fbpx
ليتهم يخرسون*

بقلم/د. عيدروس نصر ناصر

أحد المكتظة صدورهم بالحقد على ثورة 14 أوكتوبر كتب بمناسبة ذكراها الثالثة والخمسين ثرثرات مملوءة بقاذورات العقول المريضة، عن هذه المناسبة المجيدة، مستعرضا تاريخ هذه الثورة الذي لم يقدمه إلا على إنه أنهار دماء وحفلات قتل ومهرجان فجور، وهذا دأب الكثيرين ممن لا يكتبون إلا بالرجوع إلى ملفات الأمن الوطني وكتب ومؤلفات أساتذة التكفير والقتل ومنظري الغزو واستباحة حرمات المواطنين الجنوبيين (الكفار).

لم يقل عن هذه الثورة أنها حررت الوطن ووحدته وبنت دولة لها صولتها وجولتها وسمعتهها الدولية المحترمة في كل بقاع الأرض، فكل هذا لا يدخل في اهتماماته، بل راح يستحضر أكاذيب وافتراءات كانت تبثها مطابخ الأمن الوطني والمخابرات الدولية ليجعل منها حقائق مطلقة هي كل التاريخ الجنوبي ولا شيء غيره.

لا يمكن أن نطلب من أمثال هؤلاء المأفونين أن يشهدوا بإنصاف بأن هذه الثورة هي الأولى وربما الوحيدة في المنطقة التي ساوت بين عامل النظافة وشيخ القبيلة في الحقوق والواجبات، وأنها الوحيد التي قضت على الكثير من الأمراض والأوبئة وحولتها إلى مجرد ذكريات في كتب التاريخ، لأن ذلك في ثقافة هؤلاء موبقة يجب إدانة الثورة عليها، ولا يمكن أن ننتظر منه ومن أمثاله المرضى أن يشهدوا لثورة 14 أوكتوبر ونظامها الفتي (الذي لم يكن ملائكيا خال من الأخطاء) مكنا ولأول مرة في تاريخ المنطقة ابن الفلاح والحداد والخراز ومن كان خادما ليغدو طبيبا وطيارا ومهندسا وقائدا سياسيا وعسكريا ومحاميا وقاضيا، فهذا في ثقافة هؤلاء هو الكفر البواح الذي تجب أزالته وقد تمت إزالته على أيدي من ينطق باسمهم هذا المعتل وأمثاله، والأكثر من هذا لا يمكن أن ننتظر من هذا الكويتب ومن أمثاله أن يدينوا الاستباحة الإجرامية التي تعرض لها الجنوب بعد حرب 1994م وما مارسه المنتصرون من ظلم وسلب ونهب واغتصاب واستيلاء على ثروات الجنوب واستبعاد مئات  الآلاف من أبنائه وتحويلهم إلى مجرد أرقام في سجلات الإحصاء السكاني، ولا يمكن أن ننتظر منه شهادة إدانة لتدمير القيم والأخلاق والوشائج الاجتماعية وزراعة الموبقات ونشر الفتن والحروب وتجارة الأسلحة ونشر المخدرات واستدعاء ثقافة التناحر والتعالي ونشر الأحقاد، وتدمير التعليم، فكل هذا في ثقافة هذا الكويتب وأمثالة هي الرسالة التي أتوا بها في 1994م وهي النعمة التي جلبوها لنا بعد أن كانت في نظر المواطن الجنوبي شيئا من الخيال.

ليست المرة الأولى التي يقر فيها الجنوبيون بأن تاريخ ما بعد الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر 1967م لم يكن خاليا من التعرجات والأخطاء التي يمكن القول عن بعضها بأنها مؤلمة، لكن مقارنتها مع جرائم أسياد هذا الكويتب ومن يطلبون منه إدانة ثورة 14 أو كتوبر لن تمثل إلا مقارنة القطرة مع البحر أو مقارنة الحصاة مع الصخرة المدمرة التي تجرف كل ما يقع في طريقها، أما الصراعات السياسية التي شهدها الجنوب، والتي يقر الجنوبيون بها ويتعبرونها جزء من التاريخ الذي لا ينبغي تكراره، فليتهم يدلوننا على بلد واحد لم يشهد ما هو أبشع وأقبح وأقذر منها، ولنا في ما شهدته اليمن بعد انتصارهم في العام 1994م خير دليل على استقامتهم!!! وسلميتهم!!!! ونقائهم وتعزيزهم للأمن والاستقرار!!! وأناقتهم!!! ونظافة أيديهم من اللصوصية وتعاطي الرشوات، وصونهم لدماء المواطنين!! واختفاء الحروب من مسيرتهم.

أمثال هذا الكويتب وهم كثر يحاولون أن يحجبوا ضوء الشمس الناصع بغربال متسخ مثقوب في معظم مساحته فليتهم يخرسون خجلا مما يتفوهون به لو أنهم يتمتعون بشيء من فضيلة الخجل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*   من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك