fbpx
التغيير في مأزق

 

باسم فضل الشعبي

مهما فعلت،فلن تستطيع هزيمة خصمك،مادمت تستخدم ادواته.

عندما لاحت فرصة اشعال الثورة، على النظام العائلي المستبد، امام الشباب، والقوى السياسية، كان التفكير بالادوات، التي ستفجر الثورة ،وستقودها، ياخذ وقتا، وجهدا طويلا،وبطبيعة الحال كان الشباب في صدارة هذا الفعل، وهو ما يمكن ان نطلق عليه بالقوة الجديدة، او الصاعدة،كانوا ادوات الثورة، ومفجريها، وقادتها،بمشاركة القوى السياسية.

كان الشباب مؤمنون بالتغيير اكثر من غيرهم، ولديهم طموحات، واحلام،وتطلعات كبيرة،بانجاز اهداف ثورتهم،المتمثلة اهمها في اسقاط النظام المستبد ورموزه،ثم الانتقال الي بناء الدولة المدنية، الجديدة،و العادلة.

انجزوا الهدف الأول بنجاح،وتعثرت احلامهم عند الهدف الثاني، وذلك بسبب اختطاف الثورة،واعادة انتاج ادوات الماضي،التي هي الاخرى ساهمت في اعادة انتاج ادوات المستبد نفسه، والتي وقفت عائقا امام استكمال التغيير،ودفعت البلاد الي حرب اهلية انتقامية، لتصفية حسابات سياسية، كان الشعب، والبلد، هما اكبر ضحاياها.

لن تستطيع القضاء على خصمك وانت تستخدم ادواته،عبارة غاية في الاهمية،سبق وان قيلت في السابق، وتتردد اليوم بقوة.

التغيير الذي فجر من اجله الشباب ثورة، ليس تغيير في الاشخاص المعيقين للتغيير فحسب، وانما في الثقافة، والموروث،والادوات،اذ ليس من الفائدة في شيء، ان تقتلع الرأس لتبقي على الجسد حيا،فالجسد الحي المتحرك، سيعيد انتاج الرأس القديمة من جديدة، او سينتج راسا فاسدة جديدة، وهو ما حدث بالفعل.

حدث الانقلاب، الذي حذرنا منه، على الثورة، والتغيير،واندلعت الحرب،فكانت المقاومة، من اجل انقاذ الثورة، والتغيير،لكن للاسف هناك من ينتمي للمقاومة، يعيد انتاج الاستبداد، والماضي من جديد،ضاربا عرض الحائط بتضحيات الجماهير.

في التعيينات الأخيرة،والتي قبلها، وقبلها، ما يدل على ذلك،محاولات مستميته لاعادة انتاج ماضي قامت عليه ثورة، واندلعت من اجل اجهاضه مقاومة مسلحة،بينما صانع القرار لا يلتفت لذلك، كما لو كان يوجه عن قرب، او عن بعد، لاعادة انتاج ذلك الماضي الكئيب، وادواته.

هكذا عندما تختطف الثورات، ويتم شيطنة، مفكريها، ومنظريها، وقادتها،يعاد بكل سهولة انتاج الماضي الذي قامت عليه.

التغيير في مأزق الآن، بسبب التغييرات، التي لا تراعي التغيير، والمستقبل، بل تقف على الضد منهما،وتتعسف ارادة الجماهير بصورة لا قيميه.

صحيح الأمور تمشي، والعجلة تدور، لكن هناك من يتعمد وضع الكوابح امامها، من داخل المنظومة نفسها، التي يفترض انها تقود التغيير.

شغل مفضوح، يفتقد لادنى درجات الذكاء،يتطلع لاحباط الناس،لكنه ايضا يراكم الغضب الشعبي، والمجتمعي، ضد من يقوم به،والذين اظنهم يستغلون وضع البلاد، وحالة الحرب، لاعادة توزيع الادوار، وانتاج الماضي بكل حذافيره،فضلا عن عدم وجود قوى سياسية منظمة،و مناهضة،لمثل هكذا ممارسات،ومن كنا نظنهم ادوات تغيير قد انغمسوا في الفعل نفسه.

نقل البنك المركزي الي عدن، مطلب شعبي، تحقق الان، وهي خطوة مهمة،وشجاعة، لاضعاف الانقلابين،وشق صفوفهم،وخلخلت المنظومة التي تحيط بهم،لكن نقل البنك سيتحول الي امر عادي جدا، وربما الي مشكلة،اذا ما ظلت الحكومة مهاجرة، وكذا الرئاسة،ولن يتم الاستفادة من هذه الميزة.

وتاسيسا لما سبق،فان العمل بادوات الماضي،تحدث قطيعة مع المستقبل،والعمل بادوات الخصم، المستبد، تعيد انتاج الاستبداد، بكل تفاصيله،وتضع التغيير في مأزق حقيقي.

رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام