fbpx
عن أي سلام يتحدثون !؟

بقلم/ محمد بن زايد الكلدي

ما زال يرن صداه في أذني إلى هذه اللحظة، في ذلك اليوم المشهود ونحن ما زلنا فتية صغار، ولكن كنا نتابع وندرك ما يدور حولنا من أحداث، ذلك اليوم وقد تحلقنا حول شاشة التلفاز وكنا منبهرين من هول المنظر وفداحة الحدث والمستجد الجديد على الأمة العربية، فبعد الشعار الذي كنا نردده (تحرير فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر،) وبعد إن كانت الشعوب العربية تنتظر رمي الإسرائيليين الى البحر المتوسط! فإذا بنا نصحى على وهم وسراب، وضاعت فلسطين وغرق العرب في بحر لجي تتلاطمه الأمواج من كل مكان، ذلك اليوم عندما غنى العرب ورقصوا طربا، ذلك اليوم عندما تصافحا الزعيمان الكبيران ابو عمار ياسر عرفات رحمه الله وقرينه الهالك الإسرائيلي إسحاق رابين، ودشنا مرحلة جديدة من عمر الصراع العربي الصهيوني عرف باتفاقية السلام.
كلمة ما زالت ترد صداها في اعماق صدري، وبين ردهات خيالي، قالها أبو عمار بصوت الواثق والزعيم الملهم،( إنه سلام الشجعان!) قالها لقد تغلب غصن الزيتون على البندقية، وارتفع صوت حمام السلام على نعيق الغربان! فصفق العرب له طويلا، وظنينا إننا قد وصلنا إلى هدفنا المنشود بأقل التكاليف وبأسرع وقت وأيسر الطرق، لم يكن يدري أبا عمار إن غصن الزيتون الذي رفعه هو بداية الترانسفير لشعبه وإفراغ قضيته من محتواها، لم نرى الا سلام المستبدين والمجرمين والطغاة، وليس الشجعان كم توهم عرفات والعرب من بعده،! وصدق من قال إن أردت إن تميع قضية وتقلل من زخمها وتخفض من قيمتها وتحد من إنطلاقتها، وتقتل الأحلام والهمم العالية ، ما عليك إلا إن تفتح لها لجانا وحوارا، وتدعي إنك تريد الحفاظ على شعبك ومجتمعك وقضيتك،! ولكن في العرف السياسي وما يحدث في الغرف المغلقة يختلف تماما عما يبث للشعب ويظهر في الإعلام.

فبعد سلام الشجعان ضاعت فلسطين! وتم شرعنة الإحتلال والتنازل عن الثوابت والمحرمات لدى الشعب الفلسطيني.

ولو عرجنا على سلام اليمنيين بين الشرعية وحلفاءها من جهة وعفاش والحوثي من جهة اخرى فإن الحال والنتبجة لا تختلف عن سلام اليهود مع العرب، فالمدرسة الإيرانية مخضرمة وتمتلك خبرة كبيرة في الحوارات والمناورات والتي لا تفضي لأي شيء في نهاية المطاف، الا ما يخدم مصالحها وأهدافها وحلفاءها.
فالمحاور في الكويت هو إيراني وإن كان بالزي التقليدي اليمني، ولن يقطع المحاور أو يقرر الا بعد الموافقة الإيرانية عليها، لقد حذر الكثير من السياسيين العرب إن مجرد الجلوس مع الحوثي وقبوله كطرف في الحوار هو إعتراف بشرعيته وإنقلابه، فبعد إن كاد يعلن إستسلامه وقبوله بأي حل من التحالف والشرعية، من جراء الضربات التي وجهت له وخلخلت الجبهات والنزيف البشري الكبير الذي لحق به، جاءت عملية السلام كي تعطيه قبل الحياة والإنعاش، فذهب إلى الكويت من أجل يأخذ قسطا من الراحة ويلملم أوراقه ويعيد ترتيب جبهاته وتعزيزها بقوات إضافية، وتزويدها بالمشتقات النفطية، والحصول على أسلحة جديدة، وهذا ما حدث من تهريب عبر القرن الأفريقي، لذلك رأينا الحوثي اليوم يقاتل في جبهات الحدود مع المملكة السعودية وعلى الحدود الجنوبية، وتمدد أكثر وحاصر تعز من كل الإتجاهات، ويضرب إلى معسكرات داخل مأرب، وكل ذلك يحدث بسبب عملية االسلام في الكويت، فبعد ثلاثة أشهر لم يتفقوا حتى على نقطة واحدة أو تطبيق بند واحد وهو الإفراج عن المعتقلين، وعلى رأسهم وزير الدفاع محمود الصبيحي، وبالأمس وجها الحوثي وحليفه عفاش لطمة قوية للشرعية والتحالف العربي بإعلانه المجلس السياسي وتقاسم السلطة وإعاد ترتيب الأمور، وهناك تسريبات حصلت عليها بعض المواقع مثل مفكرة الإسلام، والعربي 21 تؤكد بإن هناك ست دول بصدد الإعتراف بالمجلس السياسي، وسط تخاذل وتراجع وإرتباك في معسكر التحالف والشرعية، وعجز في كل الملفات السياسية والأمنية والخدمية.

فهل أدرك الآن الذين خططوا ووافقوا على السلام مع الحوثي إنهم وقعوا في خطأ فادح لا يختلف عن الخطأ الذي وقع به من قبل أبو عمار مع اليهود ؟؟. أظن الإجابة يتحدث عنها الواقع وما أسردناه سابقا في عرضنا للمقال.