fbpx
ما بين صنعاء وحلب معركة أمة !.

بقلم/ محمد بن زايد الكلدي

الأحداث تتسارع والأيام تطوى، والليالي تزول ، والأعمار تفنى والأبدان تبلى.
ذلك الطفل الحلبي الذي فقد عائلته بالكامل ما زال ينتظر عدالة الحق من عالم الغيب كي يأخذ له بثأر والديه وإخوته الصغار، إذا اغلقت الأبواب فباب السماء مفتوحة، وإذا دخل اليأس وتسلل القنوط إلى النفوس جاء النصر من حيث لا نحتسب، صراع الحق مع الباطل أزلي وقديم، منذ أن وجد أول المخلوقات على هذه الأرض، ولكن في نهاية المضمار وآخر الطريق سوف ينتصر الحق وتشرق شمس الحرية، لينعم بها الأحرار المخلصون والصادقون، الذين كانوا هم طليعة القوم في التصدي لعتاولة الإرهاب والإستبداد والظلم، وسوف يقتبس من نورها حتى أولئك الذين كانوا صامتين ولا يحركون ساكنا، لإن الحق بطبعه كريم ويعفو ويصفح حتى مع أهل الباطل والذين ناصبوه العداء، ولنا من القرآن الكريم والسنة المطهرة العبرة والعظة، فالنبي يوسف عليه السلام عذب منذ صغره واتهم في شرفه وسمعته وأدخل السجن، ولكن الحق دائما أبلج فقد نصره الله بحلم عابر، وخرج من السجن معززا مكرما مبرئا، وذلك النبي موسى عليه السلام فقد نصره الله بعصا ضعيفة ولكنها كانت تحمل الحق المبين، وهذا نبيا محمد صل الله عليه وسلم، فقد نصره الله وصاحبه وهو في الصحراء طريدا فقيرا، وكان بيت العنكبوت سببا في نجاته ونصره الله على كفار قريش، والعبر كثيرة والمواقف متعددة لمن أراد أن يتتبع سنن الله عز وجل في خلقه.

ما بين صنعاء وحلب تختزل معركة الأمة الكبرى، حلب الشهباء، الشعب الأعزل اجتمعت عليه كل أشرار الأرض، واستخدمت ضده كل أنواع الأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا، وسط صمت وغياب للضمير العالمي والإنساني، ولكنه في نهاية المشوار سوف ينتصر أهل حلب وسوريا جميعا لإنهم مظلومين وأصحاب حق ولم يعتدوا على أحد، وهناك ترابط وعلاقة عضوية بين معركتي حلب وتحرير صنعاء، وطردية بين المعسكرين العربي بقيادة المملكة السعودية وحلفاؤها وإيران وحلفاؤها، فأي تقدم وصمود للثوار في حلب يقابله تقدم في جبهة صنعاء والعكس صحيحا، الفارق إن إيران ومعها روسيا يسابقان الزمن ويريدان إختصارا للوقت من أجل السيطرة على حلب ومدن الشمال السوري من أجل إن تتفرغا للملف اليمني، بينما السعودية والتحالف نراهم يسيرون بخطى متثاقلة وبطيئة نحو صنعاء وتحريرها من الإنقلابيين، وكذلك أعطوا نموذجا سيئا في المناطق المحررة في الجنوب، حيث تحاصر هذه المحافظات برا وبحرا وجوا الا حركة محدودة وتحت المراقبة مما سبب حالة من الغضب وعدم الرضى، وإنتشار للجريمة التي نراها أمامنا كل يوم وخاصة في محافظة عدن، من دون مواجهتها بوسائل حديثة ومتطورة ، وخاصة ولدى دول الخليج إمكانية كبيرة وجهاز مخابراتي حديث وخبرة في تعقب ومطاردة المجرمين، كان بإمكانه إن يساعد السلطات الأمنية الجديدة في عدن في تعقب المجرمين والقتلة، ولكن ما زال هناك أملا كبيرا في تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية وصولا إلى حلول سياسية حقيقية تعطي للجنوبيين حقوقهم غير منقوصة.
إن المشروع الإيراني الطائفي يتمدد كل يوم وعبر وكلاءه في المنطقة ولن يوقفه ويتصدى له الا استنهاض أمة بكل مقدراتها وإمكانياتها وجميع تياراتها وأحزابها الوطنية والإسلامية، ودعم الثوار في كل قطر عربي يدافع عن عروبته وإسلامه وأرضه وثورته.
إن معركة حلب وتحرير صنعاء لها ما بعدها من نتائج ، إن استطاع الدب الروسي وحليفته إيران من كسر شوكة الثوار واسقاط حلب ، فإنهم بعد ذلك لن يسمحوا للتحالف العربي من التقدم نحو صنعاء أو أي جبهة قيد أنملة، وسوف تفرض روسيا شروطها على السعودية وحلفاءها، وإذا استطاع الثوار من مواجهة الحملة العسكرية وافشلوا المخطط الإيراني الروسي ومعهم حلفاءهم من العرب الصفويين وفرق الموت الشيعية فإنه يكون فاتحة خير وهزيمة جديدة لروسيا في بلاد العرب بعد هزيمتها في حرب أفغانستان في القرن الماضي، والتي ما زالت عالقة في أذهان الروس ولن ينسوه على سهل.
نعتقد إن الخبراء والعسكريين والإستشاريين في التحالف العربي يدركون ذلك جيدا، ويعرفون طبيعة المعركة، وعندهم الخطط والبرامج التي تساعدهم على دعم معركة حلب وحسم معركة صنعاء، وبعدها تتفرغ الأمة والمجتمع لحل كل القضايا الهامة والعالقة ومنها القضية الجنوبية واستعادة دولتهم المغيبة من منتصف عام ١٩٩٤ م.