fbpx
الدكتور ياسين نعمان : بريطانيا صِدمت بالانقلاب بعد إشادتها بمخرجات الحوار
شارك الخبر
الدكتور ياسين نعمان : بريطانيا صِدمت بالانقلاب بعد إشادتها بمخرجات الحوار

يافع نيوز – الشرق الاوسط

أطلق السفير اليمني لدى المملكة المتحدة، الدكتور ياسين نعمان، تنهيدة أعقبت حديثه عن اختياره لندن، لمزاولة عمله في الظرف الذي قال فيه إنه صعب جدا عليه وعلى اليمن وعلى الدبلوماسية اليمنية، واتكأ على 69 عاما من العمر والتجربة في فسيفساء السياسة اليمنية، وتحولاتها الحالية، بعد أن كان رئيسا لمجلس الوزراء في أولى سنوات الوحدة، إلى أن أصبح سفيرا منذ عام واحد، وبالتوازي مع الانقلاب والوضع الصعب الذي يعيشه اليمن.

وفي الطابق الثالث من مبنى السفارة اليمنية، الذي كان قبل الوحدة في عام 1990 مقرا لسفارة اليمن الجنوبي في طريق كوينز غيت جنوب غربي العاصمة البريطانية لندن، قال السفير: «اليمن حرم من أرقى مشروع في تاريخه الحديث»، ويقصد الحوار الوطني، التجربة التي يقول إنها بهرت الغرب وعلى رأسه بريطانيا «تبخرت بعد هجوم الانقلابيين واحتلالهم صنعاء».

وتحدث نعمان الحائز درجة الدكتوراه في الاقتصاد من المجر عام 1981 في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» عن جملة قضايا يمنية، أبرزها الحوار الوطني، ودور القبائل، وتشخيص المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

وفيما يلي نص الحوار..

* بماذا خرج اليمن من الحوار الوطني؟ ­

خرج عمليا بحوار شاركت فيه كل القوى السياسية والاجتماعية والمرأة والشباب، وأعتقد أن الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار أنجزت.. ولذلك لم يكن هناك أي تحفظ إلا على بعض الجوانب المرتبطة بشكل الدولة، خصوصا موضوع الأقاليم، لكن مضامين الدولة تم الاتفاق عليها بشكل كامل، ولم يكن هناك عليها أي تحفظ من أي طرف من الأطراف.

* هل تعتقد الشرعية ستقبل بحوار جديد على غرار الكويت وجنيف؟ ­

أي أحد مر بتجربة عليه ألا يكررها بالمستوى نفسه. إذا لم تكن هناك قضايا واضحة. ومع ذلك يظل طريق السلام هو الأمثل. لكن إذا الحوثيون وصالح استمروا في هذا العبث والمجلس السياسي والتصويت البرلماني.. عمليا هم انقلبوا على الدولة ولن يعيقهم نصاب مجلس من غيره.

* هل من الممكن أن يعود الحوار بعد عودة الشرعية لليمن؟ ­

الحوار مهم في كل الأوقات، لكن لا يجوز أن نعيد الحوار فيما اتفقنا عليه. هناك مشكلة كما يبدو تحتاج إلى مزيد من البحث متعلقة بموضوع الأقاليم، وأيضا لا بد من حل مشكلة الجنوب، خصوصا بعد أن وصلت إلى هذا المستوى، وأنا أعتقد من الضروري بمكان أن يقف الجميع أمام هذه القضية خلال المرحلة المقبلة أمام مضامين الدولة بالشكل الذي تحقق، والذي كان من أرقى ما يمكن أن تصل إليه أي حوارات أخرى.

* كيف تقرأ المشهد السياسي حاليا؟ ­

تشكيل ما يسمى «المجلس السياسي» في هذه المرحلة والحوار كان على وشك أن يصل إلى صيغة توافقية مثل تلك التي قدمها ولد الشيخ، هو تكرار للانقلاب على الحوار الذي اعتاد عليه الحوثي وصالح.. ماذا يعني تشكيل «مجلس سياسي» في هذه اللحظة ونحن نبحث عن حل شامل لمشكلة الحرب وإخراج اليمن من هذا المأزق. الحل يكمن في إطار الانقلاب مرفوض. ولذلك منذ البداية كان يفترض أن يكون هناك اتفاق، وهذا ما تم كما يبدو لأي اتفاق. ولنتذكر أنه عندما سئل ولد الشيخ عن النقاط الخمس قال: إن الجميع متوافقون. هذا إذن إطار التفاوض، المرجعيات الثلاث. لكن ما تم ينسف كل هذه المرجعيات، وما قام به الانقلاب نسف مرجعيات التفاوض. دستوريا أي خطوة يتخذونها بعد ذلك خارجة عن الأطر الموضوعة من محاولة شرعنة الانقلاب بهذا «المجلس السياسي». أيضا تتناقض موضوعيا ودستوريا مع المرجعيات، وهذا عمل عبثي، ومحاولة لخلق الحل في إطار الانقلاب وهو غير مقبول. ولا أريد التكلم عن أفراد، لكن أعتقد بشكل عام أن ما يحدث هو تسوية داخلية، لكنها اتسمت بالهزالة وقلة الحيلة والضحك على الناس. مشروع السلام هو المشروع المناسب لإخراج اليمن من كل مآزقه التاريخية. الحروب لم تكن مفيدة بأي شكل. ولذلك، في 2011 حملنا مشروع السلام، بالحوار والمبادرة الخليجية. هذه القوى هزمت مشروع السلام، بالحرب والانقلاب. وأيضا عندما كادت المفاوضات تصل إلى حل ووقعت الحكومة وقدمت التنازلات في سبيل السلام، إلا أن الطرف الآخر لم يقبل ولم يوقع. معنى هذا أنهم مصرون على السير في الطريق العسكري.

