fbpx
ليلة من ليالي الصراع مع الكهرباء!

في الوقت المحدد تماماً، عند الحادي عشرة إلا عشرة إنطفت الكهرباء، و هذه الدقة في المواعيد دائماً ما تثير فضولي و تجعلني اتسأل عن مشاعر و أحاسيس أولئك الكائنات المستمتعة بتعذيب الناس،  أولئك الذين يحددون و يضبطون التحكم الأتوماتيكي لخمس ساعات عذاب يغرقون بها المدينة الساخنة الملتهبة بظلام دامس…

 

و مع انطفائها هدرت أصوات المولدات لتمزق بضجيجها سكون الليل الذي لا يعكره إلا اصوات حلقات المخزنين و هم يتجادلون في أمور السياسة و شؤون العباد…

 

ثم تنتشر سموم العوادم المنبعثة من هذه المولدات لتتسلل الى صدورنا محدثة أضرارها في الجهاز التنفسي..و لكنها الضرورة التي لجأ اليها الناس لإسترداد بعض من إنسانيتهم..

 

خمس ساعات تمر على شكل صراع بين المسؤولين عن هذا الوضع المهين و عامة الناس..

 

يتصبب فيها العرق من الأجساد و تضيق اثنائها الأنفاس في الصدور يسقط المرضى و يجن جنون آخرين…
ساعات  تسمع فيها اللعن و الشتم و التذمر ضد كل من تسبب بها..

تمر الساعتان الأولى فتبدأ بسماع صفير الهزيمة لبعض الشواحن الكهربائية التي تعمل على البطاريات..
لم تعد البطاريات قادرة على الصمود لفترة طويلة كما كانت لانها تخربت و قلت كفاءتها بفعل تكرار إطفاء الكهرباء و إستنزافها حتى الصفر بشكل يومي..
ثم ساعة أخرى و تتناقص أصوات عدد من المولدات مع استهلاك وقودها، حتى تنطفئ جميعها  فيسقط اخر مولد مقاوم عند الساعة الرابعة من إنطفاء الكهرباء..
حينها نستسلم نقر بالهزيمة لنعيش في إنتظار استكمال مقرر ساعات الانطفاء  في جوف ظلام دامس و حر و رطوبة تضييق لها الأنفاس ..
تعيش حالة غبن و إنكسار في لحظات تنتصر فيها الحقارة على الإنسانية..
فنستمر ماتبقى من الوقت نتقلب باذلال شديد، ذات اليمين وذات الشمال. .
و لسان حال أقوم الناس أخلاقا يقول:
حسبي الله و نعم الوكيل!