fbpx
عن الجريح ” نايف عمر الشبحي “

 

أمين اليافعي

لم أحبذ الكتابة عن نايف عمر الشبحي الجريح الذي انتشرت صوره اليوم في الفيسبوك وقت تعرضه لإصابة خطيرةٍ جداً.
تربطني بنايف صلة قرابة، وأنا لا أحبذ الكتابة عن الحالات الخاصة حتى لا يسود ظنٌ سيءٌ، وما أكثره، بان الكتابة على هذا النحو تحمل في طياتها أي نوع من انواع الابتزازات!
نايف أبٌ لأربعة أولاد، بنيتن وولدين، أكبرهم عمره تسع سنوات وأخرهم خرج إلى الدنيا قبل نصف شهرٍ فقط في لحظة كان جسد والده ممزقٌ يُصارع الحياة والموت على أحد الأسرة.
لمدة 15 عاماً كان نايف يعمل في السعودية، كملايين من أبناء هذا البلد، وكان يقوم بتوفير حياة كريمة ـبالمعايير المحلية ـ لعائلته التي تعتمد عليه بشكلٍ كلي وليس لديها مصدر دخل آخر.
في العام 2015، وعند تشكيل كتيبة عسكرية في السعودية من الشباب المهاجرين، كان من أوائل المنضمين، والعائدين لتحرير مناطق الجنوب من مليشيات الحوثي وصالح، وكما كان شعار تلك الفترة الطاغي.
بعد انتهاء المهمة الأولى، ظلت الحيرة تعصف به، هل يعود إلى عمله السابق كمغترب أبدي أم يستمر في أداء المهمة الجديدة التي أوكلت إليه. وكغيره من الشباب الجنوبي ممن تُلهب مشاعرهم الشعارات ولديهم إيمان قوي بأن دولة الجنوب باتت على مرمى حجر، فضلاً عن الإجراءات التعسفية التي فرضتها الحكومة السعودية ضد العمالة الأجنبية، قرر إكمال المهمة الطارئة، فأوكل إليه هذه المرة قيادة نقطة أمنية تقع على مدخل منطقة العسكرية.
في 9 يوليو استلمت النقطة بلاغ من العمليات في عدن عن وجود احد الإرهابيين في منطقة العسكرية بعد تعقب حركته، تحرك نايف مع ملاءه إلى المكان المعلوم، وقبضوا على الشخص المطلوب، فقاموا بالقبض عليه ثم تفتيشه، وبالفعل عثروا معه على متفجرات وأسلحة. وبعد الانتهاء من التفتيش السريع، أخذوه بغرض تسليمه إلى الجهات المعنية، لكن بسبب قلة الخبرة في التعامل مع مواقف أمنية على هذه الدرجة من الخطورة، وعدم توفر أجهزة كشف حديثة، لم يلاحظوا غحدى القنابل التي كانت معقودة في طرف سروال الإرهابي، وعند أول فرصة حاول الإرهابي أن ينزع أمان القنبلة ليفجرها في الموجودين، غير إن محاولة نايف تدارك الموقف الصعب وانتزاع القنبلة من الإرهابي، لم تُفلح كثيراً، ولم يسعفه الوقت لرميها إلى مسافة تمنع عنهم وصول الضرر، أو على الأقل تقلله.
أصيب نايف إصابة بالغة في كل اجزاء جسده. وقام زملاءه بإسعافه فوراً إلى عدن، وفي عدن تدهورت حالته إلى ابعد حد، وبعد عشرين يوماً من الحادثة والتدهور العنيف، تم نقله بصعوبة إلى مصر.
ومع إن نايف حال بجسده دون وصول هذا الإرهابي إلى هدفه، وربما يكون الهدف منطقة مكتظة بالناس أو تجمعاً حاشداً، وكما جرت العادة، مما يعني أنه ربما قد حال دون سقوط العشرات، إلا أنه، ولحد اللحظة، لا الحكومة الشرعية، ولا أي مسئول أعاره أدنى اهتمام، معنوي أو مادي، زهز بالمناسب سلوك عام مع جميع الجرحى، وفي حالة نايف لولا تكرم بعض الخيرين لكان الآن في خبر كان.
أصعب وأقذر ما في الأمر، أن هنالك صرفيات مهولة تبعثرها الحكومة هنا وهناك على أمور تافهة، مبالغ خيالية، بإمكان عشرها ربما أن ينقذ حياة مئات من الشباب الجرحى، وغالبيتهم ما زالت أسرهم الصغيرة أو الكبيرة تنتظر عودتهم مرة أخرى، وعافيتهم العاجلة، على أحر من الجمر لمعاودة عراك الحياة كيف يوفروا لهم ما استطاعوا إليه سبيلا.

(في الصورة نايف قبل الإصابة، ونايف أثناء تلقيه العلاج في مصر، علماً بأن صورته هذه بعد التحسن، وأما حالته التي كان عليها وقت سفره، فلا نجرؤ على نشرها!!)