fbpx
البنك المركزي.. ووقف التعامل معه

مجددا يثير قراراً جديداً لرئيس الحكومه الدكتور أحمد بن دغر، حول البنك المركزي جدلاً واسعاً بين المهتمين بالشأنين السياسي الإقتصادي في اليمن حيث قضى “بعدم التعامل مع مجلس إدارة البنك المركزي في العاصمة صنعاء بتركيبته الجديدة”، حيث أعتبر الدكتور بن دغر، “إقالة أعضاء في مجلس إدارة البنك”، “إجراء سياسيا” من قبل الحوثي وصالح، يهدف للاستيلاء على ما تبقى من موارد الدولة لصالح ما يسمى بـ “المجهود الحربي”.

وبصرف النظر عن صحة صدور قرار من سلطة الأمر الواقع بصنعاء من عدمه بإعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي والذي أتخذه الدكتور بن دغر مبرراً لقراره، فإن ذلك لاينفي عدم إستساغة السلطه الشرعيه لبقاء البنك المركزي في قبضة الحوثيين وصالح مدة أطول، ولاشك في أنها لديها مشروعية كاملة في إتخاذ ماتراه مناسباً لضمان وجوده في بيئه تضمن له ممارسة عملياته “في إطار السياسة الإقتصادية للحكومة” وفقاً للفقره 2، الماده 5 الباب الثاني من قانون إنشاء البنك المركزي.

ويتزامن القرار مع أحداث اقتصادية بالغة الأهمية والتأثير على الاقتصاد والحياة المعيشيه للمواطن اليمني، وأهمها مستويات قياسيه في إرتفاع الدين العام وإنكماش الناتج المحلي وتدني الإيرادات وإزدياد معدلات التضخم والبطاله ونسبة السكان الذين يواجهون إنعدام الأمن الغذائي ومن يحتاجون لمساعدة إنسانيه عاجله، وتآكل الإحتياطي الخارجي الى جانب إختفاء السيوله وتدهور قيمة العمله المحليه والتي هي من أولى مسئوليات البنك المركزي في الحيلوله دون وقوعها.

وكل هذه الأحداث أدت إلى أثارة العديد من الجدل والنقاشات حول كثير من القضايا ذات الصله بقرار رئيس الحكومه، ولا سيما الجدل حول استقلالية البنك المركزي ومدى انفراده بالتصرف بادارة موارد الدوله وإحتياطياتها، دون تدخل من الحكومة، وعلى الرغم من أن القانون قد ربط ممارسة البنك المركزي لعملياته في إطار “السياسه الإقتصاديه للحكومه” الى أن ذلك لايعني عدم إنفراد البنك المركزي برسم وصياغة السياسة النقدية والتي تعد اختصاص أصيل للبنوك المركزية، على أن لايعني ذلك عزله كلياً عن الحكومة بأي حال، بل ينطوي ذلك على تحديد لحدود العلاقة والصلاحيات والاختصاصات الأصيلة التي يمارسها البنك المركزي دون تدخل من الحكومة في أعماله، فإستقلال البنك المركزي يقاس بمعيارين متعارف عليهما عالميا، الأول يقاس بمدى إنفراده بصناعة السياسة النقدية، والثاني يقاس بمدى انفراده بتنفيذ واختيار أدوات السياسة النقدية، ولا يعد استقلال البنك المركزي غاية يتوق إليها رجال الاقتصاد بل إنها مجرد وسيلة فعالة تكفل للبنك المركزي القيام بوظائفه وتحقيق أهدافه بكفاءة وإدارة حصينه.

وفي قرار رئيس الحكومه لايوجد ما يجعله مساساً بإستقلالية البنك وفقاً للمعيارين المشار اليهما، ولكن ينطلق من حق أصيل كفله له القانون بإعتباره المعني الأول بالسياسه الإقتصاديه للدوله والتي يلزم البنك العمل في إطارها.. إذ لا يمكن إعتبار التوجيه بوقف التعامل مع البنك المركزي بصنعاء الغاءاً لوجود البنك أو إدارته، ويؤكد ذلك ماجاء في سياق مخاطبة الدكتور بن دغر لمحافظ البنك الأستاذ محمد بن همام وبصفته تلك “محافظاً للبنك”، للدلالة على تمسكه بإدارة البنك وأعضاءها وفقاً لتشيكلها قبل قرار الإقاله الذي إتخذه الإنقلابيين لبعض من منهم وتعيينهم لآخرين.. مما يجعل إستئناف التعامل مع البنك كما يبدو مقترناً بشرط عدم المساس بتشكيل مجلس الإداره الحالي وأعضاءه المعينين من السلطه الشرعيه، وإنتقالهم للعمل في بيئه تضمن تحررهم من ضغوط سلطة الأمر الواقع بصنعاء وبما يكفل إستقلالية البنك في أداء مهامه.. مع التسليم كلياً بحق رئيس السلطه الشرعيه حصرياً (إذا إقتضت الضرره) بتعيين محافظاً ونائباً جديدين للبنك المركزي وأعضاءاً لمجلس إدارته بقرار جمهوري بناءً على ترشـيح من رئيس مجلس الوزراء نظراً لإنقضاء مدة عضوية المجلس الحالي ووفقاً لنص الماده “10” من الباب الرابع لقانون البنك المركزي اليمني.