fbpx
إيران وإسرائيل وتركيا أجزاء من أزمة اضطراب عربية مستمرة
شارك الخبر

يافع نيوز – شؤون دولية:

المنطقة العربية بكامل أجزائها الاستراتيجية تعيش وضعا مضطربا لا يشي بأمل كبير في الاستقرار مستقبلا، على عكس القوى الإقليمية التي تحيط بالعرب وتشكل أدوات ضاغطة للدفع نحو استمرار تلك النزاعات، في حين أن تلك القوى تنعم باستقرار وعوامل قوة داخلية، وهذه القوى هي بالأساس تركيا وإيران وإسرائيل. هذا ما جاء في تقرير تحليلي لشبكة “ريل كلير وورد” الأميركية.

وأكد التقرير أن تلك القوى الثلاث تعدّ الدول الأهم والأكثر فاعلية في المنطقة، وهي تشترك في الكثير من الأشياء ولها رابط غير مرئي بالرغم من أنها تبقى على خلاف في القضايا الرئيسة. فكل هذه البلدان مستقرة داخليا، وحتى إن تعرضت تركيا لمحاولة انقلابية مؤخرا زعزعت حزب العدالة والتنمية الحاكم، فإن الرئيس رجب طيب أردوغان بصدد إعادة فرض السيطرة. وكل هذه الدول يقودها زعماء صمدوا لوقت طويل، ولديها إمكانات اقتصادية هائلة، وكلها تسير فيها الأمور بشكل جيد بطرق تفتقر إليها أهم الدول العربية، ولديها القدرة على استعراض القوة علنا وسرا بطرق يمكن أن تساعد السياسات الأميركية في المنطقة كما يمكن أن تعطلها.

وحتى قبل الانقلاب الفاشل، كانت تركيا شريكا بالرغم من طرحه إشكالات على الولايات المتحدة. ومنذ انتخاب أردوغان لأول مرة رئيس وزراء في سنة 2003، أصبح الرجل تسلطيا أكثر فأكثر وسعى إلى الحصول على المزيد من السلطة، فقد عمد إلى اعتقال الصحافيين وعزل القضاة، وحاول التلاعب بالمنظومة من أجل تعديل الدستور وزيادة سلطته كرئيس.

وخارج البلاد أدت جهود أردوغان في تلميع صورته في العالم العربي والإسلامي عبر دعم حماس وقطر والفلسطينيين إلى تحييد مصر والعربية السعودية وإسرائيل. كما أن رفضه مراقبة الحدود مع سوريا بشكل فعال ومعارضته لجهود الولايات المتحدة لدعم الأكراد السوريين ضد الدولة الإسلامية خلقا صورة لزعيم مهتم أكثر بهزم الأكراد والحفاظ على مصداقيته الإسلامية من هزم الجهاديين.

ومن الواضح أن المحاولة الانقلابية الفاشلة لن تؤدي إلا إلى تغذية الطموحات السياسية لأردوغان في الداخل وزيادة رغبته في السلطة. ويلاحظ بعد المحاولة الانقلابية أنها أنتجت مؤشرات تصاعد للتوتر مع الولايات المتحدة، إذ تصاعد الخطاب المعادي لأميركا في تركيا وذلك باتهام وزراء في الحكومة التركية الولايات المتحدة بالتحريض على الانقلاب.

ولئن كانت تركيا مسببة للإزعاج، فإن إيران أطلقت مجهودا كبيرا لمعارضة أهم السياسات الأميركية في المنطقة. صحيح أن طهران متمسكة بالتزاماتها الصارمة بموجب الاتفاق النووي المبرم مع القوى الدولية في يوليو 2015، وبشكل من الأشكال تتقابل مصالح أميركا وإيران في القضاء على داعش، ولكن بأشكال متعددة أخرى، بما فيها سياسات إيران القمعية لحقوق الإنسان، ومساندتها للتمرد في اليمن والبحرين، ومساندتها للسياسات الإجرامية لنظام الأسد في سوريا، ودعمها للميليشيات الشيعية في العراق.

وبذلك فإن طهران تبين عزمها على ضمان بقاء نفوذها قويا، وتقييد النفوذ الأميركي. والواقع هو أن إيران من المرجح أن تبقى أحد الخصوم الأكثر عنادا لأميركا في المنطقة، وهو ما من شأنه ألا يترك إلا فضاء محدودا جدا للتعاون الجاد، فما بالك بالتقارب خارج إطار الاتفاق النووي.

ولأن إسرائيل حليف مقرب للولايات المتحدة فإنها تنتمي إلى صنف مختلف، فهي الوحيدة من بين الدول الثلاث غير العربية التي تشاركها الولايات المتحدة القيم والمصالح، والوحيدة التي يوجد فيها دعم شعبي واسع لعلاقاتها بالولايات المتحدة. لكن ظهرت الانقسامات في بعض المسائل الرئيسة (وبالخصوص كيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، وانتشار النفوذ الإيراني في المنطقة، وحول القضية الفلسطينية).

من الصعب ردم هذه الفجوات أثناء فترة هذه الإدارة وربما أثناء الإدارة القادمة، لكن نظرا لطبيعة العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، من الواضح أنه توجد إمكانية أكبر لفض هذه الخلافات وإدارتها بطريقة تفصل العلاقة الأميركية الإسرائيلية عن روابط واشنطن بالحكومات في تركيا وإيران حيث لا يوجد تطابق يذكر مع القيم والمصالح الأميركية فضلا عن قلة المساندة الشعبية.

بالنسبة إلى أميركا، فإن الشرق الأوسط بصدد التحول إلى مكان موحش جدا، فالولايات المتحدة ليست مورطة فقط في منطقة لا يمكنها تحويلها أو مغادرتها بل هي كذلك تتعامل مع شركاء بهم عيوب ولا تتطابق مصالحهم في الكثير من القضايا مع مصالحها الخاصة، كما أن هذا التحدي لن يخبو في وقت قريب إذ من المرجح أن تواجه واشنطن في المستقبل المنظور شركاء عربا وغير عرب عازمين على خدمة مصالحهم في الداخل والخارج في منطقة تعاني من الاضطرابات ولا تعير المصالح الأميركية اهتماما كبيرا. وتبقى الحقيقة غير المناسبة سياسيا هي كون واشنطن ربما لا تستطيع فعل شيء في هذه المسألة.

 

*صحيفة العرب

أخبار ذات صله