fbpx
أكثر من أربعين مليون جائع في أغنى بلد بالعالم
شارك الخبر

يافع نيوز – منوع

الصورة التي تصل إلينا عن الولايات المتحدة، بلد الرفاهية والتقدم، لا تسلّط الضوء على نسبة الفقر الكبيرة في البلاد، وعدم قدرة الملايين على تأمين وجباتهم الغذائية، حتى لأطفالهم. كما أن المساعدات لا تكفي لإطعام الجميع

كيف يمكن لأغنى بلد في العال أن يعيش فيه أطفال لا يدري أهلهم من أين يأتون بوجبتهم المقبلة؟ سؤال يطرحه كثيرون حين يسمعون عن معاناة أكثر من 42 مليون أميركي من الجوع، وانعدام الأمن الغذائي. ورغم انخفاض الأرقام بالمقارنة مع عام 2008، إلا أن دراسات عدة صدرت في عام 2016 تشير إلى وجود أكثر من 42 مليون أميركي جائع. ومن بينها دراسة صادرة عن منظمة تحمل اسم “مركز البحث والعمل الغذائي”، تسعى إلى الحد من الجوع داخل الولايات المتحدة. وتفيد بأن ملايين الأميركيين يأخذون خطوات إضافية سعياً لتأمين وجباتهم اليومية في مرحلة ما خلال العام وفي أوقات متقاربة. وتفيد الإحصائيات بأن واحدة من كل خمس عائلات أميركية تعاني نقصاً في أمنها الغذائي والجوع. وترتفع هذه النسبة عند الحديث عن الأطفال، إذ يصل عدد أولئك الذين ينامون جياعاً أو شبه جياع يومياً إلى أكثر من 12 مليون طفل في الولايات المتحدة.

وتصبح الصورة أكثر تعقيداً ومأساوية، بحسب دراسات لكل من منظمة “إطعام أميركا” والمركز المدني للبحث. وتفيد الدراسات بأن بعض الفتيات من العائلات ذات الدخل المحدود تضطر إلى العمل في الدعارة من أجل الحصول على الطعام. ولم يتمكّن القائمون على الدراسة من تحديد مدى انتشار ذلك، وما إذا كان الأمر مجرد حالات فردية. إلا أنهم أشاروا إلى “وجود حالات فقر يصعب تصديقها في هذا البلد الغني”. وتوجد برامج فدرالية وأخرى تابعة للحكومات المحلية ومنظمات غير حكومية وخيرية، تحاول توفير الغذاء للأميركيين في كل أنحاء البلاد. لكن الوصول إليها أحياناً يرتبط بوصمة “عار”، خصوصاً بين الشباب الذي قد يشعر بعضهم بالخجل، ما يحول دون توجههم إلى المؤسسات أو المنظمات غير الحكومية، التي قد تؤمن لهم الغذاء. وبعض هؤلاء المؤهلين للحصول على مساعدات من الحكومة الفدرالية أو الحكومة المحلية لا يتقدمون بطلبات لأنهم لا يعرفون بوجود هذه البرامج، وأن لديهم الأحقية للحصول على مساعدات غذائية، حتى لو كانت ضئيلة. ويجد آخرون صعوبة في التعامل مع البيروقراطية الخانقة أحياناً.

وفي الولايات المتحدة مدارس تقدم وجبات مجانية للتلاميذ الفقراء، إلا أن عدداً كبيراً لا يحصلون عليها لأسباب عدة، من بينها الخوف من “عار” الفقر أمام زملائهم، أو الاعتراف بأنهم فقراء. ويفيد التقرير بأن بعض الأهالي لا يستطيعون إحضار أبنائهم إلى المدرسة قبل بدء الدوام لتناول وجبة الفطور المجانية. وقد يقضي الطفل نصف يومه جائعاً.

