fbpx
لماذا دعوشة الجنوب دون اليمن ؟!

 

كم كانت العملية الإرهابية الأخيرة فاجعة على من كان بقلبه ذرة من إيمان وإنسانية، في لحظة صمت وهدوء يلف المكان فإذا به يتحول إلى بركة من الدماء والأشلاء الممزقة وصراخ الجرحى يملىء الأرجاء وإرتباك في المشهد من قبل الجميع ولا يدرون كيف يتصرفون.

العاصمة عدن وعبر تأريخها الطويل وتعاقب المحتلين عليها لم تشهد إجرام بهذه الصورة البشعة والمخيفة، والتي يراد منها زرع الخوف وبث الرعب وخلخلت الأمن واختراق المجتمع وزرع الحقد والكراهية، وكل طرف يتهم الآخر.
عندما كنا نشاهد التفجيرات في بغداد ومدن سوريا وتجميع اللحم المتناثر على جانبي الطريق لم نشعر بالألم وإن كنا متعاطفين مع الضحايا والأبرياء، ولكن بعد ما اقترب من أرضنا هذا الإرهاب شعرنا بحجم الألم والمأساة التي يعيشها الشعب في العراق وسوريا، إن قتل الشعب بهذه الصورة المجنونة لهو عملية إنتقام وحقد دفين في صدور من يرسلون هؤلاء الشباب إلى المحرقة الذين تم غسل أدمغتهم وحرفهم عن جادة الطريق، وأصبحوا قنابل متحركة تنتظر الفرصة لاحداث أكبر قدر من الخسائر، من رأى تلك الأم وهي تحوم حول جثة ولدها الممزق أو تلك الطفلة التي تقبل جزء من جسد أبيها سوف نستشعر هول الفاجعة.

 
يا لها من مصيبة حلت بشعب ذنبه الوحيد إنه يريد العيش بحرية وكرامة إنسانية بعيدا عن المحتلين والجلادين، فكان هذا جزاءه.
إن دعوشة الجنوب أول من أطلقها هو عفاش والحوثي، ولعل الذاكرة الجنوبية سريعة النسيان، إن دخول الغزاة إلى عدن في صيف 2015م كان تحت ذريعة مكافحة الدواعش والإرهاب حتى يتسنى لهم دخول الجنوب والسيطرة عليه والحصول على الموافقة الدولية واخراج الترخيص من البيت الأبيض والكرملين الروسي، ولكن برهن شعب الجنوب إنه أصيل وذو خلفية ثقافية وفكرية معتدلة ووسطية لا تعرف للإرهاب مكانا ولا توجد أي محافظة أو منطقة حاضنة لتلك الجماعات الا النزر اليسير وعناصر شاردة ومتخفية ولكنها تمتلك القدرة على مباغتت التجمعات ورجال الأمن مستعينة بأجهزة عفاش الإستخباراتية ولا نستبعد ضلوع إيران فيها، وبعد دحر قوات عفاش والحوثي من الجنوب زادت تحركات الجماعات الإرهابية واخذت تضرب بكل ما امتلكت من قوة ومن جبروت، وزاد المشهد تعقيدا بعد إعلان التحالف الحرب على الإرهاب والدواعش في المحافظات الجنوبية وكأنهم اقتنعوا بكذبة الحوثي وعفاش من قبل!، وتمكن التحالف من إخراجها من حضرموت في غضون اسبوع فقط، وكذلك تم السيطرة على أبين ووصولا إلى تخوم شبوة في أيام معدودة، مما يدلل على إن الجنوب بعيدا عن الإرهاب بمعناه الواسع وبمفهومه الحقيقي، وإن وجدت بعض العناصر حتى لا نقفز على الحقيقة على الأرض ولكن يمكن إن يتم إحتوائهم والسيطرة عليهم سريعا، بدون تجييش كبير وبدون هالة إعلامية موسعة الهدف منها حرف مسار الثورة الجنوبية واحتواء الحراك الشعبي.

 

إن الجنوب وشعبه خرج من قبل تسع سنوات ورسم لنفسه هدف واضح وصريح وهو إستعادة دولته بكل مقدراتها ومؤسساتها المنهوبة، وأي خروج عن هذا المبدأ فإن الجنوب قد يفقد قضيته وتضيع وسط الملفات المتراكمة التي يحاول العدو خلطها وتغيير معالمها، وسقوطه في مستنقع الإرهاب الدولية الذي عجز كل العالم عن احتواءه أو القضاء عليه.
إن الثورة السورية لم تضيع وتتجزأ وتتقسم الا بعد إن أدخل النظام العلوي داعش على خارطة الثوار حتى يسهل ضربهم وسط مباركة دولية ومن القوى الكبرى في العالم، وكذلك العراق لم تدخل النفق المظلم الا بعد إن أوجد نظام المالكي العنصري داعش في بلاد السنة، وأصبح يدخل مناطق السنة ويقتل ويغتصب ويدمر تحت حجة مكافحة الدواعش، وسط ترحيب من بعض الأنظمة العربية المحسوبة سنية والدول الكبرى، وهكذا فقد الثوار الحقيقيون في كل من سوريا والعراق قيمة الثورة والمبادئ والمثل التي خرجوا من أجلها وظهر نجم الثورات المضادة بكل بطشه وجبروته.
والأن أصبح ينتابنا خوف من صوت الدواعش وجعل الساحة الجنوبية مفتوحة على مصراعيها لمن هب ودب، يقتل ويعتقل ويسجن تحت مسمى مكافحة الإرهاب، وسط تهليل إعلامي ووجود ترحيب شعبي قد لا يدركون المخاطر حاليا ولكن مع مرور الأيام سوف يصلون إلى قناعة إن ترحيبهم بمكافحة الإرهاب ما هو الا مطية وقنطرة عبور استفاد منها اعداء الشعب الجنوبي لسلخ قضيتهم وحرفها عن مسارها الصحيح، والا لماذا لا تسمع دعوشة في الشمال وكل العناصر التي تتوافد إلى الجنوب يتم إعدادها وتجهيزها وتدريبها في صنعاء والبيضاء ورداع ومأرب وغيرها من المناطق الشمالية؟!.

 

محمد بن زايد الكلدي