fbpx
لست عورة يا آدم
شارك الخبر


نوال آل أحمد
في مجتمعاتنا الشرقية وبالأخص في جزيرة العرب عانت المرأة عقوداً طويلة من التهميش فكانت تعيش وضعا مزريا , ومكانة هامشية سطحية , ولا زالت إلى اليوم تعاني المرأة وبالأخص في جزيرة العرب من السلطوية
الذكورية والوصاية القهرية والنظرة الدونية التي ما أنزل الله بها من سلطان من قِبل عضيدها الرجل وهذا القمع والحجب لها عقلياً وإجتماعيا وإخراجها من المجال العام و الإجتماعي والمهني وحصرها فقط بالزواج وشؤون المنزل من تنطيف وطبخ ورعاية أطفال وخدمة زوج … إلخ ‘ مما تسبّب في انعزالها وانطوائها وغيابها عن المسرح الاجتماعي وأبعدها عنه كلياً وهذا الأمر أدى إلى أن تكون هذه المرأة طاقة مهملة , وعضواً مشلولاً غير قادر على الإبداع والعطاء والعمل وتتريسها فقط بخدمة المنزل والأسرة , وهذا التتريس ليس أمراً مزعج بل هو عمل شريف تؤجر عليه عند مُحصي الأجور , ولكن ينبغي أن لا يقتصر دور المرأة على ذلك الدور فقط
لأنها شقيقة الرجل وعليها أن تحمل المسؤولية معه وتشاركه في البناء الاجتماعي والتنمية الشاملة، وإنماء المجتمع , لأنها نصف هذا المجتمع وبدونها يكون هذا المجتمع ناقص البناء والتكامل والنظرة القهرية والقسرية للمرأة لاتجوز في سماحة هذا الدين العظيم فالله تعالى أوصى في محكم كتابة على تقدير كيان هذه المرأة في أكثر من موضع فقال تعالى : ﴿وَلاتُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ﴾ ويقول : ﴿وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾ ويقول : ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ لَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف﴾ ويقول : ﴿ فَلا تَبْغُواعَلَيْهِنَّ سَبِيلاً﴾
وجاء الهادي صلوات ربي وسلامه عليه يوصي بهن قائلاً : “إنما النساء شقائق الرجال” وقال عليه أفضل الصلاة والسلام : “استوصوا بالنساء خيراً”
فديننا الحنيف جاء ليُكّرم المرأة لا ليُكبتها جاء ليضع لها حقوقها في إطار أحكام شرعية تتقيد بها أثناء ممارستها حياتها الاجتماعية والآن سأسرد لكم شيء بسيط من المهام الاجتماعية والإنسانية التي كانت تقوم بها المرأة المسلمة ليعي أصحاب العقول المتحجّرة والنظرة القاصرة بأن المرأة قد تتفوق أحياناً على الرجل حيث جمعت بين الحمل والولادة والتربية والأشغال المنزلية ومساندة الرجال
في كثير من المهام التي كان ينبغي القيام بها من قِبلهم دون تدخل المرأة فإليكم شيء من لا شيء من الدور المشرق لشقائق الرجال في ذلك الوقت النبوي شاركت المرأة المسلمة قديماً الرجل في الجهاد فكانت سنداً وعوناً له وقدَّمت أدوار مشرقة في ميادين الدفاع المختلفة
فقد كانت كعيبة بنت سعد الأسلمية (رفيدة): هامة نسائة بارزة فيوم ان حضر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة شاركت في استقباله مع جموع المسلمين وبعد سنتين دعا الرسول صلى الله عليه وسلم الى غزوة بدر يوم 17 رمضان في السنة الثانية للهجرة الموافق 13 آذار 624م، فلبت رفيدة النداء في مجموعة من النساء فكانت تتنقل بين صفوفهم فتعطيهم التشجيع والحنان , وتشحنهم بطاقات ثباتية للمقاومة أيضاً ساهمن في التطبيب وعلاج الجرحى وتضميد جروحهم أثناء المعارك فكن بمثابة المسعف لتطبيب الجروح ومعالجة المرضى كنسيبة بنت كعب المازنية (أم عمارة) هذه السيدة المسلمة العظيمة التي قالت عنها الباحثة العالمية (المسز ماجنام) أم عمارة كانت من النساء المسلمات اللاتي قمن في الحروب الإسلامية بالدور الذي تقوم به منظمات الصليب الأحمر في العهد الحاضر.
