fbpx
علي عبدالله صالح .. 3 أيام تُنهي مسيرة 33 عام
شارك الخبر
علي عبدالله صالح .. 3  أيام تُنهي مسيرة 33 عام

 

  • منذ الوهلة الاولى اعتقد صالح انه قادر على استخدام الحوثيين كورقة لمواجهة خصومة ومن ثم التخلص منهم، إلا ان الوقت لم يكن ليسفعه في تحقيق ذلك، نتيجة موالات الحوثيين لإيران، وتشكيلهم ذراعها في اليمن على غرار حزب الله في لبنان.

 

  • بمقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، أسدل الستار على حياة شخصية مثيرة للجدل، ورئيس ظل حاكما على رؤوس الثعابين كما قالها ذات يوم.

يافع نيوز – القسم السياسي:

 

 

( قتل الراقص على رؤوس الثعابين علي عبدالله صالح، الرجل الذي حكم  اليمن 33 عاماً، بكل حلوها ومرها، استقرارها وحروبها، وأسدل الستار على شخصية ظل طوال عقود من الزمن يتردد اسمه مع كل يجري باليمن.

 

أسدل الستار على صالح ولكن الحرب لا تزال قائمة، ومعضلة اليمن تشتد، وانتقلت الى منعطفات جديدة وخطيرة مع استمرار جماعة الحوثيين مسيطرة على صنعاء ومحافظات شمال اليمن، في ظل عجز قوى الشمال من الوقوف بوجه الحوثيين الممولين من إيران والمنفذين سياساتها ضد دول الخليج لا سيما المملكة العربية السعودية.

 

ومن حيث يعتبر مقتل علي عبدالله صالح، حدثاً غير عادياً في تأريخ اليمن، وتحولاً في مسار الحرب والمأزق الذي تعيشه اليمن، خصصت ” يافع نيوز ” ملفاً خاصاً لتناول مسيرة صالح السياسية منذ سعوده لسدة الحكم باليمن وحتى مقتله على يد حلفاءه).

 

  • علي عبدالله صالح الجندي الرئيس:

ظهر اسم علي عبدالله صالح مع التحاقه بالجيش ووصوله الى قائد لواء بتعز برتبة رائد في  العام1975م، بعد ادواره التي قام بها، منذ ما بعد سبتمبر ثورة 1962 حيث أطيح بنظام الإمامة، لتتحول اليمن الشمالية الى نظام جمهورية.

وفي عام 1974، شارك صالح في الانقلاب ضد الرئيس رئيس اليمن الشمال عبدالرحمن الارياني واتهم صالح بالمشاركة في اغتيال رئيسا اليمن أحمد الغشمي و إبراهيم الحمدي، وهي تهم ظلت تلاحق صالح خلال مسيرة رئاسته.

بعد ثمانية أشهر من اغتيال الرئيس احمد الغشمي، اصبح صالح كرجل توافقي عضو في مجلس الرئاسة ورئيسا للجمهورية العربية اليمنية، واستمر رئيساً للشمال منذ صعوده الى سدة الحكم، قبل ان يصبح رئيسا لليمن بعد تحقيق ( الوحدة اليمنية ) بين دولتي الشمال والجنوب في 22 مايو 1990م.

كان أول قرار اتخذه صالح بعد توليه كرسي رئاسة الجمهورية العربية اليمنية، هو  إعدام ثلاثين شخصا تم اتهامهم بقيادة انقلاب عليه.

  • تأسيس حزب المؤتمر:

في 24 أغسطس 1982 م ، أسس علي عبدالله صالح حزب المؤتمر الشعبي العام، ليكون الإطار السياسي والغطاء لحكم علي عبدالله  صالح، فاصبح حزب المؤتمر الشعبي العام مسطيرا على الساحة السياسية رسمياً في اليمن الشمالي وحتى عام 1990، الذي تحققت فيه الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب.

