fbpx
هجرات اليافعيين إلى الهند (2)
شارك الخبر

يافع نيوز – خاص
فيما يلي الجزء الثاني والأخير من ملخص بحثي (هجرات اليافعيين إلى الهند) المقدم إلى الندوة العلمية التي نظمها مركز عدن للدراسات والبحوث التاريخية والنشر بالتعاون مع جمعية يافع الخيرية التنموية تحت عنوان (ظاهرة الهجرة اليافعية عبر التاريخ) وعقدت في كلية التربية يافع يوم الثلاثاء 24سبتمبر2019م.
****
بما أن المهاجرين من يافع وحضرموت والمناطق المجاورة لعدن قد شكلوا نسبة كبيرة من المجندين في جيش ولاية حيدر آباد، فقد ترقى البعض منهم إلى أعلى المراتب العسكرية في هذا الجيش  وهي رتبة الجمعدارية. وكان الضباط العرب الرئيسيين الذي نالوا لقب الجمعدار كانوا من أصل جنوبي عربي، وقد كان هذا كافياً لمعرفة تكوين جيش نظام حيدر آباد، وقد اشتهر من هؤلاء بشكل خاص: الجمعدار عمر بن عوض القعيطي اليافعي والجمعدار غالب بن محسن الكثيري الحضرمي والجمعدار عبدالله بن علي العولقي من منطقة العوالق (شبوة حالياَ) . ولكن دراستنا تكشف عن عدد آخر من الجمعدارات من اليافعيين الذين لم نسمع بهم من قبل، والفضل في ذلك للوثائق والمراسلات الأسرية التي حصلنا عليها والتي لولاها لما كان لنا أن نعرفهم عنهم شيئا، وهؤلاء هم:
1- الجمعدار عبدالحبيب ابن سالم احمد عمر أحمد عبدالله الحطيبي العمري البكري، ورد اسمه ورتبته في وثيقة توكيل مؤرخة سنة 1219هـ من وريثه علي أحمد ابن عبدالرحمن ابن أحمد ابن عبدالله الحطيبي العمري البكري الذي وكَّل القاضي عبدالحبيب ابن الفقيه أحمد ابن حيدر علي ابن عزالدين البكري في كل ما ورَّثه وخلّفه الجمعدار عبدالحبيب ابن سالم في جهات بلاد حضرموت. وتذكر وثيقة أخرى، مؤرخة 1220هـ، أنه حصل الانقطاع الشرعي بين وَرَثة عبدالحبيب ابن سالم أحمد عمر الحطيبي العمري البكري وهم الشيخ الخضر ابن محمد عبدالله عنه وعن أخوته بوبك (أبوبكر) وعبدالكريم وعيال أحمد ابن محمد وعن كريمته فاطمة بنت محمد عبدالله في وريثة عبدالحبيب ابن سالم، وهذا يعني أنه عاش في الهند قبل وفاته بعقود حتى حصل على الجمعدارية، وبذلك يكون من أقدم من حصل على هذه الرتبة العسكرية الرفيعة.
2- الجمعدار عبدالله حسين الخلاقي، ورد اسمه في رسالة مؤرخة 1230هـ.
3- الجمعدار عبدالقوي بن عمر حسين المرفدي، ورد اسمه في نفس الرسالة المؤرخة 1230هـ.
4- الجمعدار معوضة سعيد، ورد اسمه في نفس الرسالة المؤرخة 1230هـ.
5- الجمعدار مثنى بن.. ورد اسمه هكذا ناقصا  في نفس الرسالة المؤرخة 1230هـ.
6- الجمعدار أبو بكر بن عوض بن علي بن عمر الفتح الدغشري العكري الخلاقي الموسطي اليافعي، ورد اسمه الكامل في رسالة  بعث بها إلى أخيه عبدالقوي بن عوض بن علي بن عمر الفتح الخلاقي اليافعي مؤرخة في  22عاشور سنة 1264هـ/الموافق21/10/1848م. وفي وثائق ومراسلات عديدة يذكر فيها برتبته العسكرية (جمعدار)، بما في ذلك وثائق خاصة بورثته، وتوجد وثيقة بختمه مؤرخة 25جماد الآخر 1280هـ يقر فيها بوقفه طينا (ارض زراعية) من أملاكه لصالح مسجد الطلح في خلاقة. وتوفي سنة 1289هـ كما جاء في وثيقة توكيل من أخيه عبدالقوي بن عوض لموكله في الهند صالح عبد الخلاقي بتمثيله في كل ما ورثه الجمعدار في حيدر أباد.
