fbpx
هدى العطاس: دول التحالف ليس دورها أعلان فك الارتباط.. هكذا يمكن أن يتم فك الارتباط وبناء الدولة الجنوبية المستقلة
شارك الخبر

هدى العطاس

هذه رؤية متواضعة أو خارطة طريق في سياق المشهد الشعبي وشبه الرسمي المحتدم في الجنوب حول آلية الوصول لتحقيق الارادة الشعبية الجمعية للشعب الجنوبي المطالب منذ سنوات بفك ارتباط آمن وسلس من الجمهورية اليمنية الدولة التي اعلنت في 21مايو عام 90 بتوحد دولتين ذاتي كيانين مستقلين ومعترف بهما في الهيئات الأممية، هما (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) و(الجمهورية العربية اليمنية) ذلك الأعلان الذي أجهض قبل أن تكتمل مداميكه المتفق عليها  لتثبيت الدولة الوليدة بين نظامي الدولتين الموقعة على اتفاق الوحدة، بعد أن شن نظام صنعاء(ج ع ي) مسنودا بمشمول منظومته القبلية والدينية والعسكرية والاجتماعية، حرباً كاسحة تم على اثرها اجتياح الجنوب وفرض واقع القوة، والانقلاب على كل اتفاقيات الوحدة وتغييرها مما، بالنتيجة الواقعية، اسفر عن سقوط شرعية الدولة الوليدة المسماه( الجمهورية اليمنية) وفرض واقعا جديدا أصل له وثبته المنتصر أنذاك بالقوة. وهاهو مبدأ القوة وفرض الأمر الواقع يعود ليكرر حضوره المعلن اعتمادا على مبدأ الاستقواء والاستعلاء من قبل تحالف جديد لمنظومة الشمال – غير المختلفة جذريا عن منظومة حرب 94 وأن تغيبت (تكتيكيا) بعض الوجوه وأضيفت وجوه جديدة – منظومة قديمة جديدة تكونت من مليشيات الحوثي والقوى الموالية لشبه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. معلنة مبدأ استقوائها بالأنقلاب على شرعية الدولة وألاستيلأ على الحكم وأعتقال ومطاردة الرئيس الشرعي المنتخب، والمفارقة أنه أنتخب من قبل الشمال بينما الجنوب رفض وقاطع عملية الانتخاب حينها. وتكرر سياق السيناريو حيث تقدمت جحافل جيوش الشمال لأجتياح الجنوب، وليس في الأمر جديد عن حرب 94 ، وليس إلا مواصلة لعملية الإبادة والتشريد والنهب وطمس الهوية الجنوبية كما يريدون إلى الأبد.
وعودة على بدء وفي سياق بحث الجنوبيين عن حل ناجع لقضيتهم بل نكبتهم، وتشتتهم بين عدة حلول ومشاريع، ومحاولات لمّ الصف وتكوين حامل سياسي للقضية، قد لا يكون هو الحل الناجع، وإن كان فيه حل أو بعض حل، فأنه بالضرورة سيبطيء طويلا، وبذلك ليس أمامهم سوى ترتيب أولويات السبل وفقا لنجاعتها، ومن أجل ذلك يجب قبل كل شيء استقراء إرغامات الواقع واستجلاء المشهد دونما استيهامات تخبط خبط عشواء، ويتجلى المشهد في المواضعات التالية:
وجود القوة الانقلابية التي تتخذ من من مبدأ الاستقواء وفرض الأمر الواقع وخلق التأزيم والأزمات طريقا لها وهي قوة   عطفا على الفقرة السابقة فأنه قد دخل في المشهد طرف آخر، أصبح طرفا اصيلا بل شريكا كاملا متربعا في بؤرته إلا وهو دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، والأمارات العربية المتحدة، غير أن دوره _ وهذه الفقرة معني بها الجنوبيين- أن دوره المعلن والذي شكل التحالف على اساسه وخول وفقه باجراءت عسكرية ولوجستية في اليمن، أعلن وتمحور على أساس واضح وهو إعادة شرعية الدولة التي اسقطها الانقلابيون “الحوثي+صالح”، أي إن دول التحالف في اعلانها لم تضطلع بدور آخر سوى إعادة الشرعية وبالتالي ليس من بين أدوارها ( اعلان فك ارتباط الجنوب وبناء دولته المستقلة) أي أن دول التحالف محكومة بمواضعات وآليات وقوانين دولية تحدد دورها وتشترطه مسبقا، ولا يمكن لدول التحالف تجاوز المحددات تلك. ولكن دورها كشريك تقاسم الجنوب معه التضحيات وقدم ابنائه حياتهم للدفاع عن ارضهم تحت غطاء وتوجيه وقيادة حملته العسكرية وبالتالي هو ملزم أدبيا واخلاقيا بالوقوف جوار الحق هذا الشعب الجنوبي الذي بايعه  بالاخلاص ولم يأل التضحيات من أجل نصره العسكري على ارض الجنوب، وعلى ذلك يتوسم الحماية كما يتوسم الدعم وأضعف الأيمان أن لا تقف دول التحالف في وجه تطلعاته وإرادته وحقه العادل.
وأستلهام لما سبق نلج إلى أهم الأرغامات والمواضعات متجسدة في إرادة شعب الجنوب ومطلبه العادل المطالب بفك الارتباط وبناء دولته الجنوبية المستقلة، وهنا اسوق اجتهادي المتواضع في استنطاق رؤية أومقاربات رؤية، فأن أصبت لي اجران وأن لم أصب لي اجر محاولة الاجتهاد، وأجري ليس إلا أن أرى وطني الجنوب محررا، وشعبه معززا مكرما يعيش في ظل هويته ودولته المستقلة.