ومن بين ظهر حزب المؤتمر، خروج حزب التجمع اليمني للإصلاح، كحزب حليف تم تأسيسه من قبل صالح، لضرب الجنوب، من خلال ضرب ممثله في الوحدة ” الحزب الاشتراكي اليمني ” واضعافه، وهو ما اعترف به ” عبدالله بن حسين الاحمر ” في مذكراته التي ذكر فيها انه قام بتأسيس حزب الاصلاح لكي يتم اضعاف الحزب الاشتراكي.

  • تحقيق الوحدة اليمنية:

سعى علي عبدالله صالح لتحقيق الوحدة اليمنية، فخاض مفاوضاتها رغم معارضة كل اطراف الشمال له، معتبرين ان صالح يقود الشمال الى الهلاك بيد دولة الجنوب القوية التي كان يحكمها الحزب الاشتراكي اليمني.

وينقل ان علي عبدالله صالح، حاول التخاطب مع قوى الشمال لإقناعهم بتحقيق الوحدة مع الجنوب، غير انهم رفضوا وخرجوا في مظاهرات ضده، فإخذ صالح نفسه وتوجه الى عدن للتفاوض على الوحدة.

كما ينقل ان صالح وخلال مباحثات الوحدة اليمنية، اقترح ان تكون تلك الوحدة ( كونفيدرالية ) إلا ان طرفا في الجنوب رفض وارادها وحدة اندماجية.

تحققت الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، بعد اتفاق غامض تم في 29 نوفمبر 1989م، وعلى اساس ان تلك الوحدة سيتم توقيع اتفاقيتها في 29 نوفمبر 1990، إلا ان صالح وبعد عودته الى صنعاء بأيام، طلب من قيادات الجنوب تقديم توقيع الوحدة الى 22 مايو.

ويرجح بعض المحللين السياسيين ذلك، أن ذلك تم بطلب من الرئيس العراقي ” صدام حسين ” الذي كان يعد الحليف الابرز مع صالح، ويذهب السياسيين الى ان طلب صدام كان مقدمة لتنفيذ مخطط اقتحام العراق للكويت، على ان يقوم صالح باقتحام المملكة العربية السعودية.

 

  • أزمة الكويت وموقف صالح:

 

اقتحم صدام حسين الكويت في 2 اغسطس 1990 بعد شهرين ونيف من تحقيق الوحدة اليمنية، وكان موقف طرفي الوحدة اليمنية، مختلفاً.

 

وقف الرئيس صالح مؤيدا لصدام حسين في اقتحام الكويت، فيما رفض نائب الرئيس اليمني بعد الوحدة علي سالم البيض اقتحام الكويت ودعا الى مسيرات شعبية بعدن ترفض اقتحام الكويت من قبل العراق، بمقابل خروج مسيرات في الشمال تؤيد اقتحام الكويت وفقا لموقف صالح.

 

كان الموقفين المختلفين بين ممثلي الشمال والجنوب من احتلال الكويت، انعكاس واضح للخلافات الناشئة بين شريكي الوحدة اليمنية وطرفيها، حيث نقض صالح اتفاقيات الوحدة وبدأ يرتب للانقضاض على الجنوب متخذا من حزب الاصلاح ورقة دينية لحشد الشماليين واستعداداتهم لتصفية الحزب الاشتراكي اليمني وكوادره، تمهيداً لإقصائه من الوحدة واستفراد صالح بها.

 

  • انقلاب صالح على الوحدة اليمنية:

 

تم اغتيال ما يزيد عن 125 قياديا بالحزب الاشتراكي اليمني، منذ ما بعد تحقيق الوحدة اليمنية، وحتى ما قبل حرب 1994 التي شنها صالح وحلفاءه حزب الاصلاح  ضد الجنوب.

 

وكان نقض صالح لاتفاقيات الوحدة اليمنية، مقدمة لنقضه اتفاقية العهد والاتفاق التي وقعها علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض، برعاية ملك الاردن، على اساس حل الخلافات بين طرفي الوحدة اليمنية حفاظا على تلك الوحدة، إلا ان صالح وباندفاع نقض اتفاقية العهد والاتفاق .

