fbpx
قراءة في خارطة التحالفات المرحلية ( فك الاشتياك 1 )..!
كتب أديب السيد
 
يحتار كثيرون، ويتوهون وسط احداث متداخلة وتفاصيل لا حصر لها ولا نهاية، يتساءلون عن تطورات، تحوم حولهم في كل لحظة وآن، فيحومون معها دونما قدرة على فك شفراتها او طلاسم حقائقها.
 
 
 
وكوننا نعيش واقعا مشتبكاً ووضعا مضطرباً، تصطدم فيها الفكرة بالنكرة، وتغوص الحقائق في بحر من الغموض، تظهر الأحداث الجارية اليوم، في مستويات عدة، وخرائط اشبه بمتاهات، سنحاول طرح ما يمكن لمحاولة ( فك اشتباكها.
 
 
 
ومن هذا المنطلق، يمكنني ان أقدم قراءة لما يجري، ربما أصيب فيها بعص الاهداف، وأخطئ في أخرى، لكنني على ثقة أن الخطأ لن يكون بعيدا جدا عن الحقيقة.
 
 
 
فالأحداث الجسام، او العناوين الكبيرة، بدءاً من ارهاصات الحرب الاخيرة ومنشأها، واندلاع الحرب التي لم تنتهي بعد، ربما باتت مفهومة للكثيرين، ولا تحتاج لإعادة تكرار او قراءة. لكن ما يجب قوله اليوم، هو أكثر بكثير من قيل سابقا ومما تم فهمه في الاحداث الماضية والحالية.
 
 
 
فواقع الحرب أفرز نتيجة طبيعية، وتحالفات واضحة، ضمن إعادة تشكيل الخارطة الداخلية لليمن التي باتت تتركز حاليا في ( الجنوب ).
 
 
 
خارطة التحالفات:
على الجميع ان يدرك، ان هناك تحالفين عريضين يظهران بوضوح في المشهد، وكل تحالف يحوي عدة اطراف وهما:
 
– أولاً: تحالف ( الحراك والمقاومة الجنوبية والشرعية والتحالف العربي ).
– ثانياً: ( علي عبدالله صالح وبعض اتباعه القديمين والحوثيين وإيران )الى جانب ( روسيا وأمريكا ).
 
 
 
في حين هناك طرفا ثالثا، واقعا بين الطرفين، يحاول ان يحقق مصلحته وينتظر رجوح كفة احدهما لكي يكون بالكامل فيها، فلا هو مع الاول كاملاً، وضد الثاني كاملاً، ولا هو مع الثاني كاملا ولا ضد الاول كاملاً. إنه طرف ( حزب التجمع اليمني للإصلاح ).
 
 
 
أين تختلف وتتفق اطراف التحالفين.؟
 
دعونا هنا نسمي التحالف الاول ( تحالف الشرعية ) والتحالف الثاني ( تحالف الانقلاب)
 
 
 
اولاً : التحالف الأول:
يجدر بنا القول ان تحالف الشرعية، في الجنوب نسجته خيوط الاحداث والتغييرات لتتفق اهداف كل اطرافه وهي ( الحراك والمقاومة الجنوبية والشرعية والتحالف العربي )، في مواجهة ( التحالف الثاني )، حيث تشعر اطراف التحالف الأول، ان التحالف الثاني يهدد بقاء كل طرف منها، ولهذا كان لزاما ان تشكل تلك الاطراف تحالفها العريض، الشرعي، في ضرب التحالف الثاني، وتفكيكه، ومن ثم يرى كل طرف نفسه الى أين وصل، وإلى أي مدى كانت خطواته في طريق ومسار هدفه الذي يحمله.
 
 
 
اتفاق:
يتفق اطراف التحالف الاول ( الشرعية) في عدة نقاط ويختلفون في أخرى، وذلك في عملية متداخلة، لا نعرف كيف سيكون مستقبلها، ورغم معرفة اطراف التحالف الاول بنقاط الاتفاق والاخلاف، إلا ان المرحلة تقتضي بقاء هذا التحالف متماسكا كضرورة قصوى لمواجهة خطورة التحالف الثاني الذي ما زال مستمراً.
 
