fbpx
الجنوب القادم من إمريكا

 

كثيراً ما سمعنا أن دولة الجنوب قادمة..  لكنها هذه المرة سمعناها بواقعية.

واقعيتها أن تصريحات المهندس العطاس جاءت من خلال لقاءاته الرسمية مع كبار الساسة الإمريكيين وبدعوة رسمية خاصة.

وواقعيتها أن تصريح العطاس حدَد الأمر بقوله: ” أن خروج الجنوب من الوحدة يأتي من نفس البوابة الذي دخل منها “.. وهي بوابة المطبخ الإمريكي فهو من أسس للوحدة ودعمها ليس حُباً فيها وإنما رآها وسيلة للقضاء على النظام الإشتراكي الأرعن في الجنوب.

 

ولماذا الآن..  لماذا أنتظر المطبخ الإمريكي أكثر من 26 سنة لينظر إلى أحقية شعب الجنوب في إستعادة دولته وفق العهد الدولي ؟

 

في إعتقادنا أن السبب الرئيسي يعود إلى فشل سلطة الشمال في حُكم الجنوب فحكموها بالهيمنة العائلية والقبلية والطائفية والإمامية  والإستئثار بالسلطة والثروة بعيداً عن دولة النظام والقانون والعدل والحُكم الرشيد ولو في أدنى معاييره.

وما تشهده اليمن اليوم من صراع دموي ما هو إلاَ أمر حتمي لجنون الهيمنة والتسلُط والإستئثار بالسلطة والثروة بأبعادها الطائفية والمذهبية والسلالية وزاد عليها البُعد الفارسي.. فليست دولة الجنوب وحدها القادمة بل أن خارطة مختلفة لليمن تبرز ملامحها بالدماء.

 

أي دولة جنوبية تلك العائدة ؟

(جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) وحاملها السياسي (الحزب الإشتراكي) ورموزه الفاشلة لفضها التاريخ ولن تعود.

الدولة الجنوبية القادمة محددة المعالم والإتجاهات والمنهاج ترسمها مصالح دولية وإقليمية عربية بأبعادها الأمنية والإقتصادية والإستراتيجية وبعيدة عن النفوذ الفارسي ولا مجال للإجتهاد.. فالإجتهاد بات محصوراً في الإسم فقط والإسم أيضاً له معانيه ودلالاته:  (الجنوب العربي) او (دولة حضرموت الاتحادية) أو (دولة عدن الاتحادية) والدولة ستكون جنوبية حُرة مستقلة ذات سيادة ولها شراكة حقيقية مع (الشمال) و (دول مجلس التعاون الخليجي).

 

قال العطاس فيما قال :” في حال أصبح الجنوبيين متفقين فإنه يمكنهم المضي لفك الارتباط مع الشمال معتبرا وحدة الصف الجنوبي أساس لاستعادة الدولة الجنوبية منبها في ذات السياق من استمرار التباين والخلاف الجنوبي كون ذلك سيكون له آثار خطيرة ”

نعم.. وخطورته تكمن في حماقة الولاءآت الحزبية والقبلية والمناطقية على حساب الولاء الوطني وخطورته أيضاً أن الكثير من القيادات (التاريخية) لا زالت مشدودة إلى الماضي وهي تعيش وهم الوصاية على الجنوب وهي لا تعلم هول الخرف الذي أصابها.

 

ما أحوجنا اليوم أن نستعيد الجنوب بأقل تباين بين أبناءه ، خاصة وأن الجنوب القادم يتم طبخه وإعداده مع توابله في المطبخ الإمريكي محدد المعالم والدواخل والتوجه والمنهاج وعلينا أن نستوعبه كما هو حتى وإن بدا لنا محترقاً بعض الشيء.

 

وكفانا يا جماعة خلاف وإختلاف لنصف قرن.. وهل يختلف من لهم مرجعية دستورية ، وهل يختلف من لهم وعي قانوني وتشريعي وقضائي ، وهل يختلف من عندهم غيرة على الحق والعدل وحب الأوطان.

فما لنا إذاً لا نحتكم إلى دستور وتشريعات وقوانين وقضاء مستمدة من حٌكم الله وعدله وحق الله في أن نحفظ دماء ونعيش أوطان.

 

وأخيراً قال العطاس : ” أن ترتيبات عودة الدولة الجنوبية جاهزة وتم تجهيز المخططات المعمارية للعاصمة والمدن الأخرى”.

ويا أخينا العطاس قد لا نكون بحاجة إلى (المخططات المعمارية) بقدر حاجتنا أولاً إلى مخططات (تعليمية تربوية وثقافية) تؤسس وتبني (عقول ونفوس وثقافة وأخلاق) فأعزَ ما أضعناه في الجنوب (جيل وكادر) هو اليوم في الدرك الأسفل من الفشل والفساد والضياع.