 

عاد صالح بعد العهد والاتفاق الى صنعاء، ليترب الانقضاض على الجنوب، بالشراكة مع حزب الاصلاح الجناح الديني لصالح، والذي اعترف صالح انه استخدمه كورقه دينيه، حيث استدعى الاصلاح المجاهدين العرب وبدأ يحشد المتشددين لاقتحام الجنوب تحت يافطة ( الجهاد ضد الشيوعيين الجنوبيين ) وتم اصدار الاصلاح للفتاوى التكفيرية بحق الجنوبيين وتحليل دماءهم.

 

 

  • حرب 94 واحتلال الجنوب:

 

افضت احداث اربع سنين منذ توقيع الوحدة اليمنية، الى اعلان صالح الحرب ضد الجنوب في 27 ابريل 1994م، حيث اسندت قوات صالح بالمجاهدين الذين نسق علي محسن الاحمر وعبدالمجيد الزنداني وقيادات الاصلاح الى عودتهم من افغانستان الى اليمن لخوض المعركة الى جانب قوات علي عبدالله صالح والاصلاح.

 

وساند صالح في حربه على الجنوب، طرف جنوبي كان لجأ الى صنعاء بعد حرب 86 التي اندلعت في الجنوب وخرج منها تيار جنوبي عقب انتصار الطرف الاخر الذي مثله علي سالم البيض .

 

ومنذ اطلاق الحرب من ميدان السبعين ضد الجنوب، رفض صالح ايقاف الحرب رغم صدور قرارين من مجلس الامن الدولي يدعوان لإيقاف الحرب هما قراري ( 924- 931)، كما رفض تدخلات دول الخليج ومطالبتها بإيقاف الحرب والعودة الى طاولة الحوار.

 

حقق صالح انتصارا ضد قوات دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، معلناً في 7 يوليو 1994م، اسقاط عدن واحتلالها، وطرد قيادات الجنوب الى المنفى، واصدار حكم اعدام بحق 16 منهم.

 

  • ما بعد احتلال الجنوب:

عقب احتلال الجنوب من قبل قوات صالح وحليفه الاصلاح، عانى الجنوب كثيراً، حيث احيل الموظفين والقيادات العسكرية والمدنية وفي المؤسسات المدنية الى التقاعد القسري.

ومورست بحق الجنوب ممارسات فضيعة تحمل معها الجنوبيين، ما لا يطاق من المعاناة والممارسات القهرية والاعتقالات والتعسفات.

واستمرت تلك الممارسات، بالتزامن مع وصول شركاء الحرب على الجنوب ( صالح والاصلاح ) الى مفترق طرق، عقب استبعاد صالح لحلفاءه من الحكم والتضييق عليهم.

وفي عام 1999 اصبح صالح رئيسا منتخباً باغلبية بعد اجراء أول انتخابات رئاسية يمنية من تحقيق الوحدة اليمنية.

 

  • ظهور الحوثيين وحروب صعدة:

في عام 2004م، ظهرت جماعة الحوثيين في صعدة، كحركة مسلحة مدعومة من ايران، والتي خاصت منذ ظهورها حروباً ستة مع قوات الجيش اليمني التابع لصالح وعلي محسن الاحمر.

وقتل زعيم الحركة الحوثية ” حسين بدر الدين الحوثي ” في أول معركة بين الحوثيين والجيش اليمني عام 2004، إلا ان ايقاف صالح للحرب الاولى اعطى الحوثيين فرصة لاستعادة انفاسهم، لتندلع الحرب الثانية، وهكذا حتى وصلت جولات الحرب الى ستة حروب ما بين عامي 2004 – 2007م.

وكان صالح كما هو دائماً لاعباً على التناقضات، واستخدام الاوراق لصدام بعضها ببعض، إما لتعزيز موقع السياسي ورئاسته، أو لضرب خضومه السياسيين، او لجمع اموال وابتزاز دول الجوار.

وكثيرا ما استخدم صالح حروب صعدة ضد الحوثيين، لابتزاز المملكة العربية السعودية بالاموال، بحجة مواجهة الحوثيين، في حين كان ينقل سياسيين حينها، ان صالح داعماً سريا للحوثيين.

