fbpx
همس اليراع وداعاً فريد بركات

بقلم/د. عيدروس نصر

بحزن كبير وحسرةٍ أكبر تلقيت اليوم (السبت 18/ مايو/ 2019م) نبأ وفاة الشخصية الأدبية والسياسية والفكرية الجنوبية الفقيد الكاتب والشاعر والناشط السياسي الأستاذ فريد محمد بركات، عضو اللجنة المركزية للحزب الشتراكي اليمني، وعضو الهيئة التنفيذية السابق لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين، ورئيس تحرير مجلة قضايا العصر (سابقاً) التي سخرت صفحاتها لقضايا الفلسفة والفكر من وجهة نظر تنويرية حديثة وعلمية.

ينتمي فريد بركات إلى جيل فترة النهوض الثوري ومقاومة الاستعمار في عدن وبقية المدن الجنوبية، وقد انتمى الفقيد إلى حزب اتحاد الشعب الديمقراطي بقيادة الفقيد الأستاذ عبد الله عبد الرزاق باذيب، وبالتتابع واكب كل التطورات التي أدت إلى قيام التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية الذي غدا عضواً في لجنته المركزية في المؤتمر التوحيدي المنعقد في ١١-١٣ اوكتوبر العام ١٩٧٥م، ثم الحزب الاشتراكي اليمني بعد العام ١٩٧٨م.

كان فريد فريداً في تفكيره وسلوكه، كما في مواقفه وقناعاته، كان مميزا في عطاءاتها كما كان متفردا في إبداعاته الفكرية والأدبية، فقد كان من الشخصيات السياسية ذات الثقافة الموسوعية، فبجانب نشاطه السياسي كان شاعرا حداثيا وغنائيا ملتزما وناقدا ادبيا وفنيا غزير الانتاج وكنت اقرأ له المقالات والدراسات النقدية والقصائد الحديثة عندما كنت ما أزال تلميذاً في المرحلة الثانوية، قبل أن اتعرف عليه عن كثب بعد ذلك بسنوات، ومن كلماته العديد من الأغاني التي غنتها فرقة الأنشاد مثل: “صبُّوحة خطبها نصيب” وهي من الألحان التراثية أعدها ونفذها الموسيقار المعروف الأستاذ أحمد بن غوذل، و”حمام الشوق” و”يا سامعين الصوت” ألحان الموسيقار المرحوم احمد قاسم وغناء الفنانة فتحية الصغيرة، و”اشتقت لك” و”أجمل هوى” لحن وغناء الأستاذ المرحوم محمد مرشد ناجي وغيرها.

لم أقابل الفقيد إلا بعد العام ١٩٨٨م بعد إكمالي للماجستير وجمعتنا عدة فعاليات فكرية وثقافية، وأتذكر أننا اختلفنا في التقييم لبعض الأحداث في أول فعالية نحضرها معا وكان هذا الاختلاف عربون الصداقة اللاحقة التي دامت اكثر من عقدين.

كنا نلتقي على هامش الفعاليات الادبية والفكرية، وفي العام ١٩٩٧م شاركنا في المؤتمر السابع لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في صنعاء وانتخبنا (الاثنين) عضوين في الهيئة التنفيذية للاتحاد.

وفي العام ٢٠٠٠م استعاد عضويته في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي في الدورة الثانية للمؤتمر الرابع للحزب، وكان له حضورٌ فاعلٌ في كل فعاليات اللجنة المركزية واجتماعاتها.

كان الفقيد من ذوي التوجه الديمقراطي القائم على احترام الآخر المختلف، ومن الحريصين على تعظيم قيمة الحياة المؤسسية، كما كان يؤمن بأن الحقيقة ملكاً لكل من يبحث عنها ولم يدّعِ قط التفوق أو التميز عمن سواه أو من هم دونه سنًّا او تجربةً او مقاماً.

في إحدى اللقاءات الكثيرة حكى لي الكثير من التفاصيل عن فكرة إنشاء حزب “التجمع اليمني الديمقراطي” الذي كان قد أعلن عن التحضير له برئاسة المرحوم الفقيد الأستاذ علي عبد الرزاق با ذيب ولماذا فشلت الفكرة (سادع الحديث عنها لمقام آخر).

غياب الأستاذ فريد بركات خسارة كبيرة لكل أنصار الفكر والحداثة والثقافة والادب وقبل هذا وبعده خسارة على هذا الوطن الذي لم يعد يحظى إلا بالخسائر.

وبهذا المصاب الجلل أتقدم بصادق العزاء وعميق المواساة لأولاد الفقيد وأسرته وكل آله وذويه ومحبيه، وللزملاء في قيادة الحزب الاشتراكي اليمني وقواعده وإلى الحركة السياسية الجنوبية والأسرة الادبية في الجنوب والشمال وأدعو الله سبحانه وتعالى ان يتقبل الفقيد بواسع رحمته وان يلهم اهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان ، وانا لله وانا اليه راجعون .