fbpx
هل سينعقد مجلس النواب؟

د عيدروس نصر ناصر
اتصل بي العديد من مراسلي القنوات الفضائية العربية والعالمية متسائلين عما إذا كان مجلس النواب سينعقد وفقا للتسريبات التي نشرت خلال اليومين الماضيين والتي تقول أن المجلس سيجتمع ليتلقى اليمين الدسنورية من قبل أعضاء المجلس السياسي الحوثي ـ العفاشي )؟ وقال لي أحد المذيعين أنت من سيخبرنا من وحي التجربة الشخصية ما إذا كان الاجتماع المدعو إليه سيكتسب شرعية أم لا.
لست يصدد مناقشة شرعية أو عدم شرعية ما يسمى بـ”المجلس السياسي” فالأخير هو واحدة من نتائج الانقلاب، وبما إن الانقلاب كما هو معروف غير شرعي فكل ما يترتب على غير الشرعي هو غير شرعي، وقد قلت يوم إعلان المجلس أنه ليس سوى تعديل في صيغة التعامل مع كعكة الحكم الخاوية والمرة بتقسيمها على اثنين بعد أن عجز الحوثي بمفرده في التعامل معها، وبعد أن ظل صالح وأنصاره مجرد مشاركين في الخفاء، وأحيانا ضحايا للسياسات الحمقاء لشركائهم المليشياويين.
قلت لجميع الذين وجهوا لي هذه الأسئلة إن تجربتي مع مجلس النواب تقول أن هناك جلسات هامة كانت تتم خلالها المصادقة على مشاريع قوانين ومعاهدات دولية واتفاقيات مصيرية كانت تعقد بحضور ثلاثين وأربعين عضوا وكانت تخرج بالموافقة على تلك المشاريع بناء على طلب المخرج، الذي لا ينسى أن يذيل القرار بعبارة “وقد حصل المشروع على الأغلبية المطلوبة”، لكن الأغلبية المطلوبة هي أغلبية الحاضرين الذين قد يكون عددهم عشرون عضوا فيصادق 11 عضوا على المشروع الخطير والمصيري ويعترض سبعة ويتحفظ اثنان على سبيل المثال، هذا فقط إذا سمح رئيس الجلسة بإحصاء عدد الأصوات، أما في الغالب فقد كان مجرد رفع بعض الأعضاء المرضي عنهم، أياديهم هو علامة أغلبية، حتى لو احتجت الأغلبية.
وقد تكرم الزميل جعفر با صالح أثناء رئاسته لإحدى الجلسات بالإشارة إلى نتيجة التصويت على مشروع اتفاقية روما بشأن محكمة الجنايات الدولية، وطلب من السكرتارية تسجيل عدد المصوتين حيث حاز المشروع على 42 صوتا مع وأعتقد 39 صوتا ضد، وكالعادة اعتبر أن المشروع حظي بالأغلبية المطلوبة، ليتحول الموضوع إلى قضية جدالية انتهت بإسقاط قرار المجلس ليس لأنه المعنيين حريصون على مفهوم الأغلبية، بل لأن المشروع كان مرفوضا منذ البداية، لأنه يتضمن نصوص تعرض قادة البلاد للاعتقال والمحاكمة وربما السجن مدى الحياة، لأن المشروع لا يتضمن عقوبة الإعدام وإلا لكان أعدم العشرات إن لم أقل المئات منهم.
هذا نموذج للجلسات التي عقدت بالأغلبية المطلوبة، وأتذكر أن المجلس عقد جلست طارئة لمناقشة قرض للتربية والتعليم بمائة وعشرين مليون دولار (أظنه كان لتحسين التعليم الأساسي إن لم تخنني الذاكرة) وقد حضر الاجتماع ما لا يزيد عن ثلاثين عضوا (كان عدد المعترضين لا يزيد عن خمسة إلى 8 أعضاء) وتمت الموافقة على المشروع (وبالأغلبية المطلوبة).
قلت لمراسل الـ BBC إن معلوماتي تقول لي أن أكثر من مائة وثمانين عضوا، إما نازحون وإما غائبون عن صنعاء، وإما صامتون بانتظار استجلاء الأمور، وأن عدد من الأعضاء إما متوفون وإما متخلفون عن الجلسات منذ بداية المجلسة وإما مرضى وعاجزون عن الحضور، وأن أقلية قليلة جدا هي من يمكن أن تستجيب للدعوة ربما لا تتجاوز المائة عضو (على افتراض حضور كل المؤيدين للمشروع الانقلابي وبعض المحايدين) وبالتالي فإن جلسة شرعية باغلبية دستورية (حقيقية) لا يمكن أن تعقد، بل أكاد أقول من المستحيل أن يكتب لها النجاح، لكن المجلس سينعقد بمن حضر وسيصادق على الصيغة المطروحة وسيدون في نهاية الاجتماع (كما هي العادة) “حاز القرار على الأغلبية المطلوبة”، وهي العبارة المخادعة والمفضلة للزميل رئيس مجلس النواب وتلاميذه.
لقد تحاشيت أن أشير إلى أن مجلس النواب هو مجلس منتهي ولايته منذ سبع سنوات باعتبار هذا أمر مفهوم للقاصي والداني، كما تجنبت الحديث عما إذا كان ما يسمى بـ” المجلس السياسي” المشكل سينجح مثل اللجنة الثورية في إدارة البلاد أم سيخرب إنجازاتها العظمى، فربما تناولت ذلك في وقفة قادمة.