* هل لديهم قوة أكبر من الشرعية التي يساندها تحالف دول عربية كبرى؟ ­

ليس لدي خبرة عسكرية، لكن أقول إن الطرف الآخر مصر بشكل مستمر برفضه للحلول السياسية، والوضع الطبيعي أنها فرصة مناسبة لهم بإنهاء الحرب سياسيا.

* ماذا يتحتم على الشرعية في هذه الفترة خصوصا أن هناك مطالبة لدفعهم بالتحرك؟ ­

أولا، دعوة الناس للتظاهر وسط القمع الحاصل في اليمن والحشد في ظل القمع الذي يمارس ضد الناس في صنعاء وغيرها من المدن صعب. مع ذلك، فهم يخرجون، ففي تعز مثلا يخرج الناس ضد القمع والحصار الذي يمارس عليهم. ثانيا، ما يتم من قبل الانقلاب من حشد وتجميع للناس عمل مظهري. هذا يتم في كل الأنظمة القمعية، وتجاربنا تقول ذلك.. يستطيع النظام القمعي جمع مليون شخص في منطقة واحدة وإظهار الصور الحشود وهم يرفعون الشعارات. لكن هذا كله لا يمثل أي حالة من حالات التعبير الحقيقي عما يدور في ذهن الناس من خيارات سياسية وخيارات اجتماعية. لكن هذا في المقابل لا يعفي الشرعية ولا يعفي الآخرين من أهمية التحرك السياسي والعمل مع الناس، خصوصا الحكومة التي يفترض أن تكون موجودة مع الناس بالذات في المناطق المحررة في اليمن، وهذا كلام يقال يوميا. وهناك أسئلة تدار، لأننا لا نعرف ما صعوبات الحكومة في هذا الجانب. وعليها أن ترد إذا كانت تواجه صعوبات، لا بد أن تواجه وتكشف للناس.. لا تكتفي بالصمت، أو الاحتفاظ بهذه الصعوبات لنفسها، لا بد أن تقول للناس هذه هي الصعوبات التي نواجهها، التي تمنعهم من الذهاب إلى عدن، أو المكلا، أو إلى مأرب.. وما الصعوبات التي تواجهها للحشد لتحرير تعز.

* لماذا تعز وحصارها والاستماتة من الانقلاب للسيطرة عليها؟ ­

أعتقد أن إصرار الحوثيين وصالح على تدميرها له أسباب تاريخية. تعز كانت في معادلة الدولة قبلالوحدة، هي الوجه الآخر، الوجه الموازي. يعني إذا أخذناها من ناحية تاريخية.. كان هناك وجهان للدولة. كانت تعز تعتبر بمثابة الوجه الآخر للدولة، بمفهوم أن الأئمة والسلطات والذين بعدهم رسخوا صيغة معينة للحكم بأن يكون الحاكم من شمال الشمال. ومناطق تعز تعتبر بمثابة الأراضي المحكومة، صحيح تشارك، لكن شكليا في مراكز رئيسية مثل الجيش، ومراكز صنع القرار كانت خارج تلك المعادلة. وكان يجري تعزيز البعد الطائفي المسكوت عنه في المعادلة بإبقاء تعز الوجه الآخر في الحكم الذي يجب عليه أن يكون رعويا وليس حاكما. وهي معادلة يجب الاعتراف بها، وهي ليست عقدة، لكن معادلة الحكم صيغت هكذا.. عندما جاءت الوحدة أرادوا تطبيق ذلك على الجنوب مثلما طبقوا على تعز، حتى إن التمثيل الشكلي للمحافظة يطرح التساؤلات، ومركز الحكم يظل قائما في المناطق نفسها التي تسيطر، ويبقى التمثيل لتعز شكليا ومهمشا، ولذلك معادلة الوحدة التي اقتسمت السلطة جرى تخريبها في حرب 94 لإبقاء الهيمنة.. هيمنة القوى الاجتماعية والسياسية ما قبل الوحدة.

