fbpx
صراع الأقطاب في صنعاء.!

 

 

بعد التفجير الذي حصل في صنعاء وراح ضحيته العشرات من القيادات أغلبهم يتبعون لحزب المؤتمر جناح عفاش, كان لهذه الحادثة تداعيات خطيرة على مستقبل العلاقة بين الحوثي وعفاش أعداء الأمس أصدقاء المصلحة الآنية اليوم، فهل يعودان بعد هذه الحادثة إلى وضعهما الأول من العداء والإقتتال وسباق السيطرة على مراكز النفوذ؟ أم إنهما قد خسرا الأثنين معا وإن ساعة أجلهم قد دنى وقتها؟.
الذي تتبع الحادثة يدرك مدى الخلاف العميق بين الفريقين، وتبادل الإتهامات والتصريحات المضادة وكل طرف يتهم الآخر ويحمله المسؤولية الكاملة عما حصل، وإن لم تكن على المستوى الرسمي ولكن ظهرت وانتشرت عبر الإعلام البديل في شبكات التواصل الإجتماعي، مما يوحي على تأزم الوضع بين الجانبين.

الرئيس المخلوع لم يعد ذلك الشخص المرعب والسوبرمان الذي يصعب مواجهته كما كان يصور لنا، بعد تفكيك منظومته من قبل التحالف، بل إن سياسته ومكره ودهاءه عرفه الكثير وأصبحوا يمارسون عليه نفس الأساليب القديمة التي كان يستخدمها ضد خصومه، مستغلا الإمكانيات التي تحت يده وتصرفه، ورجال المخابرات الذين يتبعون لإبن أخيه مباشرة، -فالحوثي عمل تحالف مع الرجل وهو يدرك خطره وغدره ونكثه في العهود، وهو أيضا تعامل معهم بطريقته المعهودة في تخدير الخصوم وترويض البعض منهم وإرهاب الآخرين، ولكن إذا سنحت له الفرصة لن يتردد لحظة واحدة في النيل منهم، لعل الحوثي هذه المرة كان أذكى من عفاش، وباغته بضربة إستباقية كانت موجعة ومؤلمة ومكلفة جدا.
هذا ما يراه بعض المحللين إن الحوثي هو المنفذ والفاعل، بدليل إن أغلب القيادات الحوثية التي شاركت خرجت وانسحبت قبل التفجير بلحظات، وقيامهم بجرف مكان الحادث بعده بيوم بغرض إخفاء آثار الجريمة، وهناك محللين يرون إن عفاش هو الذي يملك زمان الأمور داخل صنعاء ولديه أجهزة أمنية ومخابراتية يستطيع إن يؤذي خصومه بسهولة، ويستدلون بخروج إبنه الذي لم يمكث طويلا في القاعة وخرج مباشرة بعد أداء واجب العزاء، وبالأمس تم إغتيال القيادي والإعلامي الحوثي صلاح العزي، في ظروف غامضة جدا، ورجح البعض سبب مقتله هو الفيديو والتصوير الذي التقطه للقاعة بعد التفجير، فأرد عفاش إخفاء كل الأدلة التي تدين المنفذين.

 

هكذا انقسم المحللين حول الحادثة وتشعبت الأمور وكثرت الأراء والتحليلات والتفسيرات، ولكن هناك طرف ثالث لا يقل خطورة ومكرا ودهاء عن عفاش والحوثي ولديه إمكانيات كبيرة في مواجهة خصومه، لم يسلط عليه الإعلام كثيرا ولم يتطرق له أحد، إنه الجنرال علي محسن الأحمر، الذي كان يمتلك الفرقة الأولى مدرع، فأين إختفت الفرقة ورجالها وجنودها والأجهزة التابعة لها؟! تظل لغز محيرا للكثيرين حيث لم يكن لها أي حضور في المعارك ضد الإنقلابيين ولم تتبنى عملية واحدة داخل العاصمة صنعاء منذ إنطلاق عاصفة الحزم.

 

علي محسن قد يكون هو من دبر العملية بليل وخطط لها ونفذها رجاله، وهي ضرب عصفوين بحجر واحدة، وتكون لطمة لعفاش والحوثي بفقدهم لهذه الكوادر والقيادات العسكرية والمدنية، وإنتقاما منهما على ما فعلاه به وبجنوده من قبل.
حادث الصالة الكبرى في صنعاء، رسم معالم جديدة للمشهد اليمني برمته، وأظهر خلافا كبيرا وهوة شاسعة بين الأقطاب التقليدية المتصارعة منذ قرون طويلة، فصنعاء لن تسلم إلا لأحد هذه الأقطاب الثلاثة، -عفاش ومن معه من تحالفات وأحزاب .

-الحوثي ومن يقف وراءه ويدعمه من قبائل ومتنفذين وشيوخ، معتمدا على التهييج الطائفي والمذهبي.
-وعلي محسن ومن يقف خلفه من أحزاب وقبائل أيضا، وقد يكون هو البديل المناسب والمقبول للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
الأشهر القليلة المقبلة سوف تشهد تطورا كبيرا على الساحة السياسية والعسكرية وخاصة في صنعاء ومن حولها بعد هذا التفجير المؤلم لعفاش،ولن يسكت على ذلك وسوف ينتقم لمن قتل من اتباعه في الصالة، الجميع يراقب ومنتظر ما تسفر عنه الأيام القادمة.

محمد بن زايد الكلدي