وبعد الحرب السادسة ازدادت حركة الحوثيين قوة، بعد سيطرتهم على اسلحة من معسكرات الجيش التي كانوا يقتحمونها بسهولة.

  • صالح.. وتغير خارطة السياسية اليمنية:

بعد اقصاء صالح لشركاء الوحدة اليمنية ( الحزب الاشتراكي اليمني ) واجتياح الجنوب من قبل قوات صالح والاصلاح، كرر صالح عملية الاقصاء مع ( الاصلاح )، ليذهب الاخير ويتحالف مع  الاشتراكي وعدد من الاحزاب الاخرى، مشكلين ما سمي ( تكتل احزاب اللقاء المشترك ) كاحزاب معارضة للوقوف بوجه صالح وحزبه.

وأمام تغير خارطة السياسة اليمنية، ظل صالح يتغنى بالديمقراطية والرأي والرأي الاخر، واصبح حزبه حزب المؤتمر مسيطرا على القواعد الشعبية رغم تكتل المشترك وتوحيد اهداف احزاب المعارضة التي يعد اكبرها ” الاصلاح والاشتراكي “.

وفي عام 2005 قام علي عبد الله صالح باعلان أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية أخرى، إلا ان عاد ورشح نفسه في ظل خلافات سياسية شديدة كانت تشهدها الساحة اليمنية السياسية.

نجح صالح في انتخابات 2006 كرئيس لليمن، بعد منافسة شديدة من قبل مرشحه مرشح احزاب اللقاء المشترك ( فيصل بن شملان)، والي تم خذلانه من قبل حزب الاصلاح الذي يعد ذات كثافة بشرية في محافظات الشمال، اذ اوعز الاصلاح لكل انصاره بانتخاب صالح، رغم ان مرشح اللقاء المشترك هو ( بن شملان ) وقد افصح عن ذلك عبدالله الاحمر عندما قال مقولته الشهيرة ( جني تعرفه ولا انسي ما تعرفه ).

 

  • صالح وظهور الحراك الجنوبي:

كان نجاح صالح في انتخابات 2006، آخر أمل يتم القضاء عليه لدى الجنوبيين، الذي صبروا كثيراً آملين ان يسقط صالح في انتخابات 2006، غير ان فوز صالح، أثار التغلغل في الجنوب، ليعلنوا عن تحركات شعبية بدأت من جمعية ردفان بإعلان ” التصالح والتسامح بين الجنوبيين ” واستعدادا لمظاهرات شعبية مطلبية والتعبير عن رأي الجنوبيين فيما يجري من ممارسات ضدهم منذ 94م.

في 2007 تفجرت ثورة الشعب الجنوبي بحراك جنوبي سلمي، للمطالبة الحقوقية بحقوق الجنوب، الا ان صالح واجه الحراك الجنوب بالقمع والقتل، فكان ذلك سبباً في تصاعد الغضب الجنوبي، وصولا الى تصعيد سقف المطالب ليصل الى سقف المطالبة بانهاء الوحدة اليمنية وقفك الارتباط بين دولتي الجنوب والشمال.

لم يتعض صالح من حروب صعدة وظهور الحوثيين كمشكلة امام الدولة اليمنية الموحدة، ولكنه كرر ذلك بقمع الجنوبيين ومسيراتهم، مما جعل صالح ونظام حكمه امام مشكلة حقيقية في الجنوب، نابعة من خطأ توقيع الوحدة اليمنية وما لحق بها من حرب واحتلال للجنوب، وما تلى ذلك من  ممارسات بحق الجنوبيين.

تصاعدت دعوات وغصب الجنوبيين بالتزامن مع تعثر العملية السياسية اليمنية، وفشل نظام الحكم الذي يرأسه صالح في اجراء انتخابات نيابية او رئاسية في اليمن، بسبب ان ذلك لم يعد مقبولاً في الجنوب.

ومن هنا بدأ فشل نظام صالح في مواصلة النهج الذي تعود عليه في الحكم، والتعامل مع القضايا الوطنية، مما تسبب بانهيار منظومة حكم صالح، والتي توجت بانفجار ثورة الشباب في الشمال عام 2011م.