7- الجمعدار محسن أحمد الخلاقي، ورد اسمه ورتبته سنة 1257هـ في رسالة من أحمد عبدالنبي بن عوض بن دينيش البكري، وفي رسالة الجمعدار أبوبكر عوض سنة 1280هـ.
8- الجمعدار جابر بن ناصر الرباكي الخلاقي، ورد اسمه ورتبته في رسالة الجمعدار أبوبكر عوض سنة 1280هـ.
9- الجمعدار عوض بن عوض القعيطي ورد اسمه ورتبته في رسالة الجمعدار أبوبكر عوض سنة 1280هـ.
10- الجمعدار أحمد بن خلف بن عبدالله بن علي بن عثمان العبادي، امتلك نسخة مخطوطة نادرة من القرآن الكريم مكتوبة بخط يد جميل وغلاف جلدي، وفي خاتمها كتب ناسخها صالح بن حميد بن خميس بن محمد بن عبدالله المسكتي أنه قد ختم هذا الكلام يوم الاثنين 11 من شهر ذي القعدة سنة 1262هجرية. وورد اسمه مع لقب الجمعدار في رسالة مؤرخة 1264هـ من الجمعدار أبوبكر بن عوض الخلاقي، وكذا في رسائل أسرته.
11- الجمعدار حسين بن خلف العبادي،  ورد اسمه الأول فقط في رسالة من ناصر بن محمد احمد خلف  وعبدالله بن محمد احمد خلف آل باعباد محررة  يوم السبت سلخ القعدة سنة 1296هجرية. وقد يتبين لنا اسمه الكامل من وثائق أو مراسلات أخرى يمكن الحصول عليها مستقبلا.
12- الجمعدار علي بن أحمد خلف العبادي، ورد اسمه ولقبه في رسالة مؤرخة سنة1324هـ.
13- الجمعدار محمد بن أحمد خلف العبادي حسب رسالة محررة سنة 1355هـ..
14- الشاووش السنيدي بن أحمد علي البكري، ورد اسمه ورتبته في رسالة من أحمد معاضة بن عوض البكري سنة 1230هـ  ويذكر فيها أن السنيدي ابن أحمد البكري بخير وفي أتم الصحة والعافية وأنهم في بلاد واحدة ، هي بونة، وإذا كتب الله لهم بالعافية فأنهم مسافرين من الهند لسوء أحوال العسكرة بسبب خلاف الفرنجي(الانجليز)  مع (الخوند راكي بونة). وكانت وفاته في 30 ذي الحجة  (شهر عرفة)  سنة 1233هـ بعد مرض عضال عانى منه طوال سنتين، حسبما ورد في رسالة موجهة لعبدالحبيب بن أحمد حيدر الفقيه البكري وحيدر بن عبدالله بن أحمد الفقيه البكري.
جدير بالإشارة أن رتبة الجمعدارية لم تكن مجرد قيادة عسكرية عليا في الجيش فحسب، وإنما كان من مهام الجمعدارية أيضاً القيام بالإشراف على أمور التجنيد والتسليح ودفع المرتبات للرجال العاملين تحت إمرة الجمعدارات، الذين كانوا يعمدون عند عملية التجنيد إلى اختيار الرجال المنتمين إلى قبائلهم ومناطقهم بالذات.
ولا شك أن هناك آخرين من أبناء يافع عموماً قد بلغوا مراتب عسكرية عالية في نظام حيدر عباد، لكن لم تصل إلينا أسماؤهم لانعدام التوثيق وصعوبة الحصول على المعلومات عنهم، وقد نحصل على وثائق ومراسلات في المستقبل من أرشيف الأسر اليافعية ذات الصلة بالمهجر الهندي تكشف المزيد من الأسماء ذات التأثير العسكري أو الاقتصادي وغير ذلك.
ونجد تأثير المهجر الهندي في الأدب والشعر وفي لغة المهاجرين التي لا تخلو من الكلمات الهندية، وأشعار يحيى عمر اليافعي “أبو معجب” خير دليل على ذلك، وتقدم الدراسة نماذج من تلك الأشعار ليحيى عمر وغيره تعود لمهاجرين هناك، كما تتعرض لتأثير المهجر الهندي الواضح في بعض العادات اليافعية وفي وأدوات الزينة والملابس ومسمياتها..الخ.
