fbpx
المحافظ البحسني والخيارات المتاحة

 

طه بافضل
يقولون في المثل الشعبي، “خد من اسمك نصيب”، مثل يدعو إلى التفاؤل لكل اسم تنطق حروفه بكل ما هو يدعو إلى التفاؤل، وعندما صدر القرار الرئاسي بتعيين اللواء الركن فرج سالمين البحسني محافظاً لمحافظة حضرموت، توسم الحضارم فرجاً وسلامة، فسيرة الرجل وإنجازاته وأثر قيادته العسكرية على الواقع خير شاهد لهذا التفاؤل.

مخاوف المحبين للبحسني، والمؤيدين له، والواثقين في اقتداره لقيادة هذه المرحلة الحرجة والمهمة التي تمر بها محافظة حضرموت والمنطقة العسكرية الثانية، مخاوف مشروعة، فهي تنطلق من الأداء الضعيف الذي تقوم به الرئاسة والحكومة الشرعية اليمنية في إدارتها للحرب مع الانقلابيين الذين مازالوا يرفعون عقيرتهم بالتحدي والتطاول والسخرية المتواصلة من القوات الشرعية ومن التحالف العربي!

هذا الأداء الضعيف للشرعية اليمنية، جعلها في نظر مناوئيها ومعارضيها معول هدم ومعوّق مثبّط لكل من أراد تحقيق الإنجاز، هكذا يرونها ولهذا يرون أن الشرعية ما أقرت قرار تعيين البحسني خلفا لأحمد بن بريك، إلا لأجل إحراق كرته وزحزحته عن قيادته للمنطقة العسكرية الثانية، ليخلو لهم الجو ويعبثون بالأمن والأمان اللذين تحققا في ساحل حضرموت وتفكيك قوات النخبة الحضرمية وتوزيعها على الجيش اليمني، وتكراراً لصفحات الماضي ولتعود قبضة الشمال على ساحل حضرموت كما هي موجودة الآن في واديها من خلال استمرار عمليات الاغتيال!!

هكذا كانت مخاوف العديد في الشارع الحضرمي، من قرار تعيين البحسني، وهي نابعة من تراكمات فترة حرب الشرعية اليمنية مع الانقلابيين، وللأسف فمع مرور مائة يوم من قرار التعيين، ورواتب الموظفين متأخرة، ورداءة خدمة الكهرباء مستمرة نحو الأسوأ، وجرعة المشتقات النفطية تم تطبيقها، مع توقف توزيعها قبل أيام، واستمرار بعض الوجوه التي يتحدث الناس عن فسادها في مناصبهم، واستمرار غلق مطار الريان ولا بصيص أمل في إعادة فتحه، وارتفاع الأسعار بالرغم من الحركة الكبيرة في الموانئ الحضرمية، وانخفاض رسوم الجمارك، ناهيكم عن إغلاق باب الحديث عن حصة حضرموت من ثروتها التي أصبحت وبالاً ومصيبة عليها بدلاً من أن تكون خيراً ونعمة على حياة الحضارم.

التفويض الفعّال هو الأسلوب الإداري الذي يتبعه اللواء الركن فرج سالمين البحسني في قيادته لمحافظة حضرموت، هكذا كان حديثه في أول لقاء له مع مدراء العموم والإعلاميين، حينها تحدث عن اتجاهات سير عمله ال(16) كمحافظ، الإشكالية في فشل هذا الأسلوب الإداري هو وجود أسماء في مناصب المسؤولية يفترض تغييرها حتى ولو لم يثبت عليها الفساد، فكيف بمن يتحدث الناس عن فسادهم؟ يكفي أن رداءة العمل وتدهور الخدمة وقلة الإنتاجية، كافية لتغييرها ناهيك عن بعضها لا تحمل ما يؤهلها لتتبوأ منصب الإدارة، وقد تحدث في هذا الجانب في مقال “نصيحتي للمحافظ بن بريك.

التفويض الناجح في العمل الإداري، لا يتم نجاحه، ولا تظهر فاعليته إلا بوجود رجال أكفاء، وأشخاص قدموا برهان جدارتهم من سيرهم الناصعة، وخبراتهم النافعة، وعقولهم وآفاقها الواسعة، وحسن كلام الناس عنهم، فمهما بذل المحافظ من جهد وهو لا يملك الرجال والسواعد القوية، فإن سعيه وجهده وعمله سيؤول إلى الفشل الذريع. كما لا ينجح هذا الأسلوب إلا بدوام مراقبة عمل المفوض وإنتاجيته وفاعليته، بل والتدخل السريع من قبل المحافظ في حلحلة المشكلات التي تظهر في المجتمع ولم يقم المفوض بتقديم حلولاً ناجعة، وعدم تركها لعجزه وتكاسله على أحسن الظنون فيه، فكيف لو كان غير أهلاً لما كلف به؟!

المحافظ البحسني يحتاج إلى الاعتماد على قوة قراره، دون تدخل من الحكومة الشرعية اليمنية التي تقبع في فنادق الرياض، ولم تعش الواقع في أكثر فترات الحرب، وهي بمحصلة أراء المتابعين المنصفين للشأن اليمني يرون أنها سبب من أسباب تأخر الانتصار على الانقلابيين الذين مازالوا يظهرون كطرف قوي يدعو إلى التفاوض مع التحالف العربي لحل “الأزمة اليمنية”! تدخلات رئيس الوزراء، أو أحد من وزرائه وعرقلة آلية العمل التي يتفق عليها أبناء حضرموت ويتناصرون لبناء ونهضة محافظتهم، هي أهم المشكلات التي ستظل معول هدم وتعجيل لرحيل المحافظ البحسني سواء أتم عامه الأول أم لم يتمه.

كما يحتاج البحسني إلى التلويح بالعصا الغليظة في وجوه المفسدين اللصوص، وكل من يظهر منه فعلاً يؤدي إلى إدخال المحافظة في متاهات المشاكل والقلاقل وضعف وتيرة العمل والزج بقيادة المحافظة في متاهات فساد لا دخل لها فيها ولكنها حدثت بسبب وجود من يخطط وينفذ في غفلة وبساطة القائد الفذ.

الناس تستعجل النتائج والثمار، وهذه آفة من آفات تفكيرها، وهو مرده أيضاً إلى ضغط الواقع السيئ، وقلة الوعي ووجود الجبهات المضادة لأي نجاح يتم ممن ليس ضمن دائرتها، أو من كانت سياسته تقشفية أو تجفيف لمنابع الفساد ومحاربة المفسدين، وبالتالي فقدت هذه الجبهات مصالحها.

فالناس عموماً تطلب التحسن والتغيير نحو الأفضل، فقد تعبت كثيراً فمنذ حركة التحرير من قبضة الاستعمار الخارجي وهي تدور في حلقات مفرغة وخطوات ثقيلة، وما إن تهدأ من حرب حتى تستعد لحرب أخرى، فهل يُخيّب المحافظ البحسنى ظن شانئيه وأعاديه ويقفز بحضرموت نحو المستقبل المنشود..؟

نتمنى ذلك.