fbpx
المغارة الذهنية في مقال “مغارة جنوبية” (2) : الإرهاب والجنوب

 

يكتب الغفوري في مقاله الأخير ما يلي ” قامت قوى شعبية متطرفة بإحراق خيام المعتصمين في عدن والمكلا، بينما التحق شعبويون كثيرون بتنظيم القاعدة جنوباً. إمعاناً في شيطنة الشمال اعتبر تنظيم القاعدة، هو تنظيم جنوبي إلى حد كبير، مجرد حيلة شمالية تهدف إلى إعاقة أحلام الجنوبي. تقرر دولياً أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، مقره في جنوب اليمن، هو التنظيم الأخطر في الجزيرة العربية. قتل تنظيم القاعدة الجنوبي جنوبيين، ثم تسلحت القوى الجنوبية وقتلت جنوبيين”
وفي مقالٍ سابق (المأساة المؤجلة: أن يموت علي محسن الأحمر) كتب أيضاً بأن ” الساسة الجنوبيون يحلفون: علي محسن الأحمر هو تنظيم القاعدة التي تنشط عندنا”.

 

دعكم الآن من معلومات يعرفها العالم كله من أقصاه إلى أقصاه، مثلأ، أن علي محسن وفرقته الأولى مدرع كانت من أهم مراكز تدريب المجاهدين على مستوى العالم كله الذين ذهبوا إلى أفغانستان، ثم التكفل باستقبالهم عند عودتهم من مهمة الجهاد، وبعض من هؤلاء العائدين التحقوا فيما بعد بالتنظيمات المتطرفة. عندما ستسألون الغفوري، وسيبكم يعني من كل التقارير الدولية التي نُشرت حول الموضوع، لماذا تم إدراج علي محسن الأحمر وعبدالمجيد الزنداني في قائمة المطلوبين الدوليين للإرهاب؟ أكيد لن يقول لكم بأن يمينات الله المغلظة للسياسيين الجنوبيين كانت وحدها أدلة الإدانة والسبب في أدراجهما، وإلا لكان علي عبدالله صالح نفسه الأول في هذه القائمة اعتماداً على جهود الكاتب العظيمة في تتبع وتقصي كل شاردة وواردة لإثبات تورط صالح بدعم التنظيمات الإرهابية، وكما سنورد مقتطفات من مقالاته لاحقاً.

 

دعكم الآن من تساؤلات بسيطة ساذجة على شاكلة: لماذا لا تقتل القاعدة في اليمن إلا جنوبيين، وتحديداً العناصر الأمنية والعسكرية المحسوبة على تيار الانفصال؟ بما يُخالف كل التوقعات والحسابات.

 

دعكم من كل ذلك، وألقوا نظرة ولو خاطفة على ما كتبه الغفوري نفسه قبل بضع سنوات وربما بضعة شهور، فهي كافية لإيضاح الصورة كاملة، دون حاجة إلى أي جهد للرد والتعليق  ( كل المقالات سأرفقها في التعليقات).

 

