fbpx
صنعاء مدينة مفضوحة
شارك الخبر

أنور التميمي

الحشود التي ملأت ميدان السبعين في صنعاء تؤشر إلى أبعد من مدى الشعبية المفترضة لهذا الفصيل أوهذا الرمز السياسي ، فهي مؤشر للحالة الوطنية
في الشمال التي تتكي على وهم الإستعلاء المعزز تاريخيا بأحداث مؤسطرة .
الحالة الوطنية الشمالية ( وقد تنبه لذلك الدكتور سعيد الجريري في إحدى مقالاته ) لاتقبل بعلاقة سوية بالجار العربي في الجزيرة والخليج إلا على مضض ، وهي في حالة تربص وتحيٌن للفرصة للنيل منه .
الحركة الحوثية هي التجلي الصارخ لهذه الحالة الوطنية ، وقبلها كان تحالف المخلوع صالح مع صدام حسين وتأييد غزو الكويت ، ولا فرق في المنطلقات _ لمن يريد الفهم _ بين دوافع من هتف عام 1990 في ذات الميدان في صنعاء : (( الكيماوي ياصدام )) وبين من احتشد اليوم مؤيدا للمجلس الإنقلابي .
إن ما يسترعي الإنتباه في الحالة الوطنية اليمنية ( الشمال ) أنها حتى وهي تستدعي وتستجدي المدد والعون والمساعدة من الأشقاء ، فإنها لاترى فيه إلا واجبا وفرضا يجب أن يؤدًى ، ولها في ذلك تخريجات فريدة يؤصل لها المؤرخون والمثقفون اليمنيون .
الحشود التي ملأت ميدان السبعين اليوم ماكان للإنقلابيين من سبيل لإقناعهم بالحضور إلا بالعزف على وتر الوطنية المشوهة ، وما كان للإغراء المادي بمفردة القدرة على إنجازه إلا مسنودا بذلك المزاج ( الوطني ) المأزوم . لأنه لو كان المال بمفرده هو المحرك الوحيد للتحشيد هناك , فلم لم يفلح علي محسن وحزب الإخوان المسلمون وقبائل آل الأحمر إلى هذه اللحظة في إخراج حشود مقاربة في العدد ؟!!! . قد يرد أحدهم بأن آلة القمع الإنقلابية في صنعاء تحول دون ذلك . فلنفترض جدلا صحة هذا الدفع ، فلم لاتخرج الحشود في المناطق التي يزعم الشرعيون الشماليون أنها محررة وتحت سيطرتهم ؟!! .
حشود صنعاء اليوم التي هتفت وتوعدت الأشقاء في الجزيرة والخليج بالويل والثبور وعظائم الأمور ، وأعلنت صراحة استعدادها للقيام بدور المشاغب في المنطقة لصالح إيران ( وهو أقصى مايمكن أن يؤديه هؤلاء ) تؤكد ماعجز الجنوبيون عن إيصاله بالسياسة والإعلام للأشقاء وللعالم : فلقد عجز الجنوبيون عن إقناع العالم أن ما بات يعرف بالحالة اليمنية ليس حالة واحدة ، بل حالتان مفترقتان بالضرورة لأنهما على تضاد .
مجريات الحرب الأخيرة جعلت الفرز أكثر وضوحا :
_ شمال متربص بالجوار، رافض للإندماج في منظومة شبكة العلاقات الدولية إلا من باب الإبتزاز .
_ جنوب لايرى وطنيته وهويته إلا في التماهي مع الحالة الإجتماعية العروبية والدفاع المستميت عنها .
وإذا لم يتعاط الأشقاء الخليجيون مع هذا الواقع واستحقاقاته السياسية ، فإنهم يعرضون أمنهم واستقرارهم وحالة الرخاء التي تنعم بها شعوبهم للخطر.
إذا لم يقر الأشقاء الخليجيون ويعملوا بجدية لإيجاد حالة سياسية في الجنوب تعبر عن هذا الفرز ، فالخطر داهم على المنطقة عموما .
ياترى هل أسقطت حشود اليوم ورقة التوت عن عورة صنعاء ؟ !!!

أخبار ذات صله