fbpx
شيطان صالح في هيئة كيري

منصور صالح
خير ما فعلت مبادرة كيري التي نشرنها bbc ونفاها احمد عوض بن مبارك سفير اليمن في الولايات المتحدة الأمريكية ،هو أنها لم تتطرق إلى الجنوب وقضيته لا من بعيد ولا من قريب ،ولو أنها فعلت هذا لربما كانت تضمنت بندا ينص على تجريم المطالبة بحق تقرير المصير، وعلى عودة تموضع قوات الجيش الوطني اليمني ، والحرس الجمهوري والقوات الخاصة التي طردت منه قبل نحو عام في عموم محافظات الجنوب، وخاصة عدن لحماية أمن واستقرار اليمن والمنطقة العربية والعالم .


لو أنني وأنا أقرأ المبادرة المسربة ، لم أكن قد علمت بأنها مبادرة أمريكية ، لضننتها مبادرة حوثية عفاشية ، فهي قد نسفت الجميع بمن فيهم هادي ونائبه العجوز،وقدمت بدلا عنهم شخصيات يمكن وصفها بصاحبة وفاء تاريخي لصالح كالقربي ،والعليمي وان ادعى الأخير انه مع شرعية هادي ، ولم يكن ينقص كيري سوى اقتراح ترشيح سلطان البركاني أو عارف الزوكا .


المبادرة التي قدمها كيري إلى اجتماع الرباعية في الرياض وهو الاجتماع الذي لم تمثل فيه حكومة الشرعية التي كانت نائمة فنادق قريبة قريبة تنص على إقامة حكومة وحدة وطنية مناصفة بين ثلاثي خراب اليمن ، الثلثين فيها لصالح والحوثي ، فيما كان لحكومة الرياض نصيب الثلث بعد أكثر من عام ونصف على الحرب والدمار والقرارات الدولية التي تقول إنها هي الحكومة الشرعية و تصف الطرف الآخر بالانقلابيين ،فإذا بها – المبادرة- تبدو وكأنها تفصل في الأمر وتعتبر إن الشرعية الحقيقية هي شرعية صالح والحوثي ،وانه لا بأس ، ومن باب الرغبة في الوصول إلى مصالحة وطنية من منح شرعية الرياض الثلث المكمل ،ربما ليمثلها فيها أعضاء من سفراء صالح في شرعية الرياض .


حسنا فعل كيري ،لتجاهله الجنوب ،فطالما وهو يرى الأمور من منظار صالح والقربي والعليمي ،فالجنوب في حال مر بخاطره فلن يكون سوى جنوب عارف الزوكا وخالد باراس وحسن زيد بن يحي.


بالتأكيد كيري وان كان يمثل أمريكا التي تعرف كل شيء ،لم يسبق له إن سمع بشرعية المقاومة الجنوبية المسيطرة على الأرض الجنوبية ولا عن الحراك ومليونياته، ولا عن آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين الذين رددوا ذات يوم اقسمنا بالله اقسمنا صنعاء لا يمكن تحكمنا.


وان تفاءلنا قليلا فيمكننا قراءة مبادرة كيري باعتبارها تكشف عن موقف جديد و عن استيعاب أمريكي لطبيعة الوضع الناشئ في الجنوب هذا الوضع ، الذي يحرص ولد الشيخ على وصفه بالواقع الجنوبي ،وبالتالي لابد من معالجة القضية الجنوبية بصورة مستقلة ،بعد ترتيب أوضاع البيت اليمني في صنعاء ، والخلاص من صداع هذا الصراع القائم الذي يبدو انه يشكل قلقا للإقليم والمجتمع الدولي الذي لم يكن يتوقع إطالة الحرب وعدم قدرة أي من طرفي الصراع لحسمها لمصلحته .


الخلاصة انه لا ينبغي إن يلتفت الجنوبيون إلى تجاهل ذكر قضيتهم في أي مبادرة إقليمية أو دولية في الوقت الراهن ،فهي بالتأكيد لن تكون في مستوى ما يطمح إليه الجنوبيين ، والمهم في وضعنا الحالي هو استمرار قوى الجنوب الفاعلة في تثبيت أقدامهم على الأرض وبناء مؤسسات دولتهم المدنية الحديثة والقوية والمتماسكة واستئصال الإرهاب ،وكسب ثفة دول الجوار والإقليم والمجتمع الدولي.