– ” في عام 2006 تتبعت خيوط ارتباط صالح بالجماعات الإرهابية في مقالة بعنوان «الحاكم إرهابياً» نشرت في صحيفة الصحوة. حينذاك سادت أجواء الانتخابات في سماء البلد مع إعلان بن شملان موافقته ليكون مرشح الإجماع الوطني. بيدَ أنه سرعان ما حلت أجواء الإرهاب والتفجيرات محل كل ذلك، واختطف صالح المشهد لصالحه، ومن خلفه ارتفعت صورة تراجيدية لسيارات مفخخة خرجت من اللامكان وانفجرت في أكثر من مكان. بالقاعدة واجه صالح كل الناس، الداخل والخارج، وابتز كل الجهات بحسب حاجته. في واحدة من وثائق ويكيليكس اشترط صالح على الأميركان ترسانة عسكرية لواحد من ألوية الحرس الجمهوري المملوك لنجله مقابل حصولهم على رجل من القاعدة وصفه بقوله «يتحرك تحت أعيننا». صديقان جنوبيان جلسا إلى جوار صالح في صنعاء ثم فرا جنوباً وذهبا يدونان ما يجري في القصور الجمهورية وله شأن بالإهارب. ففي لقاء مع صحيفة «حديث المدينة»، مركزها في تعز، قال طارق الفضلي إن رئيس جهاز الأمن القومي استدعاه في يناير 2008 وطلب منه التواصل مع القاعدة لأجل تصفية قادة الحراك الجنوبي باعتبارهم شيوعيين. يؤكد الفضلي إن الرجل الأمني الأبرز أخبره أن أميركا، والعالم، سيعتمدون الرواية التي ستقدمها الحكومة، وأن شيوخاً كباراً في صنعاء سيصدرون فتاوى ما. بعد أربعة أشهر من ذلك اللقاء الذي زعمه الفضلي كان الأخير قد التحق بالحراك الجنوبي وترك صنعاء حتى الآن” (من مقال بعنوانٍ دال: “موجز تاريخ القاعدة في اليمن”.

 

– ” قامت جهات داخل السجن المركزي بصنعاء بتنظيم عملية الهروب، قدمت كل التسهيلات، بدءاً من التنسيق مع قائد تنظيم القاعدة نفسه، الوحيشي، الذي يظهر في الفيديو باعتباره العقل المدبر لكل شيء بما في ذلك هذه العملية، فهو الوحيد المخول بإصدار قرار كهذا، ومروراً بتزويد السجناء بكميات كافية من «تي إن تي» يكفي لصناعة قنابل قال إن قوتها الانفجارية بدت كأنها مفخخة!، وصولاً إلى تحديد ساعة الفعل، الطريق إلى السور، المكان المناسب من السور، موقع الانتظار في الخارج ( مقال: القصة الكاملة لتواطؤ إدارة السجن المركزي مع القاعدة).

” لدى التنظيم معتقلون في السعودية ولدى أجهزة صالح التي تقع خارج سيطرة قصر السبعين. كما يحتاج التنظيم للمال، وهو يجيد التفاوض والحصول على المكاسب. إشارة الريمي إلى فبركة صورة لهادي وهو في وزارة الدفاع، وتأكيده على هدف العملية الذي لم يكن ضمن تفاصيله اغتيال هادي، بما في ذلك تأكيده غياب هادي عن المجمع، هي محاولة لإبعاد الصفة السياسية عن العملية. تبرئة لصفحة جهات أخرى ربما تكون قد طلبت منه التأكيد على تفاصيل بعينها: هادي لم يكن موجوداً، ولم يكن مستهدفاً.لا يوجد سوى معنى سياسي وحيد لحرص التنظيم على نفي استهدافه لهادي، وقوله إن هادي لم يكن موجوداً: خصوم هادي السياسيين بريئون تماماً. هكذا يقول البيان. إذا كان التنظيم يحارب هادي وصالح معاً، باعتبارهم عملاء لأميركا، فلماذا يفوّت فرصة ذهبية: أن يشتبك الرجلان في حرب على أكثر من مستوى على إثر هذه الحادثة؟ لماذا يحرص على تبني عملية هي بالمعنى الأخلاقي ضربة مدوية لسمعته ومصداقيته في بلد محافظ لا تزال نسبة كبيرة من سكانه تثق به؟ قال الريمي أيضاً إنهم مستمرون في جهادهم في اليمن وبالطبع، ضد اليمنيين” (مقال: قاسم الريمي تفاهة الشر”).

طبعاً هناك إشارات كثيرة في مقالاته، ونظراً لضيق الوقت والحيز، سأكتفي بذلك، ويمكن أن تساعدونا في إحضارها إلى التعليقات.

الآن فقط تأملوا؛ من الذي يُشيطن الشمال أكثر ؟ اعتماداً على زعمه بأن اتهام صالح أو محسن بالتواطئ مع التنظيمات الإرهابية هو إمعانٌ في شيطنة الشمال!