fbpx
 حديث العذاب المنغص

نعيش مرحلة عصيبة ومفصلية سيما هذه  الأيام فالموقف مؤلم ولكن النفوس حازمة وصابرة ومتمسكة بالله الواحد الأحد فماتمر به حالة الوطن اليوم تعجز الكلمات عن وصف حالته ويعجز القلم عن الكتابة لأن الحزن يملأ القلب وأشعر بالحسرة حين أرى وطني الممزق يتمزق تباعا أمام أعيننا ويخلى غابة للإرهاب وشذاذ الآفاق وساحة لرموز الإجرام ورعايا الدكتاتورية الفاشية القادمة من بيت الطاعة ! فهل نحن عاجزون من إنقاذه لوحدنا لأني أرائكم لا تتحركون تكتفون بالمشاهدة إليه ثم الولوج إلى سوق التواصل الإجتماعي تسوقون أفكاركم الجافة وتحللون الحوادث والوقائع فتبدأون برمي الإتهامات واللوم أو نسب الإنتصارات وتوزيعها كلا إلى من يروق له أو يموله إرضاء لجهة كبيرة تحفز التناحر والتنافر وإشعال فتيل الإقتتال بينكم ..!! الوطن ينهار تدريجيا ويبدأ بالتدحرج إلى حافة الهاوية في عهد هذا اللانظام أنتهى كل شيء في رحابة ماكانت تسمى بالدولة – منظومة الفساد – حتى الأخلاق والقيم التي كنا نتفاخر بها إنتهت بسبب ذلك النظام الراعي للفساد والإرهاب والعنصرية الذي يواري اليوم مساوئه بتلك الزعزعة التي يراد منها تعذيب وإجتثاث آدميتنا المجنونة.. أأمل بكل جوارحى أن ينزل الله سبحانه وتعالى أشد العقاب على رموز الفساد القتلة المستبدين القابعين مخابئ الذل والهوان والخنوع فقط يأمرون أدواتهم الرخيصة لتنفيذ الجرائم وإشاعة الفوضى مع العلم بأنه ما من عقاب يمكن أن يعوّض عن كل هذا الألم وهذه المعاناة التي يعيشها شعبنا اليوم إلا ذلك وبقدرته وبمشيئته جل في علاه .

لقد مرّ أكثر من عقدين والوطن يتمزق والمواطن يموت مرات عديدة وهو يصارع الويلات ويركض وراء الأزمات المفتعلة بغية تسيير حياته اليومية المليئة بالمشقة والإرهاق .. عارٌ على مجلس الأمن الدولي لأنه يحمي نظام الإبادة الجماعية في اليمن وعيب على عقلاء الأمة من هذا الجور ! عارٌ على الدول الإقليمية والمنظمات الإنسانية التي تدعي أنها النصير الأعظم لحقوق الإنسان وهي لم تتدخّل بطريقة مجدية وفعالة لإيقاف هذا الإمعان الذي يحصد الأرواح البريئة وكبح رموز الإجرام الممنهج الذي يصول ويجول مقترفوه ! وعارٌ علينا نحن أن نتفرج إلى الوطن وهو يتمزق أمام أعيننا ونحن لا نفعل شيء بل نتشتت ونتفرق كل صباح بداعي العنصرية القبلية والمناطقية السياسية التي زرعها أصحاب المشروع النخبوي .. عندما أسمع صرخات الألم التى يطلقها شعبنا بمختلف توجهاتهم وخصوصا سكان المناطق الملتهبة بالإعتداءات المتكررة التي تستهدف الأبرياء والقيادات الأمنية ورجال الدين ومقار أعمالهم … يعتصرني الألم كثيرا ما ذنب هذا الشعب أن يعيش هذا الجحيم على الأرض ؟ وماذنب الشرفاء الذين جعلتهم الوطنية المخلصة عرضة لأن يكونوا ضحاياها على يد مجرمين ومصاصي دماء ؟ إنهم يستغيثون طلباً للنجدة لكن يبدو أنه لايوجد مغيث في ظل الغباء المخيم والوعي المتصحر لدى بعض من العينات المتكاثرة إضافة إلى موجة الغلاء الطاحن والظروف الصحية السيئة وطاغية يرقص على جثثهم .

يبدو أن حال وطننا لا يمكن أن يصلح فالهلاك قادم لا محالة إذا ظلت البواكي تندب بعد كل واقعة مشينة فالمجتمع الدولي أدار ظهره ومنابر الإعلام أصبحت المصدر المثير والمروج الرئيس في صناعة التعذيب وتفريخ الإرهاب  والإعلان الموجه لإقتراف الأعمال المنبوذة في مجتمعاتنا المحافظة ويأتي هذا التطور العدائي الذي منح أكثر من وسيلة إعلامية  السماح بمزوالة المهنة الإحترافية للإعلام القاتل نتيجة إقحام تلك المنابر بفتح نوافذ سياسية متعددت الإنتماءات والأطر ومن خلالها يبرز الإعلام كواحد من الأسلحة القاتلة التي دمرت الشعوب ولخلخة نسيجه الإجتماعي وزعزعة إستقراره ووضعته ومثلته بصورة الجلاد وتخلّت عن الحكام وظلمهم لرعيتهم بل بحصارهم وقتلهم والتنكيل بمن بقي منهم يصارع الحياة وصورتهم ومثتلهم بالضحية والمنقذين لشعوبهم لا لشيئ يستدعي الغرابة بأنها تمثلهم هكذا لأن الأمر واضحا وجليا وهو الضرب من تحت أحزمتهم للنيل من سطوة الشعب وحريته والعمل على ضرورة إعادة إنتاج الحروب وتسيد الولاء القبلي والمشائخي هرم السلطة كما كان ولو بوجه آخر … ظنا منهم أن شعبنا سيقبل تلك الحياة الذليلة المعدة سلفا وسيرضخ بأول عقاب جماعي يطول أمده وشعبنا المكافح يتجاوز كل مراحل وأزمات الوجع والألم الضاربة بجسده المثخن بالعذابات ويعيش وسط هذا العقاب المصدر وهو يقاوم الخنق المحكم من قبل فارضيه عمدا على مدى ثلاثة أعوام ونيف تتأرجح الأدوات الأجيرة بين فترة وأخرى وترفع مخالبها العابثة عن مقدراتنا الجاثمة عليها لتجس نبض الشارع هل خضع لحصارها الظالم فتلقى الحلول والردود الصارمة ملقاه على قوارع وارصفة الصبر المفترش ربوع الوطن يقاوم الطغاة وأزلامهم ومن يعيشون تحت رحمتهم على فتات زائلة مقابل عذاب يسومون به ناسهم ..  إنها لبضاعة رائجة بالفساد والضيم تجلد في مجتمعنا بكرباج من حديد ليبقى الظلم المسخر لكبت الشعوب وتركيعها وحده من أكبر المآسى التى تسبّب بها الإنسان الأجير فى عصرنا  فنحن إذا إنتظرنا دول التحالف ومجلس الأمن الدولي أو الجماعات القليلة المقارعة لعتاولت الفساد فلن يبقى شيء فى الوطن كي نعود إليه لنعيش فالكارثة “بضاعة عفاش ومن شل شلهم ” هم العائق الكبير أمام تطلعات شعبنا والحجر العثرة أمام مستقبل عيشنا يجب أن يرحلوا بطريقة أو بأخرى قبل أن يقع الفاس في الرأس ونموت ضحايا كالقطيع .. والله من وراء القصد .