fbpx
المجلس السياسي الانتقالي في الجنوب (1) لماذا تأخرت قضيتنا

(١)

لنبدأ أولا بالسؤال التالي: هل نملك قضية عادلة؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، إذن أين تكمن عدالتها؟

وعليه، يمكننا تلخيص عدالة قضيتنا في الآتي:

١. لقد دخلنا نحن شعب الجنوب تحت مسمَّى دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في شراكة مع شعب الجمهورية العربية اليمنية، وقد نتج عن هذه الشراكة تكوين كيان سياسي جديد هو ” الجمهورية اليمنية”، وكان ذلك في ٢٢ مايو عام ١٩٩٠م.

٢. إلا أن هذا الكيان الجدبد، قد تعرَّض للإنهيار والسقوط بفعل استخدام القوة، وإشعال الحرب من جانب أحد طرفي هذه الشراكة، المتمثل في الجمهورية العربية اليمنية ضد الشريك الآخر، المتمثل في دولة الجنوب، وكانت النتيجة هي اجتياح واحتلال أراضي الجنوب في ٧/٧/ ١٩٩٠م.

٣. ومنذ احتلال الشمال للجنوب، لم يعد الجنوب شريكا في كيان الجمهورية اليمنية، بل صار ملحقا وغنيمة للشمال: أرضا وثروة وتاريخا وهوية.

٤. ولئن الجنوب لم يعد شريكا، بل صار غنيمة للشمال، لذا فقد ترتب عن ذلك أن يطالب شعب الجنوب بفك ارتباطه من شراكة ٢٢ مايو ١٩٩٠م مع الجمهورية العربية اليمنية، ومن ثم استعادة دولته بحدودها المعروفة عشية ٢٢ مايو ١٩٩٠م.

 

ومنذ اجتياح واحتلال الجنوب، وشعب الجنوب يناضل من هدف استعادة دولته. وقد قدم تضحيات جسيمة: ألآف الشهداء والجرحى والمعتقلين والأسرى، وجيشا جرارا من العاطلين عن العمل، والمسرحين قسرا من وظائفهم المدنية والعسكرية والأمنية لصالح الشماليين.

وبدون الخوض في التفاصيل، أتخذ نضال شعب الجنوب ضد المحتل اليمني أشكالا متعددة وذلك بحسب الظروف والإمكانيات المتوفرة. وقد توجت نضال وتضحيات شعب الجنوب في طرد الاحتلال اليمني من معظم أراضي الجنوب. وكان لدعم التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات دورا وأثرا كبيرا في هذه النتيجة.

ومع أننا وصلنا إلى هذه اللحظة التاريخية الفارقة المتمثلة في خروج المحتل اليمني من أرض الجنوب، إلا أن شعب الجنوب لم يستعيد دولته كما كان مفترضا ومتوقعا. فما هو سبب ذلك؟

وللإجابة على هذا السؤال الذي أشرنا إليه ضمنا في عنوان موضوعنا ” لماذا تأخرت قضيتنا؟”، فإنه من الممكن أن نلخص إجابتنا في عاملين أثنبن: موضوعي وذاتي. أو هي بالضبط عوامل موضوعية، وأخرى ذاتية.

فيما يخص العوامل الموضوعية، يمكننا أن نذكر التالي:

١. عدم تناسب موازين القوى بين الاحتلال اليمني — الذي سيطر على كل بقعة من جنوبنا من ناحية — وشعب الجنوب الذي انتزعتْ منه كل الوسائل.

٢. عدم توافر أي دعم أو سند خارجي لقضية شعب الجنوب من أي دولة عربية أو سواها.

٣. كما لم تقتصر المسألة فقط على عدم توافر الدعم والمساندة الخارجية، بل تعدى ذلك إلى وجود حالة من الفيتو ضد قضية شعب الجنوب العادلة. وقد أتت تلك الاعتراضات أو الفيتو من جانب تلك الدول التي تنتمي إليها الشركات العاملة في القطاعات النفطية في الجنوب.

ويمكن تفسير ذلك، باعتبار أن كل مصالح هذه الشركات تمر من خلال المتنفذين اليمنيين، الذين عملوا على تقاسم ثروات الجنوب منذ احتلال الجنوب في عام ١٩٩٤م.

أما السبب الآخر، فهو عدم وجود قوة أو جهة أو كيان سياسي جنوبي يمكِّن هذه الشركات من التواصل والتفاهم معها بخصوص مصالح هذه الدول وشركاتها على أرض الجنوب.

أما فيما يخص العوامل الذاتية، فيمكننا ذكر التالي:

١. بعد السقوط السياسي والأخلاقي للحزب الاشتراكي اليمني، وتنكره لقضية الجنوب العادلة بل ومعاداتها لصالح الاحتلال اليمني، لم تعد في الجنوب أية قوة سياسية منظمَّة تقود نضال شعب الجنوب ضد المحتل اليمني.

٢. وفي مرحلة لاحقة عندما بدأ شعب الجنوب حراكه السلمي منذ ٢٠٠٦م، ظهرت العديد من المكونات الحراكية، التي فشلت في خلق صيغة توافقية تتوحد حولها. وقد نتج عن تعدد مكونات الحراك، تعددٌ في قياداتها التي صارت عائقا في طريق مسيرة ثورة شعب الجنوب.

٣. عدم وجود شخصية قيادية جنوبية قادرة على تجميع شمل الجنوبيين حولها. ويعود ذلك إلى ثلاثة أسباب: الأول أن معظم — إن لم نقل جميع — القيادات أو الزعامات الحنوبية، تتواجد في دول الشتات وليس في الداخل. والسبب الثاني، هو أن معظم هذه القيادات لها علاقة بمجمل الأحداث السياسية المأساوية التي حدثت في الجنوب منذ الاستقلال الوطني للجنوب. أما السبب الثالث، فهو تسيُّد النزعة الذاتية عند هذه القيادات، مما جعلها غير قادرة على تكوين قيادة موحدة توافقية تقود نضال شعب الجنوب لتحقيق هدفه المتمثل في استعادة دولته.

وإذا عملنا مفاضلة بين أهمية كل من العوامل الموضوعية والذاتية، سنجد أن العوامل الذاتية لها الرجحان والثقل الكبير في نجاح مسيرة نضال شعب الجنوب. ومن هنا أتت عملية التأكيد الدائمة على أهمية وجود حامل أو كيان أو قيادة سياسية، تقود وتدير النشاط الثوري والسياسي اليومي لشعب الجنوب، وتحمل وتعرض قضيته في مختلف الدوائر والمؤسسات الإقليمية والدولية.