الخطوات:
       قبل أن نلج الى الخطوات يجب الاقرار بأن هناك متغير جديد في سياق القضية الجنوبية ومعطياته أفرزته الحرب والمشهد أو الخطوط الموازية التي نتجت عن تداعياتها وتدابيرها وذلك المتغير يتجسد في وجود الجنوبيين ( الشرعيون) أي من هم ضمن هرم السلطة الشرعية ووفدوا اجرائيا الى مشهد الجنوب تواكبا مع الغزو الشمالي الأخير على الجنوب، الانقلابي على شرعيتهم، وهولاء لا يمكن انكار حضورهم أو القفز على ديناميكيتهم في المشهد، وعليه فأنهم كمتغير أو معطى جديد يجب استيعابه من قبل قوى الحراك المطالبة بفك الارتباط والاستقلال، كما يجب بل يفرض الواقع عليهم في المقابل استيعاب مطلب الإرادة الشعبية الجنوبية التي لا مناص لهم من الاعتراف بها، بل ويلقى مهمة وواجب تبنيها لأنه بعد اعلانات وخطوات وتشكيلات الانقلابيين في صنعاء كتشكيل المجلس السياسي وتحشيد الجماهير لتأييدة واضفاء الشرعية عليه لحكم الجمهورية اليمنية، فأنه لا موئل لهم أي جنوبيي الشرعية سوى وطنهم الجنوبي وإرادة شعبه المتمثلة في فك الارتباط وبناء دولته المستقلة. فكل المؤشرات تؤكد أن تصعيد الشمال الأنقلابي وتعنته واصراره على الذهاب في تنفيذ مايريد لن تقف عند حد لها.

 

