fbpx
مصر والسودان ..تاريخ العلاقات المتوترة (القصة الكاملة)
شارك الخبر

 

يافع نيوز – القاهرة:

في تطور جديد للخلافات التي بدت واضحة بين مصر والسودان، قررت الأخيرة استدعاء سفيرها بالقاهرة للتشاور، بدون ذكر أسباب، وهو ما عقبت عليه الخارجية المصرية بأنها تقيم الموقف بشكل متكامل لاتخاذ الإجراء المناسب.

وتدهورت العلاقات بين مصر والسودان لأسباب عدة أبرزها ملف حلايب وشلاتين ودعم السودان لسد النهضة الإثيوبي، وأخيرا قرارها بمنح تركيا الحق في إدارة جزيرة سواكن  السودانية.

تقع جزيرة سواكن على الساحل الغربي للبحر الأحمر شرق السودان، وتبلغ مساحتها 20 كلم مربع على ارتفاع 66 مترا عن سطح البحر، وتبعد عن الخرطوم حوالي 560 كلم،  وتعتبر حاليا الميناء الثاني في السودان.

سد النهضة 

ويعد ملف سد النهضة من أهم أسباب توسيع هوة  الخلاف بين البلدين،  وذلك لأن السودان تدعم سد النهضة الذي سيؤثر سلبا على حصة مصر من مياه النيل.

سد النهضة

وقبل أيام تناثرت الشائعات حول طلب مصر إقصاء السودان من مفاوضات اللجنة الثلاثية بشأن تقييم آثار سد النهضة، وهو ما نفته وزارة الخارجية المصرية.

وكانت مصر أعلنت في 13 نوفمبر الماضي، تجميد المفاوضات الفنية مع السودان وإثيوبيا بشأن سد “النهضة”، بعد فشل الاتفاق بشأن اعتماد تقرير لمكتب استشاري فرنسي حول السد.

فيما اقترحت مصر خلال زيارة وزير الخارجية سامح شكري لإثيويبا، في 28 ديسمبر 2017، إدخال البنك الدولي طرفا محايدا في المفاوضات، وقال المتحدث باسم الخارجية أحمد أبو زيد، إن مصر تقدمت بالمقترح للحكومة السودانية، وتنتظر رد كل من إثيوبيا والسودان .
تراشق إعلامي

ومما زاد من حدة التوتر ذلك التراشق الإعلامي بين البلدين، ومن ذلك ما قاله ابراهيم الغندور وزير خارجية السودان في تصريحات رسمية بإن مصر استخدمت لسنوات طويلة جزءًا من حصة السودان من مياه النيل، وإن مصر منزعجة لأنها ستخسر تلك المياه عند اكتمال بناء سد النهضة لكونه سيمكّن السودان من حصته بالكامل.

وزير خارجية السودان

ورد سامح شكري وزير خارجية مصر بقوله إن ما استخدمته مصر من مياه حصة السودان في السابق كان فائضا عن قدرته الاستيعابية وبموافقته وليس سلفة أو منحة.

ووصف شكري طرح غندور بأنه غير دقيق، معربا عن دهشته واستغرابه من طرح الأمور على هذا النحو، بل الحديث عن دائن ومدين في العلاقات المائية بين البلدين، وهو الأمر غير الوارد اتصالا بالموارد الطبيعية.

 

حلايب وشلاتين 

وعلى صعيد التوتر بين البلدين يأتي ملف حلايب وشلاتين، وصدور تصريحات من وزير الإعلام السوداني تؤكد أن فرعون كان سودانيا.

وتتمتع حلايب وشلاتين بأهمية استراتيجية كبيرة، إذ تعتبرها مصر عمقًا استراتيجيًا هامًا كونها تجعل حدودها الجنوبية على ساحل البحر الأحمر مكشوفة ومعرضة للخطر وهو الأمر الذي يهدد أمنها القومي.

صورة من منطقة حلايب

وتعود تلك القضية إلى عام 1958 عندما قررت سلطة الاحتلال البريطاني ضم حلايب إلى الأراضي السودانية، وفي عام 1899 صنف الحكم الثنائي الإنجليزي-المصري مثلث حلايب تابعالمصر، ثم عاد وضمه إلى السودان في عام 1902.

وعقب ثورة 23 يوليو، أراد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إعادة السيادة المصرية عليها، وأرسل قوات إلى المنطقة للسيطرة عليها.

وحاولت السودان جر مصر إلى التحكيم الدولي وهو ما كان يرفضه الجانب المصري، ووفقا للقانون الدولي لا يمكن اللجوء إلى المحكمة الدولية إلا باتفاق الطرفين.

وتقدمت السودان بشكوى ضد مصر لدى مجلس الأمن، بسبب إجراء الانتخابات البرلمانية عام 2015 في حلايب وشلاتين، وأعيد فتح الملف بعدما وقعت مصر مع السعودية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في أبريل العام الماضي.

