fbpx
هل فعلا خلت محافظة أبين من الإرهاب؟

د عيدروس نصر ناصر
تناقلت العديد من الموقع الإلكترونية والصحافية عنوانا رئيسيا يقول أن السلطات الشرعية أعلنت محافظة أبين منطقة خالية من الإرهاب وذلك بعد ساعات من إعلان السيطرة على مديرية المحفد الواقعة في شرقي المحافظة والتي تصل أبين بمحافظة شبوة.
سؤال خلو أبين من الإرهاب من عدمه قد لا يبدو كبير الأهمية، لكن ما هو مهم فعلا، هو هل سيحافظ الأبينيون ـ سلطة ومواطنين ـ على هذا المنجز (اعني خلو المحافظة من العناصر الإرهابية) لتحقيق قدر من الاستقرار وتفرغ الأهالي لاستعادة حياتهم الطبيعية، والشروع في إعادة إعمار ما خربته سنوات العبث بأبين ومعاقبة أهلها بلا ذنب ارتكبوه؟
كان كاتب هذه السطور قد تناول هذه القضية بعد استعادة أهم مدينتين في المحافظة من أيدي الجماعات الإرهابية التي كلفها المخلوع بالسيطرة على أبين، جعار وزنجبار، ولا أجد ضيرا من التذكير بما قلناه حينها، وهو أن طرد الجماعات التخريبية والإرهابية من المحافظة ليس شرطا كافيا لاستعادة واستقرار الحياة فيها، إذ إن غياب السلطة بمختلف أجهزتها التنفيذية والأمنية والخدمية والقضائية والتموينية وغيرها سيترك فراغا لا بد من أن يملأه أحدهم ، ونحن نعلم جميعا أن الجماعات المسلحة كانت قد انسحبت عدة مرات من المحافظة، لكن عدم ملء الفراغ الذي يتركه انسحابها من قبل السلطات المحلية، كان يغريها للعودة من جديد وغالبا دونما مواجهة تذكر مع أحد، لأنها لم تكن تجد من يواجهها.
اليوم يصبح من الضروري وضع اللبنات الأساسية لبناء الأجهزة التي خربها ضيوف 1994م على مدى قرنين ونيف، وذلك من خلال إعادة بناء الأجهزة الأمنية ومن أبناء أبين وإعادة هيكلة الجهاز الإداري (التنفيذي) بدءا من رأس هرم السلطة المحلية وتكليف الشرفاء والمؤهلين من أبناء أبين (الذين تمتلئ بهم المحافظة) بقيادة أمور محافظتهم وتفعيل الأجهزة التنفيذية والقضائية والتموينية والمالية والخدمية بمختلف مجالاتها والشروع في توفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها أبناء المحافظة والتي عرفتها بعض مدنها منذ خمسينات القرن الماضي، كالمياه والكهرباء والخدمات الصحية، وغيرها.
وتبقى قضية هامة جدا تتعلق باستقرار الأوضاع الأمنية في أبين وتتمثل في دور المواطن في المساهمة في حماية الأمن وتعزيزه باعتبار المواطن هو موضوع وذات العملية الأمنية ووسيلتها وغايتها في نفس الوقت.
لقد مضى زمن كان المواطن في أبين ككل مناطق الجنوب يعتبر نفسه جنديا في جهاز الأمن فكان الشباب (والمواطنون عموما) يشاركون في حماية المنشآت وتنظيم حركة مرور المركبات، ومراقبة المخالفات والإبلاغ عنها ووصل الأمر أن بعضهم أبلغ عن أخيه أو ابنه لمخالفته القوانين والأنظمة، وكان هذا السلوك مدعاة للتباهي والافتخار.
لكن نوائب الزمن أفقدت الناس الثقة بالسلطات الرسمية نفسها من ناحية وببعضهم بعضا من ناحية أخرى، ولهذا تناسلت العدمية وتفشت روح اللامبالاة وصار المرء يرى الجريمة ترتكب أمام عينيه فيتغاضى حتى عن النهي عنها، وهذا ما جعل البلد تصل إلى هذا المستوى من التراجع والانهيار الذي لم يدع مجالا إلا ووصل إليه.
إن عودة الأمن والاستقرار إلى أبين يقتضي ـ فضلا عن تفعيل جهاز الدولة وتوفير الخدمات الأساسية ـ أن يلعب المواطنون (كل المواطنين) دور رجل الأمن الأول وذلك من خلال الكشف عن مواطن الخلل ومساعدة الأجهزة الرسمية في الوصول إلى موقع الداء وكشف عمليات التخريب قبل وقوعها والإبلاغ عن أي حالات اشتباه في أي أعمال إرهابية أو تخريبية محتملة.
حفظ الله أبين وأهل أبين والوطن كله من عبث العابثين وكيد الكائدين.