fbpx
نزع ..بقلم: م/نعمة أحمد البيهي
شارك الخبر

قاسمها النسيم :” إني لكِ لمن المخلصين ” ، وقاسمتها الغيوم بالمرور الجميل ،وأسرفت العصافير لجوانحها بوعود الوفاء ، وحده هو من كانت على الدوام ترقبه.
صديقين ظلا والزمان الطويل يجرجر عباءته : جعل أغصانها أرجوحته ، بنى لجوارها بيتا صغيرا من مياضير* وطين ، رسم قلبا عميقا على صدرها وخفق إذ أنصتت للدعاء الخفي!.
وحده هو الذي عرفته جيدا ، يتكئ إليها بظهر متعبٍ…يعيد مواله ألفا ولاتمل ، يحكي لها عن رفاق مضوا ، وحبيبة فارقت ، وأمٍ تعد فطائر الصباح في تذكرها !، يحدثها عن طعم الفقد..لاذع ، وعن الصبر…مر !، تهبه فرسكا لعله _كما الماضي _ يجلو بعصائر الحلو منه المرار الذي استجد !.
يأتي الشتاء يقتص من وريقاتها ،جرداء…كاليأس حين يعم ، تشرع أغصانها كجندي استسلم أخيرا إذ لم يجد وجهة للفرار.
ورغم الصقيع تعلم أنه هو…وحده هو لن يستطيع أن يجيء إليها بفأس غدر كي يصطلي من حشاها ، وأنه هو وحده هو لن يسلمها _ على عللها_ لجور غريب .
وأنه هو…وحده هو سيبقى وفيا لقلة الزاد من معصميها إذ يعود صيفٌ كليل ، وتعلم أنه هو…وحده هو قد لا يجد الظل من راحتيها ولن يتبرم ويبصق قريبا من عجف عودها .
وترقب شيبا تسلل إلى فوديه ،وبضع تجاعيد حاصرت مقلتيه ونظرة منهما حائرة ، وترقب نفور العروق في يديه…يشير إلى الوادي القريب يتبرم من قلة الحصاد الوشيك ، يتحدث بكلام غريب عن الضنى والتعب…عن بلاد بعيدة تبتسم له …لها طرقات معبدة ليست معفرة بالتراب ولن تدمي قدميه كهذه ! ، فيها خلق كثير…ليس كوحشة قلة الباقين هنا ، يحدثها طويلا ولمَّا تفهمه ، تسائله…لا يجيب ، تشعر أن شيئا تغير…وأنه هو _ وهو لها من هو _ قد يغيب !

* : أحجار صغيرة مسطحة تستخدم بين حجارة الكبيرة عند البناء

*كاتبه وشاعرة جنوبية

أخبار ذات صله