fbpx
عيدروس و شلال .. معا لتصحيح الأخطاء!

نبيل محمد العمودي

قمة الغباء وعدم الإدراك بل والخيانة أن نجد شخصاً اليوم يردد عبارة سلام الله على عفاش فمهما كانت الظروف و مهما تعرضنا له من انتكاساتِ فحتماً لن تكون اسود من أيام حكم المخلوع للجنوبِ التي اغتصبها سحلاً و تهميشاً و اعتقالًا لكادرها الجنوبي و تجهيلًا للأجيالِ و افساداً و عبثاً بالمؤسساتِ و بالإنسانِ و نهبا للثرواتِ.. و هناك ممارسات يستغلها ذوي الأنفس الضعيفةِ لإطلاق قصائدَ العشقِ و الهيامِ بابي جهل العفاشي. ليلة أمس أمام سوق الحجاز في المنصورة.. و بالقرب مني، وقف شاب، لفت انتباهي في حديثه إلى زميلٍ له كان يجلس أمامه تحت احد أعمدة النور المنتصبة امام السوق.. لم أكن أرغب في إستراق السمع و لكن الشاب كأن يتكلم بصوتٍ عالٍ، و كان يتلفت إلي مابين الفينةِ و الأخرى، بدأ و كأنه  مصرا على لفت انتباهي و إنضمامي الى حديثه .. لذلك لم أجد حرجاً في متابعة حديثه دون أن أضطر إلى إزاحة نظري عنه كلما نظر إلي .. لهجته العدنية توضح تماماً إنه من أبناء عدن و حتى هيئته تبدو كذلك رغم تأكيده مرات في مسافات بين حديثه بانه بدوي.. كأن يتحدث بمرارة عن أخيه الذي حسب مايقوله بأنه في تلك اللحظات يتمدد على سرير في عنبر إحدى المستشفيات، كنتيجة محزنة و مؤلمة لمَّ ناله من ضرب مبرح من  قبل أحد أفراد إحدى النقاط العسكرية.. كان غاضبا يصرخ بأنه لن يسامحهم مهما طال الزمن أو قصر ثم يلتفت نحوي، و كأنه يحفزني ان أشاركه  بتعليق على حديثه..

ربما لأنه يريد أكبر قدر من المتضامنين مع قضيته في موضوع شديد الحساسية بالنسبة لنا جميعاً هذا الأمر و مثل هذه الأفعال الفردية تجعلنا في موقف حرج جداً فهؤلاء الأفراد هم أبناؤنا، معاً عانينا الظلم و الإضطهاد تصرفات بعضهم المشينة عاراً علينا نحن لأنهم محسوبين علينا و يفترض أن يكونوا قد عرفوا معنى ان تظلم إنسان ضعيف مستقوياً بوضعك الحالي.. و يفترض ان يجعل منهم قدوة حسنة و خير من يقدرنا و ينشر التراحم بيننا.. الطبيعي أن يكونوا في صفنا و معنا و ليس جلادين يعتدون علينا و يضربوننا و يهينوننا و يعتقلوننا.. في تلك النقاط العسكرية الكثيرة المترامية في مفترقات الطرق و بين مداخل المدن الجنوبية نجد الكثيرين ممن يقدموا أنفسهم رخيصةً فدىً للوطن الكثيرون منهم يقف واضعا روحه على راحة كفيّه مُهَدَداً من شرٍ متربص يتأزر حزام ناسف او إنتحاري مجنون يقود سيارة ملغمة بعشرات الكيلوجرامات من المتفجرات.. او يتسلح على طريقة رامبو في الافلام الامريكية…يحوم متحفزا لفرصة بسيطة يحيل بها أفراد تلك النقاط العسكرية الى أشلاء…

هؤلاء الأبطال يضعونا بسبب الشرف و التضحية و الإخلاص  الكبير حبا لوطنهم، في حرج كبير من إنتقاد سلوك بعض الأفراد الذين نجح العدو في غرسهم بين العناصر الشريفة تحيُّنا لهذه الفرص.. هناك جهات تقف خلف الجاهل الذي لا يستوعب أبعاد سوء سلوكه والغير واعي لعواقب تصرفاته ولحساسية وضع البلد وضرر ذلك على تماسكنا كجبهة لازال خطر الأعداء يحوم حولها وبعضهم بعد بطنه لا يهمه شيء ولكن اخطرهم المندسين الذين يمسكون بخيوط المؤامرة يحركون كل هؤلاء بتوجيهات يتلقونها من تلك الجهات الكثيرة المختلفة المصالح …

و كل هذه الأعمال المستفزة ضد مواطنين كانوا بالأمس يذودون عن دينهم و أرضهم و عرضهم ضد مليشيات الحشد الحوثي و اتباعهم العفافشة، هي أعمال غير عشوائية كما تبدو من الوهلة الأولى، بل هي مدروسة بعناية و مدفوع لها بالملايين الهدف منها إبقاء المناطق التي تحررت و خاصة الجنوبية مضطربة و غير آمنة و لا مستقرة وعندما رأيتُ الإصرار بنظرات الشاب الباحثة عن دفعي لكي إشترك في الموضوع، قلت له يا أبني مهما بلغ ما نعانيه من اختلالات و إضطرابات فلا يجب ان نفقد الأمل…

فهناك جناح كأن يعمل في الظلام و الآن نراه نهاراً جهاراً يريد أن يفشل كل جهودنا و كل ما تحقق يريد إضعاف ثقتنا بقيادتنا المتمثلة بسلطتنا المحلية يريد دفعنا لنترحم على أيام عفاش يريدنا ان نشتاق لظلمه و فساده و نهبه و قتله و جلاوزة نظامه..

يريدنا حتى ان نتخلى عن الحرية التي استحققناها بتضحيات جسام و امتلكناها بتشقق ايدينا و عرق جباهنا و بدمائنا و أرواح شهدائنا.. يريدون دفعنا ان نكتم نسمة الحرية التي  صرنا نتنفسها جنوبا و عندما رأيت حرقة كلماته تعم الجميع الصالح و الطالح دون تمييز… قلت له: أعلم انك في وضع يدفعك لتقذف حمم غضبك دون ان تستثني احد.. و لكن هل نسيت ان معظم هؤلاء الأفراد هم من شبابنا الذين عطشوا و جاعوا و احرقتهم أشعة الشمس و لفحت وجوههم الرمال الملتهبة و جرحت ارجلهم و ايديهم الحجار، في جبهات عدة كانوا فيها ثابتون كالأسود يتصدون للعدوان الجاهل القادم من الشمال بأفكاره المشوهة عقائديا و حقده الأعمى و عطشه لسفك الدماء و استباحة الأرض والعرض..

ذكرته بأن في هذه النقاط العسكرية شباب من اولادنا و الذين نعرف مدى حبهم لهذه الأرض و استعدادهم للموت لأجلها.. قلت له لا تجعل من مصابك الذي تسببت به تلك الشرذمة ان يفقدك تقدير  الكثير من أفراد النقاط الذين يتعاملون معنا بكل ذوق واحترام.. و ان كان هذا هو الوضع السائد بالصورة التي تعرض له عرضيا أخاك لكنا نعيش حالات يومية من الفوضى و الاضطرابات…

ختمت حديثي ان مثل هذه التصرفات و السلوكيات اللاخلاقية قليلة الحدوث و ليست كثيرة… و بالضبط رد فعلك هذا  في انك فقدت ثقتك بالجميع و جعلك تعم الجميع بسبب السلوك الهمجي لأولئك النفر.. هو خلاصة ما يريدونه و ينفقون لأجله الأموال و يقدمون أرواح من يغررون بهم…يريدون أن تعم الفتنة بيننا.. لنرضخ و نقبل بالشيطان كبديل.. يريدوننا أن نصاب باليأس و الإحباط ثم نقول سلام الله على عفاش..

ثم قلت له بكلمات فيها اصرار و تحدي أحسست باني أردتها قوية ليشعرها في قلبه.. و الله لو حدث ما حدث و لو وصلنا الى اسوء مما نحن عليه فلن يكون هناك سبباً حتى اهبط الى هذه المنزلة الاذل،  حتى اترحم على ايام السواد و الذل و الظلم و الجهل و الفساد العفاشية.. ثم قربت منه و امسكت بيده.. يابني لو حدث ماحدث فلن تكن أسوأ من ان تطأ أقدام مليشيات الحوثي و اذناب الفرس بلدك يعيثون بها فساداً و يذيقوننا الذل و الهوان.. يابني اشعر بمصابك و لكن تذكر حالنا قبل اليوم حين كنا تحت سطوة الأمن المركزي و كم تجرع أهلنا منهم الذل و الاحتقار و القتل و الملاحقات في الازقة و المنازل..

لا تقلق بإذن الله سنطهر ارضنا حتى من هؤلاء المندسين.. سنتصدى لهؤلاء الذين يعبثون بحياتنا.. و قلت له بعد ان شعرت بصدى كلماتي على وجهه.. مهما يحدث لنا فلن نرغب أبدا ان يعود الكارثة المخلوع و عصابته و لا مليشيات النهب و الجهل و القتل الحوثية  فهؤلاء هم أم الكوارث!