fbpx
العطاس من واشنطن.. الجنوب قادم

حيدر أبوبكر العطاس رجل دولة من العيار الثقيل، متوازن، عميق، مؤمن بقضيته لكنه يتعامل معها بمنطق السياسة وليس الايدلوجيا، وفي زيارته الأمريكية الأخيرة تجلت قدرات الرجل خلال اللقاءات مع مؤسسات أمريكية رسمية وغير رسمية وكذلك مع جهات أممية. تابعت مقابلته على قناة الحرة وقد وضع النقاط على الحروف في قراءته المتفردة للمشهد اليمني، وتفاصيل الواقع الجنوبي. قال بالحرف أننا سنستعيد دولتنا خلال الأربع سنوات القادمة لكنه أكد على توحيد معظم قدراتنا وجهودنا للوصول لذلك الهدف.

شكى دولة الرئيس العطاس من الخلاف الجنوبي البيني وقال أن هذا الخلاف هو الذي أخر الوصول لاستعادة الدولة وفعلاً هذا بيت القصيد في الوضع الجنوبي، لكن الإجماع لم يعد شرطاً قائماً بل الأغلبية وهذا متوفر حالياً.

أعرف الأستاذ حيدر جيداً، وجلسنا عشرات المرات وتكلمنا في كل التفاصيل وكان طرحه اليوم هو ذلك الطرح الذي سمعته منه قبل عدة سنوات.

نحن الجنوبيون ينازعنا فريقان وهما اللذان خلقا لنا هذه المآسي بكل معنى الكلمة، ولنكن صريحين في تحديدهما لعل البعض يفقه لسبب العلة ويحاول مع المخلصين الانتقال للواقع الجديد الذي نأمل أن يسود الجنوب حتى نستطيع إنجاز المهمة التي حددها دولة الرئيس العطاس خلال الأربع السنوات القادمة، أما الفريقان هما:

– فريق الايدلوجيا الجنوبي: هذا الفريق خرج من أعماق التجربة الايدلوجية للحزب الحاكم في الجنوب سابقاً، وهذا الفريق أو كما أشار له الأستاذ العطاس بطريقة غير مباشره (حبتي ولا الديك) تَخَلَّق منذ فتره مبكره وبرز مع انطلاق الحراك الجنوبي في يوليو ٢٠٠٧م وأخذ شكله النهائي مع خروج السيد البيض إلى النمسا في ٢٠٠٩م. هذا الفريق تمسك بشعار التحرير والاستقلال لكن بدون أن يشتغل لإنجاز أي شرط من شروط الوصول للاستقلال وأبرز هذه الشروط (التنظيم السياسي البرنامج السياسي الإمكانيات). كان هذا الفريق يشتغل على الشعارات مستغل معاناة الشارع الجنوبي وحماسته لتحقيق أهدافه وركب الموجه، وللأسف في آخر أيامه حول جزء من شباب الحراك إلى مقاولي شغب وبلطجة وقطع شوارع، ثم ذهب نحو الضاحية وإيران وعندما نشبت الحرب ووصل الغزاة إلى تخوم عدن قالوا (الحرب ليست حربنا) لولا أن أخذ الأخ المقاوم اللواء عيدروس الزبيدي قرار التصدي للغزو في الضالع وأنتفض شباب الحراك في عدن وانضووا في صفوف المقاومة للدفاع عن عدن وإلا فهذا الفريق كان ينتظر الحوثي ليسلم له الجنوب في حلم لم يوجد له مثيل حتى في أقوى الأفلام الهندية.

 اضطروا فيما بعد للتكيف مع الوضع لكن السيدين البيض والجفري وهما قائدا هذا التيار طرحا وثيقتهما الاستقلالية لكنهما بعد التوقيع وضعاها في الدولاب ولم يفعلا شيء في الميدان ليحققا الأهداف التي رسماها في الوثيقة الشهيرة.

– فريق الفساد العفاشي: هذا الفريق يتكون ممن لازالوا في صف عفاش وموجودين بجانبه أو الكادر الفاسد الذي ربي في كنف نظام عفاش ولازال حتى اليوم ينخر عظام المؤسسات والمصالح في الجنوب.

هذان الفريقان هما من يعيق أعادة ترتيب الأوضاع في الجنوب وإيجاد قيادة سياسية جنوبية تستطيع أن تقول للإقليم والعالم نحن هنا وتقود النضال الجنوبي لاستعادة الدولة.

برغم كل هذا يبذل الرئيس العطاس جهوداً جباره، وهو بالقطع على الطريق الصحيح، ولن نشك يوماً أن الرئيس هادي نفسه لم يكن ضد المشروع الجنوبي بل معه ولكنه لن يستطيع وهو على رأس الدولة اليمنية أن يقوم بوظيفة هي من مهمة الجنوبيين أنفسهم.

وأجدها مناسبة لادعوا جماهير شعبنا ومناضلي الحراك وثوار المقاومة أن يقفوا خلف جهود الرئيس العطاس لكي لا نظل أسرى لأوهام الإيدلوجيين ونزوات الفاسدين.. كفى!