fbpx
الشهيد جعفر “غضب عدن ” كتب/نايف البكري
شارك الخبر

سمعت عنه قبل ان اقابله لأول مرة في عز الحرب،  وفي عرض البحر بحضور اللواء صالح الزنداني وهما قادمان من العاصمة السعودية الرياض الى العاصمة المحاصرة عدن في صيف 2015م ،في مهمة تاريخية هامة تتمثل في وضع خطة تحرير ودحر الغزاة من مليشيا الحوثي وعفاش عن الحبيبة عدن، وفي اللقاء الاول ادركت معنى العبارة الشهيرة ” من سمع ليس كمن رأى ” ، بعد ان وجدت نفسي امام قائد من طينة الكبار الذين تطمئن وانت تقاتل الى جانبهم او تحت امرتهم وانت واثق انهم سيقودونك الى النصر ، ليس بشجاعتهم فقط ولكن بحنكتهم ودهائهم وخبرتهم الكبيرة.
انه الشهيد اللواء / جعفر محمد سعد الذي قابلته لأول مرة بعد ايام من استشهاد اللواء القائد على ناصر هادي، والحقيقة ان مشاهدة جعفر قد ذكرتني بالشهيد ” علي ” ، فثمة قواسم كثيرة مشتركة تجمعهما ابرزها انهما من النوع الذي يمكن القول عنه السهل الممتنع، فعلى الرغم من علوا شانهما في القيادة والريادة العسكرية الا انهما يتسمان بالبساطة والتواضع وتحس انك تعرفهما منذ زمن طويل رغم انك قد تكون التقيت بهما للتو.
ومنذ المقابلة الاولى ، بدانا العمل معا في التحضير لمعركة تحرير عدن ، هو من موقعه كقائد عسكري يخطط كما تعلم في الكليات والأكاديميات العسكرية العليا ، ونحن في مجلس المقاومة نستعد كما علمتنا كلية الدفاع عن عدن وأكاديميات المعارك التي خضضناها ضد العدو الغاشم، والحقيقة ان الشهيد جعفر محمد سعد كان بحد ذاته كلية وأكاديمية عسكرية لمن اراد من معاونيه او من كان يعمل معه التعلم والفائدة ، ليس في الجانب العسكري ولكن في جوانب اخرى كثيرة يعرفها كل من عمل معه .
وفي خضم التحضيرات للمعركة ، قال لي الشهيد جعفر سنسميها ” غضب عدن ” واعتقد انه اراد بذلك الاسم القول ان عدن تغضب لتثأر لنفسها بشبابها وابنائها من مغول العصر الحديث الذين دمروها وحاصروها وشردوا وقتلوا اهلها ، لكن القيادة العليا رات ان اسم السهم الذهبي هو ما يناسب المهمة المنتظرة ، فكان ” السهم الذهبي ” هو الاسم الحركي لمعركة تحرير عدن التي تمت في 17 يوليو 2015م بدعم من دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ، ذلك الدعم الذي لن ينساه شعبنا ابد الدهر.
تنقلنا مع الشهيد جعفر قبل وبعد معركة تحرير عدن ، ووجدت ان اللواء الشهيد جعفر محمد سعد عسكري محترف على اعلى مستوى ، لكنه يتسم بطبيعة مدنية في نظرته للحياة ولإدارة البلد بشكل عام،  وذلك ما ميزه عن غيره من العسكريين الذين قابلتهم في حياتي حتى الان ، وقد تكون تلك السمة – نظرته المدنية – التي تجسدت لاحقا على ارض الواقع وقد اصبح محافظا لعدن اضافة الى بساطته وطيبته وقربه من الناس واحساسه بمشاكلهم هي التي زادت من فداحة الالم والخسارة التي اصابت عدن والوطن عموما باستشهاد اللواء جعفر محمد سعد ” الحلم العدني المسروق”.
لقد كنت قريبا من الشهيد جعفر في اصعب الظروف وربما اسعدها – بعد التحرير –  واكتب من موقع المسئولية ، مدركا حجم الخسارة ، فـ جعفر مثل لعدن واهلها نهر واعد بالعطاء ولكن جف نبعه قبل ان يسقي ويروي ، فقد اغتالته يد الارهاب التي تستهدف النيل من حاضرنا وسرقة مستقبلنا باغتيال رموزنا وابطالنا ، لكنها لن تنجح فكل ليل يأتي بعده فجر، وبدماء الشهداء تروى شجرة الحرية.
ومهما قلت لن اوفي الشهيد حقه ، فانا لست بكاتب محترف كي اجيد رص الحروف وترويضها للتعبير عن ما يجول بخاطري ، لكنني ارى ان التعبير العملي عن الوفاء للشهيد هو السير على دربه الذي بداه في خدمة الشعب وتحقيق اهدافه وتطلعاته الوطنية وذلك ما يجب ان نهتدي به جميعا .

أخبار ذات صله