 
ويمكن ذكر نقاط الاتفاق كالاتي:
– يتفقون مذهبيا ويختلون سياسيا.
– يتفق اطراف التحالف الأول في ان هناك قواسم مشتركة بينهم، رغم اختلاف الاهداف والابعاد.
– يتفقون في الوسائل ويختلفون في النتائج، حيث لن يقبل ( الحراك والمقاومة الجنوبية تهميش القضية الجنوبية ) واستيلاء ( الشرعية ) على الحق في التفاوض لتحقيق هدفها المنفرد، بعيدا عن حل القضية الجنوبية.
– يتفقون في ان تكاملهم مع بعضهم، يشكل قوة ميدانية ( الحراك والمقاومة الجنوبية ) وسياسية قانونية ( الشرعية ) وقوة جوية وبحرية واقليمية ومساندة وداعمة ( التحالف العربي)، وبتكامل هذه الاطراف يمكن هزيمة التحالف الثاني، في حين لو انفرد كل طرف لوحده في المواجهة قد يتعرض للانتكاس والهزيمة.
 
– يتفقون في أن التحالف الثاني عدو يشكل خطرا مرحليا ومن ثم مصيريا عليها.
– يتفقون ايضاً، في ان التحالف الثاني، معتدي ووصل للحكم بقوة السلاح والانقلاب، وليس من حقه لك.
– يتفقون في أن التحالف الثاني قضى على عملية السلام السلمية، وحول الخلافات السياسية الى صدام مسلح وعدواني وجب مجابهته وقتاله لما يشكله من تهديد على مصير اطراف التحالف الاول.
– يتفقون في ان التحالف الثاني لو انتصر سيهدد هوية الامة العربية وامن دول الخليج ومصالح الدول العربية والعالمية.
– يتفقون في هدف القضاء على الجماعات الارهابية بالمحافظات المحررة.
 
 
 
اختلاف:
وفي نفس الوقت يختلف اطراف التحالف الأول ( الشرعية ) في الاهداف، وبعض النقاط، وهي ما تم تأجيلها الى ما بعد انتهاء الخطر المحدق بالجميع من قبل التحالف الثاني.
 
 
 
ويمكن لنا ذكر نقاط الاختلاف كالاتي:
 
– يختلف اطراف التحالف الأول، في الاهداف التي يحملونها، فالحراك الجنوبي والمقاومة يحملون هدف ( استقلال واستعادة دول الجنوب ) فيما الشرعية تحمل هدف ( بقاءها في السلطة والحفاظ على كيان الدولة ضمن مشروع الاتحادية او الفيدرالية المقرة في مخرجات الحوار الوطني اليمني ) فيما التحالف العربي يحمل هدف ( القضاء على خطر حلفاء ايران الذي يتهددها، وكذلك إبقاء اليمن مستقرا بأي صيغة كانت، لكنها مرحليا ونتيجة لحسابات عديدة يجب ان تبقى ضمن الشرعية ومشروعها ).
 
– يختلفون، في نتائج أي عملية سياسية تهمش الجنوب لصالح الشرعية، أو لا تأخذ بعين الاعتبار إشراك الجنوب كطرف في أي حل سياسي.
– يختلفون ايضاُ، في رفض كل من طرفي ( الحراك والمقاومة الجنوبية) و ( الشرعية ) لما يحمله الاخر من مشروع، في حين التحالف العربي يدعم الشرعية التي كانت المدخل لتدخله بالحرب ومواجهة الخطر الذي يهدد دوله.
– يختلفون في إدارة محافظات الجنوب المحرر، بشكل أو بآخر، خاصة في ظل عجز الشرعية عن تقديم ما يلزم او تحقيق الاكتفاء الاقتصادي للجنوب من خلال تأسيس بنك مركزي بعدن، وهو ما يريده الحراك والمقاومة الجنوبية، وترفضه الشرعية، ويتحفظ ازاءه التحالف العربي نتيجة لتخوفات وحسابات أخرى.
– يختلفون في كيفية يتم القضاء على الارهاب في المحافظات المحررة، إذ ان دولا داخل التحالف متهمة بدعم جماعات مشبوهة داخل الشرعية، مشتبه تورطها في الارهاب.
 
 
 
ثانياً: التحالف الثاني:
وفي حين يشكل التحالف الانقلابي، قوة اخرى، ويتصف بالانتهازية والمتسبب بكل ما جرى، إلا انه كان تحالف، اضطراري رغم الخلاف العميق بين اطرافه.
 
و هذا التحالف متعدد الاطراف او الجهات وهو حلف الغزو والاعتداء ليس على الجنوب وإرادة وكرامة وحرية شعبه بل انه يشكل خطرا على أمن واستقرار دول الخليج ايضا وهو حلف ( علي عبدالله صالح وبعض اتباعه القديمين والحوثيين وإيران) الى جانب روسيا وأمريكا.
 
