fbpx
الحرب على الجنوب مستمرة

 

الحرب اليمنية تفيض بالمفارقات السريالية العجيبة التي لا يستطيع تفكيك طلاسمها إلا من يمتلك معرفة عميقة وواسعة بطبيعة المتحاربين وأهدافهم (المضمرة وليس المعلنة).

في العام ٢٠١٥م قاتل الجنوبيون بشراسة استثنائية وبفدائية نادرة، وبدعم الأشقاء في دول التحالف تمكنوا من دحر النقلابيين (الحوافش) وسلموا الأرض المحررة للسلطة الشرعية التي يرأسها الرئيس هادي، بينما توقفت القوات الشرعية (للأشقاء الشماليين) منذ العام ٢٠١٥م عند نقاط ثابتة لم تتغير وهي تتلقى من الدعم العربي (السعودي والإماراتي) عشرات أضعاف ما تلقته وتتلقاه المقاومة الجنوبية، الذي عبر ويعبر أبناء الجنوب عن عرفانهم وامتنانهم له. 


لم يختلف سيناريو ٢٠١٩م عن سينارييو ٢٠١٥م إلا في دخول بعض اللاعبين الجدد، الذين كانوا في ٢٠١٥م مرتبكين من هول ما جرى لهم مع شركائهم السابقين، ففي حين يخوض الجنوبيين حرباً ضارية في جبهة الضالع (بمديرياتها الجنوبية والشمالية) صداً للعدوان الانقلابي الحوفاشي الجديد، تفتح لهم قوات الشرعية جبهةً جديدةً في محافظة شبوة من خلال افتعال صراع لا مبرر له ولا معنى سوى خدمة المشروع الانقلابي، بصيغةٍ مباشرة أو غير مباشرة.


لا أرغب في الخوض في علاقة كل هذه المظاهر الحربية على الجنوب بالتسريبات التي تكشف الصراع الجنوبي الشمالي داخل معسكر الشرعية والضغط باتجاه إجبار الرئيس على نقل صلاحياته لنائبه، خصوصا بعد اتساع التحالف بين فرقاء ٢٠١١م وتسليم البرلمان لأبرز خصوم الثورة الشبابية، ولن أخوض في تلك التي تتحدث عن تحالفات (انقلابية شرعية) لنقل المعركة جنوبا بعد استبعاد الرئيس هادي أو نقل صلاحياته، لكنني اتوجه بنصيحة صادقة للعقلاء (وغير العقلاء) من الأشقاء صانعي القرار في الشمال فحواها “لقد حاولتم تركيع الجنوب في العام ١٩٩٤م ونجحتم في اجتياح الأرض وإجبار البعض على الخنوع والقبول بسياسات الإملاء والإذلال والتبعية، لكن هل ظفرتم بالسكينة؟ وهل نجحتم في بناء دولتكم التي وعدتم الناس بها بمجرد انقشاع غيوم تلك الحرب؟ وهل حققتم حتى لأهلكم وأتباعكم الأمان وبناء افق مفتوح للنمو والنهوض وتحديث البلد ولو وفق ما صممتموه في رؤوسكم قبيل غزوكم للجنوب؟


لن أجيب على هذه التساؤلات فأنتم ادرى بالإجابة، لكنني أقول لكم أن اي محاولة لتركيع الجنوب مزةً أخرى (تحت مظلة الرئيس هادي الذي تسمونه الشرعي ولم تدعوه يغير موظفاً واحداً في مكتبه) او بدونه، ان اي محاولة كتلك لن تكون إلا بذرة إضافية لتوسيع دائرة الكراهية بينكم وبين الشعب الجنوبي، وتدمير الشعبين في الجنوب والشمال على السواء، بينما يوجد خيار أفضل لنا (كشعب جنوبي) ولكم (بافتراض انكم تمثلون الشعب الشمالي الشقيق)، وهو العودة إلى خيار الدولتين، والقبول بالتعايش والتعاون والشراكات المتعددة بينهما، والكف عن ألعاب الخدع البصرية والادعاءات الزائفة التي لا تسمنكم ولا تغنيكم من جوع، لكنها تلحق الضرر والدمار في الشعبين فوق ما ألحقتموه بهما من أضرار وعمليات تدميرية.


“واللهُ على ما أقولُ شهيد”