* ما سر الهدنة الاقتصادية؟ ­

أولا: أحمل التقدير لمحافظ البنك المركزي الذي يحاول العمل مهنيا، رغم الضغوط التي تمارس عليه. ثانيا: كانت الفكرة بإجماع الدول المانحة الكبرى وصندوق النقد والبنك الدولي أن يبقى البنك المركزي هو الجامع حتى لا تتمزق الدولة، وكانت هناك التزامات طرحت في هذا الجانب على البنك المركزي وعلى وزارة المالية وعلى الأطراف الأخرى بمن فيهم الحوثيون، أن تبقى رواتب الجيش والمؤسسات المركزية تسير. لكن كيف جرى التصرف في هذا الوضع ليس لدّي تفاصيل. لكن المهم هو كيف تدهور الاحتياطي في سنة واحدة من 5.4 مليار دولار خلال سنة ونصف إلى نحو مليار دولار. كان المفترض في هذه الحالة أن تأخذ الجهات المختصة وتبرز الموضوع للعالم.. اليوم أرى تبادل رسائل وكلام عام لكن ليس فيه شرح تفصيلي لما حدث، لكن المحافظ يقول إن كل شيء مكشوف. لكن رواية الحكومة تقول إن المال استخدم في المجهود الحربي للحوثيين. المحافظ لم ينف.. هو تحدث عن إنفاق. وما نطلبه منه هو إبراز هذا الإنفاق وتفاصيله. المفترض ألا يدور الحديث على الكلام العام بل التفاصيل مهمة. أليس هناك إنفاق؟ أليس هناك التزامات؟ اكشف لنا ما هو.. إذا كانت فقط أنفقت في مواد غذائية أو تنمية فاكشفها. التفاصيل لا بد أن تبرز. وبالتالي هناك دوما الإنفاق غير المنظور، وأعتقد المسألة ليست صعبة، ويمكن إبرازها للناس.

* هل بيد الشرعية أن تعين محافظا آخر إذا كان المحافظ الحالي يعاني من ضغوط من الطرفين؟ ­

الكلام هنا ليس على المحافظ، ولا أعتقد على مسألة محافظ. لكن السؤال ما الملاحظات على المحافظ. أشعر أن الناس قبلوا بأن يبقى «المركزي» واحدا بوصفه نوعا من إبقاء خلفية للدولة من دون تقسيم.

* كيف تقيم اهتمام بريطانيا بالملف اليمني؟ ­

المسار الذي أستطيع مشاهدته بدقة أن البريطانيين قريبون جدا من الوضع في اليمن منذ فترة طويلة. كانوا حاضرين منذ 2011 مثلا في العملية السياسية بقوة. حضروا في المبادرة والخطوات السياسية، وهم حاضرون وداعمون للحوار بشكل ممتاز. وكانوا أيضا من الدول التي صدمت بعدما حدث، في الوقت الذي كانوا يشيدون فيه بتجربة الحوار، صدموا بالانقلاب، ويدعمون الشرعية، وهذا هو موقفهم وما زال.

* كيف ترى الفرق عند تغير المسؤولين عن الملف اليمني في بريطانيا؟ ­

اتصالنا الدائم مع «يمن تيم»، وهو فريق خاص بمتابعة اليمن. لدينا اتصالات مستمرة معهم واجتماعات شهرية وأكثر من شهرية أحيانا، إلى جانب اللقاءات مع السفراء العرب.

* كيف ترى الفرق بين السير آلان دانكن المبعوث البريطاني السابق لليمن والوزير الجديد توبياس إلوود؟ ­

ما أفاد الآن دانكن زياراته المستمرة للمنطقة ولقاءاته اليمنيين مثلا. وإلوود، بالتأكيد عندما يتحدث عن المشكلة اليمنية يربطها بالمشكلات الأخرى في الشرق الأوسط، لأن كل القنوات الخاصة تصب لديه في المكتب، وهذا أيضا يعطيه بعدا جميلا

* كيف تستطيع القبائل اللعب في المعادلة الحالية اليمنية؟ ­

القبائل دائما سلاح ذو حدين في كل تاريخ الصراع حول صنعاء. وهي دائما كما يقال بين كر وفر، لكن مع كل ذلك قبل أي حساب لأي طرف متصارع، هي تحسب حساب نفسها بدرجة رئيسية: كيف تخرج مستفيدة؟ إما أن تتوزع بين الأطراف، وإما أن تتحرك بما يجعلها مستفيدة، وهذا هو الحاصل. هناك جزء من القبائل لها مصالح مع الحوثي وصالح أو جزء منها وذهب إليهم. وللعلم القبائل انقسمت ما بين مستفيدة ومسحوقة. ليس كل قبيلة أو القبائل جميعها استفادت من حكم علي عبد الله صالح مثلا. لكن من استفاد ماديا وتجاريا يبقى مع النظام السابق. والمسحوقون ذهبوا إلى جهات أخرى للشرعية. لكن في الأخير ما يجمع القبيلة بوصفها منظمة داخلية هو مصلحتها. وبالمناسبة، لن تتقاتل القبائل فيما بينها، لكنها تعرف كيف تدير الصراع.

* هل يعتبر سلطان السامعي عضو مجلس الانقلابيين ضمن الحزب الاشتراكي؟ ­

الحزب له قيادات، ولا أتحدث نيابة عنهم. لكن ما أعرفه أن السامعي لم يشارك في أي اجتماع من اجتماعات الحزب. الحزب الاشتراكي له قيادة، لكني عرفت أن الحزب اعتبر مشاركته مع الحوثيين خروجا وانسحابا.

أخبار ذات صله