fbpx
الشرعية بين صدق الحلفاء ومكر الماكرين !!

              عبدالوهاب محمد الشيوحي

ما ان اُعلن عن المجلس الانتقالي الجنوبي حتى  اُطلقت حملة اعلامية شرسة تعمل على الوقيعة بين شرعية الرئيس هادي وابناء الجنوب وتحرض التحالف العربي ضداً عليهم ،  وتصور المجلس الانتقالي بصور وإشكال لا يمت لها بصلة  , فمن تشبيه هذا المجلس بالمجلس السياسي الذي اطاح بسلطة الرئيس هادي في صنعاء وأعلن عن  سلطة بديلة مكتملة الاركان ، الى تصوير هذا الاعلان بأنه صمم للنيل من التحالف العربي وغير ذلك من صور الاساءة التي لا تخرج عن مألوف هؤلاء النفر  .

ولكي نضع الامور في نصابها الصحيح فاعلان المجلس الانتقالي كان نتيجة مباشرة  للتفويض الشعبي العارم الذي حصل عليه القائد عيدروس الزبيدي يوم 4/5/2017 في عدن ، وبالعودة الى هذا الاعلان فسيرى المتابع ان هذا الاعلان لم يتضمن بنداً واحداً  يدعُ  للخروج عن سلطة الرئيس هادي على  الاطلاق ، فالمادة الاساسية للإعلان  هي ما ورد في ثانيا ، وقد  كان نصها :

( تفويض القائد عيدورس الزبيدي بإعلان قيادة سياسية وطنية ( برئاسته ) تتولى ادارة وتمثيل الجنوب , تتولى هذه القيادة تمثيل وقيادة الجنوب لتحقيق اهدافه وتطلعاته ) .

هكذا كان النص الاساسي في اعلان عدن التاريخي ، لم يتحدث عن فك الارتباط بصنعاء ولا عن الاطاحة بسلطة الرئيس هادي ، بل تحدث صراحة عن ضرورة تشكيل قيادة جنوبية لتمثيل الجنوب وقيادته لتحقيق تطلعاته ، وهذا الامر حق مشروع لأي محافظة او اقليم ، فأقليم سباء اعلن عن قيادة  ورئيس للأقليم تديره وتمثله ، ولم نرى هجوما يطولها او يهاجمها بل مباركة وتأييد من كل الاطراف ، اما مسألة الحديث عن مخرجات حوار صنعاء  فأعتقد ان حتى الرئيس هادي نفسه تحدث عن امكانية تعديل عدد الاقاليم ،  ومؤتمر حضرموت الجامع اعلن حضرموت اقليما مستقلا كمحافظة بحدودها الادارية  المعروفة وليس كما حددها مؤتمر حوار صنعاء , فلماذا اذا هذا الهجوم الشرس والعنيف الذي يتعرض له الجنوبيين بمجرد انهم اعلنوا عن قيادة تمثلهم  ؟!.

 لا يجب ان يفوت المتابع الحصيف وهو يحلل الاسباب التي تقف خلف هذا الهجوم  الرغبة الجامحة التي تتملك اطراف الفيد في صنعاء والتي اعتادت الاستحواذ على كل ما يقع في طريقها شمالا وجنوبا ، فمن عاش في محافظة الحديدة- كمثال صارخ –  سيرى كيف تم تقاسمها كاملة بين قوى الفيد في صنعاء وتم تحويل اهلها الى رقيق يعملون لدى هؤلاء بقوت يومهم  في ارض هي في الاساس ارضهم وثروتهم ، ومثل هذا الامر هو ما كان يتم جنوبا وقد تحقق لهم من ذلك الكثير فمن اراض بعدن ولحج  وأبين وحضرموت الى قطاعات نفطية كاملة في شبوة وحضرموت الى غير ذلك من الاستيلاء على الوظائف والمناصب وكانوا ماضيين في تحويل الجنوبيين الى رعايا لا يملكون من امرهم شيء ، طبعا تم مجابهة هذا الامر على طول فترة سيطرتهم على الجنوب منذ حرب 94م الى حركة(  حتم ) الى انطلاق الحراك الجنوبي الى ان وصلنا الى حرب العام 2015م  التي انهت  وجودهم تقريبا في الجنوب وقضت على احلامهم ، التي لا تزال تراودهم اليوم في استئناف السيطرة على الجنوب ارضا وانسانا ، ليأتي اعلان عدن ومن بعده اعلان المجلس الانتقالي منهيا هذه الاحلام ومحطماً لتلك الرغبات الجامحة التي لا تزال تحتويها هذه النفوس الجشعة وتمني نفسها بإعادة الانقضاض على الجنوب حينما تسنح لهم الفرصة  .

هنا تكمن الاسباب الحقيقية للحملة الشرسة ومحاولات الوقيعة بين شرعية هادي  وابناء الجنوب من جهة وبين التحالف العربي وابناء الجنوب من جهة اخرى  ، وليس لها اسبابا اخرى على الاطلاق ، وما يعلنون عنه وما تسمعونه من البكاء والعويل على اليمن الواحد ليس الا لخداع البسطاء من الشعب وكذلك البعيدين من المتابعين والسياسيين ، وألا  فلو كان اليمن يعنيهم او الشرعية تهمهم لتوجهوا الى ساحات الوغى وثبتوا بها  لأعادة هذه الشرعية الى صنعاء  بدلا من صمودهم  في غرف الفنادق خمسة نجوم  .

اما فيما يخص الاخلاص لشرعية الرئيس هادي ومن خلفه التحالف العربي فالميدان اليوم للأفعال وليس للأقوال فمن يتباكون على الشرعية دخلوا الان في عامهم الثالث وهم يرتعون في فنادق الرياض واسطنبول والقاهرة وجنودهم في الميدان في حالة وئام تام مع الحوثي يمر الشهر والاثنين ولا تطلق في مواقعهم الطلقة الواحدة ، هذا دونما حاجة الى العودة الى ما سبق الحرب  حينما هوجم الرئيس هادي في بيته فيما هم رفعوا شعار ( لن ننجر )  لينكل بهادي وحراسته ومرافقيه ويرغم على تقديم استقالته وهم في حالة توافق تام مع الحوثي وعفاش !!!

 من اوى الرئيس هادي ومن نصره يا ادعياء الشرعية  ؟

 غادركم   متخفي خائف يترقب ، فوجد في الجنوب العزوة والانتصار ، وفيما ترتحلون خلفه من ارض الى ارض  للحصول على الامتيازات والمناصب والمنح ، يصمد  الجنوبيين في الميادين  ليمنحوه حياتهم رخيصة للدفاع عنه ، يذودون عنه دون امتيازات ولا حتى مرتبات فيما انتم تختبئون خلفه لسرقته وسرقة البلاد .

وفيما يخص التحالف العربي  فخذلانكم لهم لا يحتاج لأدلة وبراهين فتبيان البين عسير ، وتحويلكم الحرب الى اداة لابتزاز التحالف العربي لم يعد يخفى عليهم ولا على غيرهم ، وما انفقوه عليكم من اموال كان ليكفي لتحرير اليمن وإعادة بنائها مرتين  لو كنتم تحملون ذرة من الصدق والشرف .