لقد أسلمت أم عمارة وهي تنتسب إلى كعب بن عمرو من بني مازن بن النجار.. أسلمت وبايعت الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة وخرجت مع المسلمين في أحد في الخامس من شوال من السنة الثالثة للهجرة وهي تحمل الماء وأدوات الإسعاف، وكان ولداها وزوجها من المحاربين واشتركت معهم في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصد الكفار عن الاقتراب من خيمته، وظلت تقاتل وتداوي الجرحى حتى جرح ابنها عبيد بن زيد، فأقبلت عليه وربطت جرحه ثم قالت (قم يا بني وناجز القوم) وعندما رأت الرجل الذي جرح ابنها اعترضته وضربت ساقه فبرك على الأرض.. وهنا قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: « ما التفت يمينا أو شمالا ألا وأنا أراها تقاتل دوني، ومن يطيق ما تطيقنه يا نسيبة» وقد عادت بعد أحد إلى المدينة بعد أن أصابها سهم في عنقها.. ولم تمت، فقد كتب الله لها أن تشترك في الحرب ضد مسيلمة الكذاب في عهد ابي بكر الصديق رضي الله عنه وكانت مقاتلة شرسة في سبيل الله، وبقيت تقاتل وتحمل السيف حتى بترت ذراعها، وعادت إلى يثرب بساعد واحد وهي تحمله، وقد ناهزت الستين عاما، وقد عالجت جرحها بالدهن المغلي.
وتكريما وتخليدا لها فقد اطلق اسمها على كلية التمريض الأردنية في اربد.. فصارت تسمى «كلية نسيبة المازنية للتمريض».
وأيضاً ممن اشتهرن بالتطبيب في عهد الرسول أم حكم المخزومية، وأم موسى بن نصير وأم كثير، وصفية بنت عمر بن الخطاب , وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها , وقد ذكر الذهبي في كتابه تاريخ الاسلام:
قال عروة بن الزبير: ما رأيت عالما بالطب مثل عائشة رضي الله عنها، فقلت: يا خالة من أين تعلمت الطب؟ قالت: كنت اسمع الناس ينعت بعضهم بعضا فأحفظه ”
أيضاً من أدوار النساء المشرقة دور أسماء بنت أبي بكر -ذات النطاقين- فقد كانت بماثبة الحارس الشخصي تحفظ رسول الله وصاحبه في رحلة الهجرة إلى المدينة المنورة وكانت الخنساء بمثابة الداعمة المقدامة حيث قدمت بنيها الأربعة في سبيل الله وكانت سمية -أم عمار- مشروع فدائي للدين ثابتة على مبدأها القويم فنالت لقب أول شهيدة في الإسلام وكانت السيدة خديجة -أم المؤمنين-بمثابة الممولة والمؤازرة فناصرت النبي صلى الله عليه وسلم- بجاهها ومالها ونفسها وهناك الكثير من الأمثلة على انخراط
المرأة في المجتمع وأنها ماوجدت فقط للطبخ والغسيل فقط لو رأينا وتمعنّا في أحقية المرأة بالانخراط في المجال المهني والاجتماعي لوجدنا أن ديننا سمح لها ذلك بما يحفظ لها كرامتها وكينونتها بعيد كل البعد عن الأحكام التي يُطلقها المتسلطون على المرأة وبأحكام ما أنزل الله بها من سلطان إلا اتباع الجهل والعادات التي تخضع للعرف لا للشرع معتبرين بأنها عبارة عن (عشر عورات يستر الزواج واحدة ويستر القبر التسع الباقيات) لذلك يجب أن تتغير هذه النظرة التي لازالت تُخيم على بعض عقول الذكور تجاه الأنثى وعليهم أن يعوا بأن المرأة كيان لايجب أن يستهان بقدراته في كل الأوقات ولاسيما أوقات الأزمات

أخبار ذات صله