وبشكل عام فإن هذه الدراسة تكتسب أهميتها بتفردها في دراسة أحوال وشئون المهاجرين اليافعيين إلى الهند منذ القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين في ضوء وثائق ومراسلات أصلية تنشر لأول مرة، وهي تكشف عن جوانب خفية وحلقات مجهولة من تاريخ المهاجرين، كاد أن يطويها النسيان، وتبين ظروف وأسباب هجرتهم التي تعد اختيارية وفردية وأهم دوافعها اقتصادية بحتة بهدف كسب الرزق، وقد تكون حافزا للدفع بآخرين من الأسرة أو الأسر الأخرى خاصة عند احراز نجاح  فبوجود عوامل الجذب فأن الرعيل الأول من المهاجرين يستدعون أقربائهم إما لمساعدتهم أو للحاق بهم لتحسين أحوالهم المعيشية، ونتعرف على طرق ووسائل سفرهم وصعوبات الوصول في عرض البحر وكيفية تقبلهم وضعهم وعملهم في موطن الاغتراب وظروف معيشتهم وارتباطهم الحميم بوطنهم وتواصلهم مع أهلهم واستمرار دعمهم والتعرض لتأثيرهم الاقتصادي والاجتماعي في يافع وغير ذلك مما يمكن استخلاصه من مضامين هذه الوثائق الثمينة والنادرة التي تكشف جوانب خفية عن حقبة المهجر الهندي، بما في ذلك ثقلهم العسكري والاقتصادي على موطنهم الأصلي وكيفية اندماجهم في مجتمعاتهم الجديدة وتأثير هجرتهم الطويلة على أسرهم ، خاصة الزوجات والأمهات اللاتي يعشن خلال سنوات الاغتراب في ترقب وشوق لعودة المهاجرين، ولعل الزوجات هن أكثر انتظارا لعودة أزواجهن اللاتي تزداد معاناة بعهن، فوفقاً للتقاليد، فإن أعمال حراثة وزراعة الأرض عمل من اختصاص الرجال، لكن عملية التنقل والهجرة  تغير الظروف تغييراً جذرياً، فعندما يعمل الرجال في أماكن اغترابهم  البعيدة عن أسرهم، فإن النساء يضطررن للتكيف والقيام بأعمال رجالهن المهاجرين، أو المتوفين في مهاجرهم أو ممن يطول انتظارهم وتنقطع أخبارهم، حيث يغيب البعض لسنوات طويلة وقد يرتبط بالزواج من هنديات مسلمات.
ورغم عيشهم في مهاجرهم واستقرار كثيرين منهم واندماجهم بالتزاوج إلا أنهم يحافظون على تقاليدهم التي تكون لها سلطة قوية في إملاء معايير السلوك والآداب الاجتماعية , ولذلك يظل اليافعي محافظاً على تراثه وعاداته وتقاليده , وهو ما يفسر حب المهاجرين منهم لمسقط رأسهم وتعلقهم بأهلهم وقومهم وعشيرتهم.
كما تقدم هذه الدراسة من خلال الوثائق والمراسلات تفاصيل قيمة عن جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والدينية والعلاقات الأسرية والمشاكل الاجتماعية والتأثير الواضح للمهجر الهندي على جوانب الحياة العامة في يافع في تلك الحقبة وكذا الترابط الوثيق والتقارب بين الحضارم واليافعيين في مهجرهم، علما أن هذه الدراسة لم تتعرض لليافعيين الحضارم.
ختاما يلزمني الوفاء أن أزجي جزيل الشكر لكل من ساعدني في الحصول على الوثائق والمراسلات عن حقبة المهجر الهندي التي كانت المادة الرئيسية لهذه الدراسة، وأخص بالذكر هنا: ناصر علي الفقيه البكري، محمد علي بن خلف العبادي، قاسم صالح دينيش البكري، محمد حسين العاقل بن دينيش البكري، صالح بن صالح الجليل الخلاقي، عبدالله سالم أحمد البكري، محمد صالح السنيدي وصلاح أحمد حسين الواحدي، ولا أنسى من توفاهم الله وعلى رأسهم والدي الحاج صالح عبدالرب بن سكران الخلاقي، وقاسم صالح بن صالح عمر بن سكران الخلاقي(رحمهما الله واسكنهما فسيح جناته). وأرجو أن تكون هذه الدراسة حافزا لكل المعنيين بتقديم صور مما لديهم من وثائق عن حياة المهاجرين سواء في الهند أو في غيرها من المهاجر التي ينتشر فيها اليافعيون لتوسيع إطار هذه الدراسة في المستقبل وإصدارها في كتاب توثيقي.
أخبار ذات صله