fbpx
التعليم.. المأساة المنسية

(شكوت وما الشكوى لمثلي عادة* ولكن تفيض العين عند امتلائها)..

الطالب اليمني ليس بليدا، بل في الغالب ذكي بفطرته وطموح بطبعه، فكم من العلماء والأدباء والشعراء ولكن كما قال الشوكاني: ( جبل أهل اليمن على دفن محاسن علمائهم وغمط أفاضلهم).

ومع ذلك لا زال كثير من اليمنيين يتصدرون الجامعات العربية والإسلامية، وفي العلوم المادية يكفي أن تعلم أن رئيسة منظمة الذكاء العالمية شابة يمنية من تعز، وممن ساهم في وكالة ناسا في وضع حسابات هبوط المسبار على المريخ يمني من لحج، ومن طور تقنية التقاط الصوت في الجوال وتحويله إلى أوامر يمني أظنه من صنعاء، ومن حضرموت هامات كبيرة برزت على مستوى العالم في علوم وجوانب كثيرة؛ وكم في اليمن من عقل موفور وذكاء مقبور..

 

الشأن في البيئة التعليمية، في الغرب منظمات تنقب عن المواهب وترعاها وتوجهها في تخصصها لتبلغ أرقى المستويات، وفي اليمن تحطم المواهب من كل اتجاه، ولا زال سائد مبدأ اللورد كرومر الذي وضعه لتدمير التعليم في مصر(علمه كل شيء حتى لا يعلم شيئا)، فالمناهج والمباني والوسائل والطرق ووضع الطالب والمعلم كلها عقبات في بيئتنا التعليمية تحتاج إلى جهود كبيرة لمعالجتها..
كان شيخنا علي بكير الحضرمي حين ينشد قول الشاعر؛

( إذا ثقفت يوما حضرميا..لجاءك آية في العالمينا)
يعقب: بشرط أن يخرج من حضرموت..

للأسف كانت اليمن قبل الحرب فيها من أعلى معدلات الأمية في العالم فما بالك اليوم والمنظمات تتحدث عن أرقام كبيرة من الصغار خارج المدارس، مع أن نسبة الأمية في فلسطين من أقل المعدلات عالميا..

وزاد الطين بلة سيطرة الحوثي فماذا يتوقع منهم وغاية همهم إدخال مفاهيمهم في مناهج التعليم وترديد الصرخة.

في كل مناطق اليمن هناك توجه لعسكرة الأجيال وعسكرة الحياة والمستقبل، ووجد كثير من الشباب في تلك المخاطرة طريق مختصر للمستقبل، مع الفقر وغياب الوظائف وضعف التنمية وانسداد أبواب الغربة والعمل، ولم يعد المدرس قدوة في نظرهم، بل ظروف الحياة أجبرت بعض المدرسين ليتحول إلى عسكري..

 

مهما كانت العقبات فإن الشعوب الحية والواعية لا تستلم للجهل وتفرط في أجيالها فهم اعظم ثرواتها، وكم من شعب نهض بعد كبوة عندما اتجه للتعليم كما قال صانع نهضة سنغافورة ( لي كوان) عن تجربة بلادة وأنها نهضت بالتعليم ثم تأسف لحال العرب أنهم ضيعوا التعليم في بلدانهم..

مهما كانت العقبات فلا بد للنخب في المجتمع أن تقوم بدورها في التوعية والتوجيه إلى أن تأتي دولة رشيدة تتبنى النهضة بالتعليم، وعلينا ألا نستهين بكل جهد أو كلمة نرفع بها همة الطلاب وعزيمتهم ( فرب كلمة أحيت همة ورب همة أحيت أمة)..

وأعظم النجاح ذاك الذي يشق طريقه مع كثرة التحديات وشحة الإمكانيات، وهذه صفة اليمني في عصاميته وعزيمته عبر العصور..
( نموذج للنجاح ..شاب من صنعاء(هاشم الغيلي) درس بألمانيا، و له اثناعشر مليون متابع في الفيسبوك، واثناعشر مليار مشاهدة، يقدم برامج علمية ممتعة بأسلوب عصري سهل باللغة الإنجليزية، وللأسف أكثر نجاحه مع المتابع الغربي، وقد بثت قناة الجزيرة لقاء معه وامتدحت نجاحه رغم الصعوبات).

✍د.عبدالرحمن الهاشمي