 
 
اتفاق
ففي حين تتفق اطراف هذا الحلف، في نقاط، تختلف في أخرى، ولنبدأ بذكر نقاط الاتفاق كالاتي:
 
– يتفقون مذهبيا، ويختلفون سياسياً.
– يتفقون في هدف الانقلاب، والاستيلاء على الحكم بقوة السلاح.
– يؤمنون بان السلاح هو الطريق الوحيد لوصولهم للحكم، والاستيلاء عليه بالقوة.
– يتفقون في مرجعيتهم الزيدية، وعدوانيتهم للشوافع، ويتحدون خلف حليفهم الأم ( إيران ).
– يتفقون في ان تحالفهم سيكون قادر على الصمود، وان تلاعبهم بالمتناقضات سيحقق لهم شرعية دولية بعد ان يأسوا في تحقيق شرعية داخلية.
– يتفقون، في عدوانيتهم على المملكة العربية السعودية، وعلى مواجهة التحالف الأول، ويصفونه بالعدوان والمرتزقة.
– يتفقون في طرق ووسائل المواجهة والمراوغة، وفي رفض مخرجات أي حوارات او مفاوضات.
– يتفقون في تمسكهم بما تسمى ( وحدة يمنية )، وان طريق الحفاظ عليها هو القوة واستخدام السلاح ضد الجنوبيين.
– يتفقون في اساليب استخدام الخلايا النائمة والارهابية لزعزعة امن واستقرار محافظات الجنوب.
 
 
 
إختلاف:
وبرغم اتفاق اطراف التحالف الثاني، الا ان خلافاتهم تعد اوسع مما يتفقون فيه، ويمكن ذكر ذلك كالاتي:
 
– يختلفون في الهدف والتنظيم، حيث الحوثيين يحملون مشروع الحكم وفقا لانتماءهم السلالي، في حين علي عبدالله صالح، ينطلق وفقا لرغبته في استعادة بالحكم والانتقام من خصومه، اما ايران فتذهب الى هدف تحقيق مشروعها الاوسع بتفريس الوطن العربي، واسقاط المملكة العربية السعودية.
– يختلفون في الخلفيات التأريخية، حيث الحوثة ملكيين، فيما علي عبدالله صالح جمهوري.
– يختلفون كثيرا في اسلوب استخدام كلا منهم للآخر، لتحقيق رغباته، حيث صالح يستخدم الحوثيين لتحقيق رغبته في انهاء خصومه، ومن ثم قد يتحالف مع أي كان لضمان بقاءه شريكا في الحكم ولو اضطره لقتال الحوثة، فيما الحوثة يستخدمون صالح لتحقيق رغبتهم.
– يتوجس كل منهما، خوفا من الاخر، ويعتقد الحوثة ان صالح يضمر لهم شيئا ما، فيما صالح يجد انه بعد تقوية شوكة الحوثة لن يكون من السهل عليه كسرهم.
 
اما حزب الاصلاح، فيتفق في نقاط عديدة مع التحالف الاول، ويختلف في نقاط أخرها ابرزها خلافه مع المقاومة والحراك الجنوبي، في حين يتفق مع التحالف الثاني في نقاط عدة، ابرزها الحفاظ على ما تسمى ” وحدة يمنية” ويختلف معه في نقاط أخرى.
ويتفق حزب الاصلاح كثيرا مع تنظيمي القاعدة وداعش، في اهدافهما، واستراتيجية عملهما، حيث تتداخل اهدافهم مع بعضها، وتتفاوت بنسب ودرجات معينة .
 
 
 
 
خاتمة:
وبالنظر الى خارطة هذه التحالفات، المرحلية المزدوجة (المتفقة المختلفة) في نفس الوقت، يجدر القول، أن أي من كل الاطراف في التحالفين ( التحالف الاول والتحالف الثاني) لا يستطيع الفكاك من الاطراف الاخر على الاقل في الفترة الحالية، ولو انفك احد منها، فانه سيكون محل هجوم من بقية الاطراف سواء من التحالف الذي ينتمي اليه، او التحالف الاخر، وسيضرب من كل الاطراف المتبقية سواء شرعية أو انقلاب.
 
ولكن احد أطراف التحالف الأول، وهو طرف الحراك والمقاومة الجنوبية، يرى ان تحالفه مع التحالف العربي، ليس مرحليا بقدر ما هو تحالف مصيري، أعاد مواقع الجميع الى مواضعها الصحيحة، وجسد واقعية ما يجب ان يكون عليه وضع الجنوب بمحيطه، انطلاقا من حمل الحراك والمقاومة الجنوبية، اهداف التحالف العربي، قبل ان ينشأ التحالف العربي ذاته، باعتباره أول من ناضل ضد المخلوع صالح، وحذر من مخاطر سياساته وتحالفاته، وعلاقاته الخطيرة ليس على الجنوب او اليمن فقط، بل على دول الخليج وبقية الدول العربية .
* اديب السيد
7 سبتمبر 2016م