  • ثورة الشباب وصالح:

اندلعت مسيرات غاضبة في صنعاء في بداية العام 2011، ضمن ما سمي حينها ” ثورات الربيع العربي”، والتي تعرض صالح خلالها لعملية قصف داخل مسجد النهدين، اصيب خلالها اصاباته بالغة، ليتم علاجه في المملكة العربية السعودية.

وشارك في ثورة الشاب، كل الاطراف المعارضة لصالح ونظام حكمه، تشكل تحالف بين الاصلاح والحوثيين وانصار بقية الاحزاب والشباب المستقلين، وحينها تمكن الحوثيين من التواجد داخل صنعاء بقوة، وادخال السلاح الى صنعاء.

وانتهت تلك الثورة بتوافق بين صالح واحزاب اللقاء المشترك التي منحها صالح نسبة 50% من الحكم والمناصب في الحكومة التوافقية التي الاتفاق حولها، بناء على مبادرة خليجية تقدمت بها دول الخليج اسميت ” المبادرة الخليجية “.

تم التوقيع على تلك المبادرة واليتها التنفيذية في الرياض، والتي نصت على تسلم نائب الرئيس أنذاك عبدربه منصور هادي، منصب الرئيس بدلا عن علي عبدالله صالح.

تم نقل كرسي الرئاسة من صالح الى نائبه هادي، إلا أن صالح ظل لاعبا سياسيا كرئيس لحزب المؤتمر الشعبي العام، كما ظل مسيطرا على النفوذ داخل السلطة، وهو ما دفع بالإصلاح الذي سيطروا على هادي وقراراته ان يصدروا قرارات بتصفية اقارب صالح من مفاصل الجيش اليمني، مما تسبب بخلاف بين صالح وهادي.

  • افرازات ما بعد تولي هادي رئيساً:

منذ تولي الرئيس هادي منصب الرئيس بموجب اتفاقية المبادرة الخليجية، برزت افرازات خطيرة في المشهد اليمني، خاصة فيما يخص الصراع على الحكم والنفوذ.

شعر علي عبدالله صالح ان هادي اصبح بأيدي الاخوان، يتحكمون بقراراته وينفذون انتقاما على انصاره واقاربه داخل الجيش ونظام الحكم الذي تولاه هادي، فذهب صالح لتنفيذ خيارات خطيرة، كانت تشكل خطراً على صالح نفسه قبل الخطر على هادي والاصلاح، فكان تحالفه مع الحوثيين في العام 2014 هو  بداية الخطر على الجميع، رغم ان صالح والحوثيين دخلوا في حروب ستة خلال ما كان صالح رئيساً.

 

ورغم سعي هادي الى تطبيق ما جاء في المبادرة الخليجية التي تم التوافق عليها، إلا ان صالح عمل على نقض الاتفاقية مثلما فعل مع اتفاقية الوحدة مع الجنوب وبعدها اتفاقية العهد والاتفاق في الاردن، وغيرها من الاتفاقيات، إلا ان صالح لم يدرك أن القطار قد فاته في الانتصار لنفسه بنفس الاسلوب القديم.

دخلت اليمن في حوار وطني لم يمثل الجنوب فيه، رغبة لصالح والاصلاح والحوثيين ” قوى الشمال” الساعية لتهميش الجنوب، وتحاورت الاطراف التي تعد هي حليفه في نفس الوقت متصارعه، وخرج الحوار اليمني بتوافق على مختلف القضايا، واعتبر هادي حينها والمجتمع الدولي ذلك انتصاراً لليمن، وخروجا من المأزق وقطع الطريق على الحرب التي كانت تسير اليمن اليها.

إلا ان الظن خاب، وتسبب الحوار الوطني بتفجر الحرب، والتي كان احد اسبابها هو  ” الاقاليم الستة ” التي اقرها هادي في الحوار، كمخرج ولن يتوافق عليها اعضاء الحوار، حيث ظلوا مختلفين على ” شكل الدولة الاتحادية ” والتي هي اساساً تعد مرتكز الازمة اليمنية، حيث ورغم اقرار المتحاورين على انهاء ” الوحدة اليمنية ” وتحول اليمن الى دولة “اتحادية ” إلا انهم لم يتوافقوا على عدد الاقاليم، حيث كان الجميع اقرب للتوافق على ان تكون اليمن اقليمين ” شمالي وجنوبي ” غير ان صالح والاصلاح رفضوا ذلك، فما مكان من هادي الا ان اقر ” ستة اقاليم ” وهي التي سببت تفجير الحرب.

