفة“ على الملايين في العراق وسوريا: ”جاء هذا الرجل الغريب، لم نره من قبل، وطلع تكلم بدلًا من إمامنا العادي“.

وأضاف قشمو، وهو أب لثمانية أطفال: ”جاء على جامعنا، الذي هو لنا مكان السلام، وقلبه إلى مكان جهنم“.

وتحول المسجد الجامع، الذي يعود تاريخ بنائه لنحو 850 عامًا مضت وكان مفخرة للموصل، إلى أنقاض منذ دحر تنظيم داعش هناك في 2017، وأضحى أكوامًا من المعدن الملتوي وسُويت أحجاره بالأرض.

وقال سكان الموصل إن البغدادي، الذي كان يرتدي عباءة سوداء وطويل اللحية، كان يتحدث بفصاحة وهدوء شديد. وحلقت الطائرات المُسيرة، التي يسيطر عليها الحرس الشخصي للبغدادي، الذي يتألف في معظمه من مقاتلين أجانب، في سماء المنطقة وقطعت الاتصالات.

وقال قشمو: ”وفجأة أعلن الدولة الإسلامية“.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأحد أن البغدادي، الذي قاد التنظيم المتشدد منذ 2010، قُتل ”وهو يئن ويبكي ويصرخ“ خلال غارة لقوات أمريكية خاصة في شمال غرب سوريا.

وقال مهني يدعى أبو عمران (60 عامًا) إنه كان يعرف أنهم في طريقهم لورطة يوم دخل ذلك الرجل ”جامعنا“.

وأضاف: ”قلت لابني: هذا راح يجيب الموت والخراب“.

وكانت تلك لحظة التتويج لعهد إرهاب امتد لثلاث سنوات في دولتين. واجتاح تنظيم داعش مساحات شاسعة من العراق وسوريا في 2014 وحتى هزيمته في 2017. وكانت الموصل عاصمة التنظيم بالعراق.

وقال أبو عمران: ”بسببه جعنا… عشنا على الماء والطحين لعدة أشهر، تخبينا في السراديب.. لا أتمنى هذه الحياة حتى للعدو“.

وأضاف: ”سألتيني إذا أنا فرحان. أكون فرحان لو بيتي ما انهدم، لو ما انجلدت وانضربت منهم، لو ابني ما انقتل. ما ذقنا النصر، شلون نكون؟“.

وكان أبو عمران يجول بنظره في ركام الموصل القديمة وهو يتحدث. وشهدت المنطقة، وهي مكتظة بالسكان شوارعها ضيقة ويعود تاريخها إلى قرون مضت وتحولت في معظمها حاليًّا إلى أنقاض، أشرس معارك مع تشبث تنظيم داعش بها كآخر مكان له.

وتحمل شوارعها آثار الرعب التي نجا منها سكان الموصل، سواء من عاشوا تحت حكم داعش الوحشي أو خلال 9 أشهر من القتال الوحشي، حيث قاتلت القوات العراقية المدعومة من تحالف بقيادة الولايات المتحدة لاستعادة السيطرة على المدينة.

وقال أبو عمران، الذي كان يتردد أسبوعيًّا على الجامع قبل وبعد صعود داعش: ”كان دائمًا أناس بالجامع يتابعون، الذين كرهوا السيطرة الشيعية“.

وأضاف: ”ورا ما حكا البغدادي، باوعت يمّي (نظرت حولي)، كان أكو على الأقل ألف شخص. كان أكو ناس يبتسمون لأن الله بعت لهم مسلمًا حقيقيًا“، على حد تعبيره.

وحكى السكان قصصًا تظهر أن الأمر بدا في الأسابيع الأولى وكأن فجرًا جديدًا طلع على الموصل. وأضافوا أن قوات الأمن التي اشتبكت لفترة طويلة مع مقاتلي تنظيم القاعدة في أحيائهم غادرت كما كانت الشوارع نظيفة ويسودها الهدوء.

لكن مسلحي البغدادي خرجوا بعد ذلك مظهرين قوتهم، وكان المقاتلون الأجانب والشرطة الدينية يراقبون كل خطوة للسكان.

وقال صاحب محل يدعى داود عمر داود (42 عامًا): ”جلدونا للدخان وضربونا إذا الحرمة (الزوجة) تطلع من البيت دون الخمار وإذا استخدمنا الموبايل… البغدادي سجننا بمدينتنا“.

وسرعان ما فقد التنظيم شعبيته في المناطق التي استولى عليها بعد أن بدأ في فرض رؤيته المتطرفة للشريعة الإسلامية وتطبيقه لأحكام الإعدام بقطع الرأس علنًا والجلد.

وأضاف داود ”لو مات أو ما مات، شنو الفرق؟ والثاني أن جاء هذا الرجل جاء قتلنا كلنا“.

أخبار ذات صله