fbpx
بكاء التماسيح على سقطرى

 

منصور صالح

سدنة المفرط الأعظم،  تجمع الاصلاح ومعهم مطابخ عفاش، غاضبون جداً من أخبار تسيير الإمارات رحلات جوية بين جزيرة سقطرى وأبوظبي، مرددين وهم يذرفون دموع التماسيح أن ذلك يُعدّ تفريطاً بالسيادة الوطنية.

 هؤلاء الذين لم نعرفهم في كل تاريخهم إلا خبراء في البيع والشراء بالسيادة والكرامة مقابل الفتات الذي بات بالنسبة لهم كمادة مخدرة يصعب أن يستغنوا عنها، باتوا، وفق منطق الغيرة والحسد، غاضبين من حرص الأشقاء الإماراتيين على دعم وتحسين معيشة أهلنا في سقطرى الأرخبيل، الذي يعيش أهله حياة القرون الوسطى التي لا تليق بهم ولا بأرضهم الخيرة المعطاءة.

أتذكر قبل أعوام، وتحديداً في العام 2013م، ذهبت بمعية الصديق السقطري المميز، فهد كفاين، وزير الثروة السمكية في حكومة هادي، لمقابلة وزير النقل الأسبق، واعد باذيب، بهدف طلب مساعدته لأهالي الجزيرة بزيادة رحلات “اليمنية”، وباعتماد قيمة معقولة وموحدة لأسعار تذاكر الطيران.

 يومها، قال العزيز كفاين وهو من يستحق تسميته بسفير سقطرى إلى محافظات الجوار في الشمال اليمني والجنوب العربي كما يحلو لكثير من أهله تسميته: إن سكان الجزيرة معزولون عن العالم، ورحلة الطيران الوحيدة للجزيرة غير كافية، وسعرها مبالغ فيه، إذ يصل إلى مائة ألف ريال يمني، بمعنى أنه إن أرادت أسرة سقطرية مكونة من 8 أشخاص السفر إلى صنعاء مثلاً، فهي تحتاج إلى 800 ألف ريال، وهذا مبلغ خيالي بالنسبة للمواطن السقطري المحروم من كل شيء إلا أخلاقه ورجولته وطيبة قلبه.

 قال كفاين أيضاً إن سقطرى بدون مستشفيات، وإن من المرضى من يموتون في المطارات وهم في انتظار رحلة “اليمنية”، خاصة في مواسم الرياح.
واضاف إنها أيضاً بدون جامعات، وإن الطلاب تفوتهم امتحاناتهم وهم غير قادرين على دفع قيمة تذاكر السفر..

كل هذه الهموم وهذه المآسي لم تكن لتعني “الإصلاح” في شيء، ولا رموز حكم عفاش، لأن مصلحة أهالي سقطرى خارج حساباتهم، ولأن هذه الجزيرة النائية لم تكن بالنسبة لهؤلاء سوى شاليهات وأماكن لقضاء رحلاتهم المشبوهة بعيداً عن تلصص أعين الفضوليين.

 يهاجم هؤلاء اليوم الشقيق البعيد الذي جاء ليمد يديه لمساعدة سكان هذه الجزيرة الفائقة الجمال، ويستنفر الفاسدون كل أدواتهم للإساءة للإمارات وللقيادات الجنوبية، مروجين أن مجرد تشغيل شبكة اتصالات إماراتية في هذه الجزيرة المنسية يمثل احتلالاً إماراتياً وتفريطاً بالسيادة الوطنية التي “مرمطها” هؤلاء المزايدون في التراب، مراراً وتكراراً.
ما أنا على يقين منه أن هؤلاء لا يستطيعون محاججة أبسط مواطن من مواطني سقطرى في مستقبل جزيرته إن هو قال لهم: “ما لكم دخل فينا”، وأن أي استفتاء لأهالي الجزيرة حول مصيرهم ستكون نتيجته تفضيل الإنضمام إلى جنوب السودان وليس الإمارات فحسب  على الإنتماء لليمن، وهذا ليس تشكيكاً في وطنية أهلنا في سقطرى، ولكن معاناتهم وما تعرضوا له من استعمار داخلي يعفيهم من كل نقد. والأهم هو أنه إذا لم يصلح هؤلاء الفاسدون والمنافقون من سلوكهم وسياساتهم وطريقة إدارتهم للبلد، فلن يجدوا قرية واحدة في هذا البلد الممزق والجائع تعتز بالانتماء إليه، طالما هم من يمثله ويتحدث باسمه.

وفي هذا لدي اقتناع شبه أكيد بأن حضرموت إذا طال بها هذا الحال، لن تصبر طويلاً على ارتباطها بيمنيتها، وستهرب إلى السعودية، وستلحقها المهرة بالانضمام إلى عمان، وحرض وميدي والبقع ستقاتل للانضمام إلى حدود المملكة، والحديدة إلى إرتيريا. أما نحن في عدن المدمرة، فلن يفرق معنا الحال إن عُرض علينا خيار البقاء على هذا الحال أو الإنضمام إلى جمهورية أرض الصومال أو جيبوتي إن قبلتا انضمامنا إليهما.

دعوا سقطرى وشأنها، ويكفي ما فعلتم بها .