بعد الحوار مباشرة، كان صالح يخوض ترتيبات لاعلان تحالف غير معلن مع الحوثيين، وبالفعل حدث ذلك، وتحالف صالح مع الحوثيين، لتنفيذ خطوات انقلاب ضد الرئيس هادي وسلطته.

  • تحالف صالح والحوثيين:

بدأ تحالف صالح والحوثيين، عام 2014، وكان اشبه بتحالف النقيض، غير ان صالح اراد منه استخدام الحوثيين لضرب هادي والاصلاح والعودة للسلطة، في حين استغل الحوثيين تحالفهم مع صالح لاستخدام قواته واسلحته التي يسيطر عليها، في تمكين انفسهم من السيطرة على صنعاء، ومن ثم التخلص من صالح.

كان الاصلاح في موقف القريب البعيد من تحالف صالح والحوثيين، إذ ان الاصلاح تخلوا عن مواجهة الحوثيين وصالح، للدفاع عن سلطة هادي، فاسقط الحوثيين معسكرات الاصلاح في عمران، ودخلوا صنعاء واستولوا على معسكرات الاصلاح، دون ان تتم أي مواجهة لهم من الاصلاح.

ذهبت قيادات الاصلاح الى صعدة للتفاهم مع الحوثيين على خطوط عريضة، وتخلوا عن هادي الذي لجأ الى الجنوب، فأنتصر له الجنوب جنوباً، وخرج الاصلاح من صعدة باتفاق عدم مواجهة الحوثيين ومنحه السيطرة على كامل محافظات اليمن، مقابل دفاع الحوثيين عن الوحدة اليمنية، وهو ما فعله الاصلاح ولم يعترض الحوثيين في أي محافظة.

  • انطلاق التحالف العربي وانتصار الجنوبيين:

قرر  تحالف صالح والحوثيين ان يجتاحوا الجنوب مجدداً، بعد ان اسقطوا كل محافظات الشمال، وفي أي خطوات يخطوها الى الجنوب، كانت المقاومة الجنوبية بدأت بالتشكل للمواجهة، ومع اطلاق عملية عاصفة الحزم لردع الحوثيين، تغيرت موازين المعادلة.

ادرك الاصلاح انهم وقعوا في ورطة، فعادوا مجدداً للوقوف مع هادي شكلياً، فيما واصل تحالف الحوثي وصالح حربهم في الجنوب، والتي خسروها بكل تأكيد، وخرجوا من الجنوب يجرون اذيال الهزيمة، نتيجة صمود المقاومة الجنوبية ومساندة ودعم التحالف العربي.

انتصر الجنوبيين جنوباً، انتصروا للجنوب وللتحالف العربي وللأمة العربية، فيما بقي الاصلاح يراوح مكانه في جبهات يرابط فيها ويستنزف دول التحالف العربي وعمها.

وشكل خذلان الاصلاح للتحالف العربي، ورفضهم في مواجهة الحوثيين، اعاقة كبيرة لشرعية الرئيس هادي في ان تكون قوية، وللتحالف في ان ينتصر شمالاً.

بل تحول الاصلاح الى تغيير حربه من مواجهة الحوثيين، الى مواجهته للجنوبيين الذي انتصروا على الحوثيين، واصبح يستخدم شرعية هادي لاحداث شق بين هادي والجنوبيين ونجح في ذلك، مما اضعف هادي وادخله بخلافات حتى مع دول التحالف العربي.

 

  • تحالف صالح مع الحوثيين وخلافاته معهم:

منذ الوهلة الاولى اعتقد صالح انه قادر على استخدام الحوثيين كورقة لمواجهة خصومة ومن ثم التخلص منهم، إلا ان  الوقت لم يكن ليسفعه في تحقيق ذلك، نتيجة موالات الحوثيين لإيران، وتشكيلهم ذراعها في اليمن على غرار حزب الله في لبنان.