قرارات التصعيد 

وأخذت الأزمة تطورا آخر، وذلك بقرار الحكومة السودانية بفرض تأشيرات دخول على المصريين ومطالبات المصريين لحكومتهم بالتعامل بالمثل وفرض تأشيرات على السودانيين، مع طرد السودانيين المقيمين في مصر.

تاشيرة السودان

وفي المقابل قررت مصر إبعاد صحفيين سودانيين من أرضها، فيماهدد وزير الخارجية إبراهيم غندور بإبعاد أي مواطن مصري حال تكرر الأمر.

 

 التمرد الدارفوري

وفي مايو الماضي شهدت العلاقات بين البلدين توترا متلاحقا حيث خرجت تصريحات سودانية تتهم مصر بدعم حركات التمرد الدارفورية.

ونشرت الصحف السودانية تقارير قالت فيها إن المخابرات المصريّة تكثّف لقاءاتها مع المعارضة السودانيّة، وهو ما رد عليه أحمد أبو زيد المتحدث باسم الخارجية بإن سياسة مصر الخارجية تتأسس على احترام القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار وعدم الاعتداء على الغير.

حركة تمرد دارفور

وأضاف في بيان آنذاك “إن مصر تحترم سيادة السودان على أراضيه، ولم ولن تتدخل يوما في زعزعة دولة السودان الشقيقة أو الإضرار بشعبها”.

ورد الرئيس عبد الفتاح السيسي على هذه الاتهامات، مؤكدا أن مصر لا تتآمر ضد السودان أو أي دولة أخرى، وسياستها ثابتة وهي عدم التدخل في شؤون الآخرين.

ولكن عاد وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، ليجدد اتهامته لمصر، أثناء مقابلة أجرتها معه قناة تركية قبل أيام، بقولهإن سياسيين مصريين لا يريدون أن يكون السودان دولة قوية.

وفي 9 ديسمبر الماضي ،أعلنت وزارة الري بصدد إنشاء سد مائي في منطقة وادي حوضين في منطقة شلاتين- المتنازع عليها بين مصر والسودان- بهدف الاستفادة من مياه الأمطار تبلغ سعته التخزينية 7 ملايين متر مكعب ويصل ارتفاعه إلى 12 مترا وهو من أكبر السدود في الصحراء الغربية.

 

تصعيد طبيعي 

ومن جانبه قال المحلل السياسي المعارض صلاح أبو سمرة، إن استدعاء السودان للسفير بلادها من القاهرة، أمر طبيعي في ظل التصعيد المشترك بين الجانبين المصري والسوداني.

وأوضح أبو سمرة لـ “مصر العربية”، أن التحركات المصرية بحشد قواتها على الحدود مع إريتريا،  قابلها تحرك آخر من السودان بنقل قواتها إلى الحدود ذاتها، كما أنها استدعت السفير كخطوة تصعيدية.

وأضاف نظام الحكم السوداني فعل الكثير في سبيل توتير العلاقات المصرية السودانية، خاصة باحتضانه عناصر من جماعة الإخوان المسمين وتدريبهم والدفع بهم مرة أخرى إلى مصر، لارتكاب جرائم تعكر الأمن الداخلي المصري.

وأشار إلى أنه الحكومة المصرية مارست سياسة النفس الطويل تجاه النظام السوداني، مبررا أن السلطة المصرية تتحاشى أن تسوء العلاقات بين القاهرة والخرطوم من الناحية الرسمية.

وعلى جانب أخر رأى أبو سمرة أن النظام السوداني الحاكم المتمثل في المشير عمر البشير يفرط في أراضيه وحدوده المياهية والإقيلمية للآخرين، ويتلاعب بمقدرات السودان أرضا وشعبا.

وتابع إن البشير يتبع أوامر دولية من قطر وتركيا بالإساءة إلى مصر وأمنها القومي، ولو أتيحت له الفرصة لأدخل بلاده في حروب إقليمية من أجل مصالحه الشخصية لإبقاء حكمه”.

 

النفس الطويل 

واتفق معه السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، الذي اعتبر استدعاء السودان لسفير بلادها مجرد تغطية منها على المشاكل والحروب الداخلية التي تمر بها.

وقال بيومي لـ”مصر العربية” إن استدعاء السفير أبسط أنوار إظهار القلق من جانب السودان، وهي لم توضح إذا ما كان سيعود مرة أخرى إلى القاهرة أم لأ، لذلك فإن رد الخارجية المصرية بأنها ستقيم الموقف أولا كان ردا دبلوماسيا.

ورأى أن السودان تحاول أن تختلق مشاكل مع مصر للتغطية على حروبها الداخلية، ولتوطيد علاقاتها بدول أخرى مثل تركيا وإثيوبيا.

وشدد مساعد وزير الخارجية الأسبق أنه على مصر اتباع سياسة النفس الطويل والتعامل بهدوء مع السودان، حتى لا تحقق الهدف من هذه الأزمات التي يفتعلها الجانب الأخر لتحقيق مصالحه.

 

*مصر العربية – احلام حسنين

أخبار ذات صله