وتقول المساعدة الاجتماعية العاملة في إحدى الجمعيات المحلية الداعمة للعائلات المحتاجة في منطقة برونكس في نيويورك، ليلى مايس، لـ “العربي الجديد”: “تأتينا عائلات يعمل فيها أحد الوالدين وظيفة كاملة، لكنّ راتبه لا يكفيه لدفع بدل إيجار ومصاريف الطعام والملابس، حتى لو حصل على معونات إضافية من الدولة”. تضيف أن هذه المعونات محدودة جداً، وبالكاد تكفي عائلة مكونة من أربعة أطفال. والمشكلة الأساسية في الولايات المتحدة التي لا يتحدث عنها أحد، هي الفجوة في الأجور. “من غير المنطقي أن يعمل أحد في مجال التنظيف في أحد الفنادق، ولا يكفيه راتبه لتأمين احتياجات الأسرة الأساسية، منها السكن والطعام”.

وتؤكد مايس أنها انتقلت بين مناطق عدة في الولايات المتحدة، وتعرّفت على بيئات يعيش فيها ملايين الأميركيّين، بالكاد يتم الحديث عنها. تضيف: “يجوع الأميركيون في أغنى بلد في العالم، يصرف مئات المليارات على ميزانيته العسكرية وقواعده خارج الولايات المتحدة، في حين لا يجد الملايين من أبنائه لقمة تسد رمقهم لأنه يسخر اقتصاده لخدمة الأغنياء وسحق الفقراء”.

وتشير منظّمة أخرى إلى أن جزءاً من المشكلة يرتبط بالطمع، وسوء الإدارة، والبيروقراطية، والقواعد المفروضة للتسويق. ويذكر هؤلاء أن الأميركيين يرمون نحو أربعين في المائة من طعامهم، سواء في المطاعم أو البيوت أو المتاجر. وبحسب “مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية”، فإنّ نسبة الأربعين في المائة تعادل نحو 165 مليار دولار سنوياً. ويمكن لهذا المبلغ اطعام نحو 25 مليون أميركي. ويحاول المجلس العمل على الحد من رمي وإهدار الطعام، من خلال اطلاق برنامج في نيويورك يساعد متطوعين على جمع الأطعمة المتوفرة لدى المطاعم، وغير الفاسدة، والتي يمنع الاحتفاظ بها لليوم التالي، على أن توزع على ملاجئ تضم مشردين. واتحدت بعض الشركات الخاصة مع الجمعيات المحلية لتقديم سلال طعام، خصوصاً لتلاميذ المدارس، على أن توزع لجميع الأطفال مجاناً من دون الأخذ بالاعتبار خلفياتهم الاقتصادية، ما يساعد على تجنيب الفقراء الإحراج. لكن في إجازة الصيف، يعود هؤلاء لمواجهة الجوع.

مشكلة أخرى يواجهها العائلات والأفراد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وتتجسد في نوعية الغذاء. فالأطعمة الطازجة والخضروات، خصوصاً في المناطق الفقيرة أو خارج المدن الكبرى، غير متوفرة. وتشير إحصائيات رسمية إلى وجود أكثر من عشرين مليون أميركي يعيشون في مناطق يطلق عليها مصطلح “صحارى الأغذية”، وقد يحتاج المرء إلى السير أكثر من نصف ساعة أو ساعة بالسيارة للوصول إلى متجر يقدم أغذية طازجة.

أما عدم توفر الأغذية الطازجة، فيرتبط بأسباب عدة، من بينها سيطرة الشركات الكبيرة والمصنعة للأغذية الصناعية والمشروبات ذات السكريات العالية على السوق، وحصولها على دعم مادي فدرالي يمكنها من الوصول إلى أماكن بعيدة.

كما أنّ الشركات أو المزارع التي توفر الأغذية الطازجة هي غالباً صغيرة، وبالتالي يصعب عليها الوصول إلى المدن الصغيرة، عدا عن كونها أغلى من تلك المصنعة. لكن تشير الأبحاث إلى أن المناطق أو الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بسبب عدم توفر الطعام الصحي، وتناول كميات كبيرة من الأطعمة والمشروبات المصنعة، يؤدي إلى البدانة وأمراض القلب والسكري وغيرها، ما يضيف عبئاً آخر على حياتهم.

أخبار ذات صله