fbpx
خياران امام المملكة..!

انقضى عام ونصف منذ ان انطلقت عملية((عاصفة الحزم)) التي تقودها المملكة العربية السعودية ، بمشاركة دول التحالف من بلدان الخليج العربي ومصر والاردن السودان والمغرب وبدعم لوجيستي امريكي ، بريطاني ، فرنسي، وهي عملية ضخمة ومعقدة ومكلفة بكل المقاييس ، تستهدف تدمير مخزون السلاح الاستراتيجي ، الذي كان يمتلكه  نظام الرئيس المخلوع صالح  ، وجزء منه تم الاستيلاء عليه من الجنوب اثر حرب 1994م القذرة وبات هذا السلاح يشكل خطورة مفترضة ، على المملكة بالذات وعلى دول المنطقة بشكل عام ، خاصة وان المملكة كان لها اليد الطولى في تسليح ((الشمال)) من سنوات بعيدة ، منذ تولي صالح الحكم في 1978م، لمواجهة (الخطر الشيوعي)) القادم من اليمن –في جزئه (الشمالي) – حينما هبت رياح ما عُرف بالربيع العربي في عام 2011م واقتربت حينها نهاية ((حليفها المدلل)) في المنطقة  آنذاك الرئيس السابق صالح الذي فاجأ المملكة بعد خلعه من الحكم بتحالفه مع ((الحوثيين)) ، الاعداء اللذيذون للمملكة وخشيت ان يقع هذا السلاح – خاصة السلاح الاستراتيجي ، وهو سلاح ضخم بعضه متطوّر وخطير – في ايدي الحوثيين او الاصلاحيين  ((الاخوان المسلمين)) في حال وصلوا الى ((كرسي الحكم)) وهو ما كانت تباشيره تلوح في الافق ،

حينما هب ((اللقاء المشترك)) وحلفائه – ومعهم الحوثيين – في مقدمة (ثورة ارحل) المطالبة بأسقاط نظام صالح ورحيله لكن المملكة استبقت هذه الفرضية السياسية وان كانت متأخرة بعض الشيء ورأت في الرئيس هادي ، الذي كان نائباً للرئيس ثم انتخب رئيساً كمخرج للازمة السياسية بين السلطة والمعارضة وفق المبادرة الخليجية ، وبعد ان انقلب عليه الحوثيين وصالح ((الورقة الرابحة)) التي استطاعت من خلالها –بناءً على طلبه كرئيس شرعي لليمن ،تنفيذ (عاصفة الحزم) وبصورة مشروعة وبشبه اجماع دولي وبخاصة مجلس الامن الدولي الذي  ايد هذه العملية ، عدا ((التحفظ الروسي)) الحليف الاستراتيجي الجديد لايران التي ترعى التمدد الحوثي (انصار الله) في اليمن ، وخاصة في مناطق الشمال ربما يذهب البعض في القول –بعد انقضاء عام ونصف من عملية ((عاصفة الحزم))- ان المملكة قائدة التحالف لم تحقق الى الان انتصارات  ملموسة على الارض وان تدمير السلاح- وخاصة سلاح القوى الجوية والبحرية والمدرعات والصواريخ –لم يكن كافياً ان لم يرافقه انتصاراً اخر متوازي على الارض لايقاف التمدد الحوثي المسيطر على العاصمة صنعاء وفي محافظات من البلاد والمدعوم من الرئيس المخلوع صالح الذي سخر الحرس الجمهوري  وان العملية تحتاج الى وقت اطول ربما يمتد الى سنوات خاصة وان اللاعبون في الساحة والمنطقة كثيرون وربما ان هناك من يريد ان يجر المملكة بالذات الى مستنقع اسن في اليمن لا تستطيع الخروج منه بسهولة ، مثلما حدث لها في حرب الملكيين والجمهوريين عقب ثورة 26/سبتمبر/1962م

حينما انحازت الى صف الملكيين من بيت ال حميد الدين ودعمهم بالمال والسلاح لمحاربة الجمهورية التي كانت تحظى بدعم ومساندة مصر  عبدالناصر الثائر العروبي السخي في مواقفه القومية الذي ارسل الالاف من الجنود والضباط والخبراء العسكريين المصريين لمساندة ودعم ونصرة ثورة سبتمبر فتحول الصراع حينها من صراع واحتراب بين الجمهوريين والملكيين الى صراع وحرب بين مصر والسعودية وكانت الحرب في الشمال بينهما بالوكالة ولم تنته الا بعد مضي ((خمس سنوات)) ، حينما غادرت القوات المصرية ((الشمال)) على اثر نكسة ((5/يونيو/1967م حينما دمرت اسرائيل سلاح الجو المصري  بصورة مفاجئة  ومباغتة وخاطفة وعلى اثر ذلك حلت الخلافات حول الوضع في (الشمال) بين السعودية ومصر ،  وكان من نتائجه ((مؤتمر حرض)) للسلام بين الجمهوريين والملكيين  وتوقف الحرب بينهما والتاريخ الان يعيد نفسه من جديد ولكن بصورة مغايرة هذه المرة  فالصراع القائم في المنطقة  الان صراع ايراني –سعودي (مذهبي) وهو صراع كان صامتاً من سنوات طويلة وبالرجوع الى جوهر هذا الصراع ، فان الحوثيين – وهم جذور ايران في المنطقة وبالذات مناطق الشمال – لا يمكن لم ان يستسلموا او حتى يسمحوا للمملكة بأن تنتصر على الارض مهما كلفهم ذلك من ثمن وخاصة في البشر فهم متشبتون بالارض وبكرسي الحكم الذي وصلوا اليه بالانقلاب على شرعية الرئيس هادي وبدعم معلن من الرئيس المخلوع صالح ، لذلك فلم يكن امام المملكة التي تقود (عاصفة الحزم) مع دول التحالف للخروج من هذه الازمة العويصة الخطيرة الا خيارين :

اما الانتصار على الارض واعادة القيادة الشرعية بالقوة الى العاصمة صنعاء وليس الى عدن ومساعدتها بصورة مباشرة لاستعادة الدولة المخطوفة وبسط نفوذ وسيطرة الحكومة على كامل مساحة البلاد والسرعة في تكوين جيش وطني متوازن وامن فاعل ،ولائه للوطن والشعب وليس للأفراد يستطيع ان يحمي البلاد والعباد ويسيطر عليها سيطرة كاملة ، ويصون ويحرس حدودها من أي اختراقات محتملة او أي تمدد ايراني في المستقبل او الأخذ بالخيار الثاني .. وهو ان تقوم المملكة بحل خلافاتها القديمة الجديدة مع ايران وفتح صفحة جديدة من العلاقات المتكافئة والمتوازنة –بحسب صالح الطرفين لضمان امن واستقرار وسلامة المنطقة وربما هذا هو الخيار الاقرب الى المنطق والواقع –خاصة اذا تم على قاعدة(لا ضرر ولا ضرار)) واحترام سياسة وسيادة كل منهما للاخر وعدم التدخل في شؤنه الداخلية ، وقد قالوا اهل زمان..((الحرب لا تورث الا رماد)) والكرة الان في ملعب المملكة ودول التحالف .. يا قوة .. يا سلام..