fbpx
الإسلاميون والعلمانيون.. أعداء للوطن أم صناع لنهضته؟! كتب/ طارق الكلدي
شارك الخبر

لقد مرت كل المجتمعات العلمانية بتباينات فكرية وعقدية عنيفة لكن بقي خيار النهضة والأهداف العامة التي تصب في الصالح الوطني القومي هي العوامل المشتركة عند جميع الأطراف المتقاطعة ولم تكن تلك الخيارات ضحية صراعهم كما هو حاصل اليوم في عالمنا العربي والاسلامي..

فما هو المانع العلماني الذي يجعل العلمانيين في العالم العربي والاسلامي يرفضون التعاون المشترك في المجالات التي تمس مصالح شعوبنا وقضاياها المصيرية؟!.

وفي المقابل لا يوجد مانع شرعي يتذرع به الطرف الإسلامي في عدم ذلك التعاون (حتى وإن هم رأوا كفر من وقف على النقيض من المشروع الإسلامي)..

كيف لا وقد ذكر العلماء سببا من الأسباب التي شرع الله من أجلها الجهاد في سبيله تحرير الشعوب المستضعفة وإن لم تكن مسلمة ما دامت واقعة تحت وطأة الظلم والاستبداد ((وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا)) أفلا يكون تعاونهم مع من يعود النفع العام عليه وعليهم من باب أولى؟!

ولنا في تعاون ذي القرنين مع الشعب المسكين الذي عانى أشد ما تكون المعاناة من فساد قبائل يأجوج ومأجوج ومساعدته لهم مع كفرهم في بناء سد يحول بينهم وبين هجمات أولئك المفسدين العدوانية كما في سورة الكهف ما يمكن أن يكون مثالا نستدل به في مثل هذا الموضع.

وقد جاء في القرآن الكريم أن نبي الله هارون صلى الله عليه وسلم أخر تغيير منكر الشرك حفاظا على وحدة الشعب الإسرائيلي إذ كانوا في مرحلة خطيرة لا تسمح لهم بالتفرق والإنقسام إذ لم يزالوا حينئذ في صحراء سيناء ولم يصلوا إلى مقصودهم بعد ((إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي))

وما ورد في أول سورة الروم ((وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ)) مثال آخر يجعلنا نقر ونجزم بجواز التعاون حتى مع من كان كفره مقطوعا به لدفع من هو أشد كفرا أو خطرا على الإسلام والمسلمين!

وهذا الفقه المستنبط من هذه النصوص وغيرها هو فقه السياسة الشرعية الذي يستند إليه التيار الإسلامي الراشد في الحركة الإسلامية المعاصرة.

لكن يبقى السؤال للطرفين المتطرفين: من الاسلاميين الذين لا يأخذون بفقه السياسة الشرعية الراشدة، والتيار العلماني الذي يرفض الشراكة الوطنية التي هي من أسس مبادئ العلمانية.. هل يسعنا أن نخرب ديارنا بأيدينا بسبب هذا الإنقسام السياسي والفكري الحاد في وقت نرى فيه تعاون الدول الشرقية والغربية في تدمير هذه الأمة من كافة النواحي الاقتصادية والمعنوية؟!

المرحلة الحالية تحتاج إلى زرع الثقة بين كل الأطراف الوطنية الشريفة مع بعضهم البعض وغرس الوعي نحو تشكيل ذهنية قابلة لهذا التعاون مع التأكيد على تحويل المساحة المشتركة التي يجب أن يتعاون الكل عليها إلى ثوابت وطنية واضحة ومحددة لتكون هي الحجر الأساس التي نواجه من خلالها مخططات الأعداء تجاهنا ولنبني عليها مشاريعنا النهضوية العملاقة إذا أردنا أن ندخل بوابة التأريخ من جديد.

 

أخبار ذات صله