تتمثل الخطوات في طريق فك الارتباط وأعلان الدولة الجنوبية المستقلة كالآتي:
أولا: تعلن المقاومة الجنوبية والحراك الشعبي الجنوبي بكل أطيافه تدابير اجرائية حاسمة بخطاب واضح وشعار ومسمى جنوبي|، يتم على أثره مقاطعة تامة شاملة لكل ما يمت بصلة اجرائية للشمال، فصل وتحديد بات للجغرافيا الجنوبية ورسم حدودها وحمايتها بقوة وسدود عسكرية وبشرية من المقاومة الجنوبية والشعبية والمنظمة أو المؤطرة، ليتسنى اغلاق الحدود اغلاقا تاما.
ثانيا: يعلن جميع الجنوبيين المنضويين في إطار الشرعية والسلطة التنفيذية الحالية – بأستثناء الرئيس عبد ربه منصور سنبين دوره لاحقا – يعلنون جميعهم الوزراء في الحكومة والمسشارون والسفراء الدبلوماسيون والمحافظون وعقداء الالوية والمعسكرات والاعضاء البرلمانيون، انتهاء بمدراء الهيئات والمؤسسات …الخ توقفهم عن العمل ضمن الشرعية اليمنية ومواصلتهم للأعمال التنفيذية لتسيير شئون المحافظات الجنوبية المحررة،  يتبع ذلك وركيزة له تبنيهم خطاب معلن وواضح يطالب بفك الارتباط وبناء دولة جنوبية مستقلة.
ثالثا: يتم الدعوة من قبل القوى الجنوبية مجتمعه التي اوردناها اعلاه الى التظاهر في كل المناطق الجنوبية في وقت واحد وتحشيد الساحات ليتمكن من خلاله تحقيق مايعرف ب (مطالبات سد الأفق) والتي لا مناص أن يستمع لها المجتمع الدولي، خصوصا اذا ترافقت مع التدابير التي سقناها اعلاه.
رابعا: يأتي هنا دور رئيس الجمهورية الشرعي المتمثل بالرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي يخول له بإعتباره رئيسا شرعيا لعموم الشغب اليمني، بل يلزمه موقعه أن لا يتغافل عن مطالبات شعب الجنوب، الذي هو قانونيا شعب دولة دخلت ضمن اتفاقيات مع دولة أخرى لتشكيل كيان سياسي ، فشل هذا الكيان ونتج عنه ضرر بواح على شعب أحد الدولتين الموقعتين على الاتفاقية واجرام بحق هذا الشعب شواهده ماثلة للعيان، يعلن الرئيس الشرعي وبموجب مسئوليته أن من حق شعب الجنوب تقرير مصيره وفك ارتباطه من الكيان السياسي المسمى” الجمهورية اليمنية” ويعمد قراره بالمسببات والقرائن وإقامة الحجة التي تدعم صواب قراره، التي سيصيغ مصفوفتها رجال قانون مختصين، وهناك وقائع مشابهة يمكن الاستدلال بها، ليس أولها فض الوحدة السورية المصرية وقبول مصر بالأمر الواقع وذلك انصياعا لمطلب الطرف السوري، وليس آخرها استفتاء الشعب البريطاني للخروج من الوحدة الاوروبية، ولم نر من تلك الحالات من انتهج ضد الارادة الشعبية اكراهات أو قسر وإجبار حد شن الحروب واقتراف ابشع الجرائم كما ارتكب النظام الشمالي، نظام ( الجمهورية العربية اليمنية)  في حق الجنوبيين.
خامسا:

وهي خطوة شديدة الأهمية يقدم الرئيس عبد ربه منصور استقالته من رئاسة ( الجمهورية اليمنية) ويعلنه الجنوبيون مباشرة رئيسا للجنوب، ويظل الجنوبيون الذين كانوا في السلطة الشرعية في مواقعهم السابقة مع اضافة آخرين وتشكيل هيئات لتسيير اجراءات وتدابير المرحلة الأنتقالية للدولة الجنوبية الحديثة.
إن ماجاء في طي الاجتهاد اعلاه من خطوات ممنهجة سيفرض تنفيذها، لو تم، واقعا ملموسا على الأرض، وحقيقة سياسية اجرائية لا يمكن لأي جهة أو طرف دولي تجاهلها أو القفز على وجودها، وسيترتب عليها أن لا مناص من الاعتراف بها -ضمن أي سياق- و التعاطي والتعامل معها، وعلى الجنوبيين في المقابل إدارة الأمر إستنادا على منهج المصالح وأستثمار الفرص ومعطيات القوة المتمثل في الموقع الجغرافي شديد الأهمية والثروات التي تكتنفها الأرض الجنوبية وحق الشعوب كما تنص عليه شرعة هيئة الأمم.
ملحوظة:

هذه الخارطة اجتهاد متواضع، كما اسلفت، في سياق مساهمتي في قضية وطني، قضية آمنت بها ومازلت، وهي بالتأكيد تحياج تنقيحا وإضافات ونقاشات مستفيضة على مستويات مختلفة لتحديد الكيفية التي تتم فيها معالجة أي عقبات، ودراسة التوقيت المناسب، وتحليل ردود الأفعال والمخاطرات المحتملة.. الخ، لضمان استكمال سلامة الرؤية هذه وتحويلها الى برنامج عملي وهو الأهم.

أضع الرؤية هذه في سياقها العام، بين يدي من بيدهم القدرة على البدء بتنفيذها حيث لا شأن لي في أمر التنفيذ، فأنا أحمل مشروعي التخصصي الأكاديمي في الجانب الأدبي واعتبره جزء هام من رسالتي العامة. نقطة على السطر.

أخبار ذات صله