ثلاثة سنوات استمر تحالف صالح مع الحوثيين، قبل أن تندلع شرارات الخلافات بينه وبينهم، قام بعدها بقيادة تحرك مع أنصاره من المؤتمر الشعبي العام لوضع حد لانقلاب الحوثيين، إلى أن انتهى ذلك بمقتله قنصاً في الرأس الاثنين 4 ديسمبر 2017.

جائت احداث صنعاء الاخيرة، بعد خلافات مستمرة طوال تحالف الحوثي وصالح، والتي كانت عادة ما تنتهي بوساطة قبلية بعد اشتباكات يقتل فيها عدد من الطرفين.

 

  • مقتل علي عبدالله صالح:

بمقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، أسدل الستار على حياة شخصية مثيرة للجدل، ورئيس ظل حاكما على رؤوس الثعابين كما قالها ذات يوم.

 

قتل صالح على أيدي حلفاءه الذين اختلف معهم ” الحوثيين”،  من المرجح أن يمر الصراع اليمني المحتدم منذ انقلاب ميليشيات الحوثيين على الشرعية في سبتمبر 2014، بنقطة محورية قد تغير مجراه بالكامل.

فالرجل الذي شهدت مسيرته السياسية تقلبات كبيرة وتحالفات مع أطراف متصارعة، قتل على يد من كانوا حلفاء له في الأمس القريب.

وأعلنت ميليشيات الحوثيين أنها قتلت صالح قرب صنعاء، فيما قالت مصادر بحزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان صالح يقوده، إنه تم إيقاف سيارة صالح وهو في طريقه إلى سنحان مسقط رأسه، واغتيل رميا بالرصاص.

وقتل صالح قرب سنحان التابعة لصنعاء، التي ولد بها في 21 مارس من عام 1942، وانضم للجيش مجندا عام 1958، ثم التحق بالتعليم العسكري عام 1960.

وعايش صالح أحداث اليمن الساخنة في السبعينات، حيث شهد الحرب بين الملكيين والجمهوريين عام 1970، وبعدها بخمس سنوات أصبح قائدا عسكريا على خلفية انقلاب عام 1974.

وفي عام 1978 أصبح رئيسا لليمن الشمالي، بعد سلسلة اغتيالات طالت مسؤولين كبارا في السلطة، وظل في منصبه حتى عام 1990 عندما قامت الوحدة بين شطري البلاد، فأصبح رئيسا لليمن الموحد.

وفي السنوات التالية شهد اليمن اضطرابات متصاعدة ومخاطر مختلفة، أهمها تنامي نفوذ الحوثيين وبدء ظهور الجماعات المتطرفة وعلى رأسها القاعدة، استغلالا لانشغال القوات الحكومية في صراعات داخلية.

وحكم صالح اليمن لمدة 34 عاما، انتهت بإجباره على ترك السلطة عام 2012 على خلفية احتجاجات شهدها اليمن في خضم موجة ما عرف باسم “الربيع العربي”، وبموجب مبادرة خليجية نقلت السلطة إلى خلفه عبد ربه منصور هادي، الذي ترك البلاد لاحقا مع انقلاب ميليشيات الحوثي ضده في 2014.

إلا أن رحيل صالح عن عرش الرئاسة، لم يمنعه من البقاء لاعبا رئيسيا في الساحة اليمنية، وعاد دوره إلى التعاظم مرة أخرى عندما تحالف بشكل مفاجئ مع الحوثيين المدعومين من إيران، مستغلا ولاء عدد كبير من قوات الجيش له، علما أنه سبق له أن حارب الحوثيين في أكثر من مناسبة سابقة.

إلا أن الانشقاقات أصابت هذا التحالف مؤخرا، حتى انهار تماما خلال الأسابيع القليلة الماضية، وبدأ صالح حربا حقيقية ضد المتمردين الحوثيين، لكنها انتهت إلى مقتله.

 

أخبار ذات صله