fbpx
صالح على طريق القذافي
لم يعد هناك الكثير من الوقت أمام الحوثي وصالح، فالحلقة تضيق أكثر وأكثر والنهاية تقترب أكثر وأكثر، واليقين بأن مصير صالح سوف يكرر مشاهد الساعات الأخيرة من حياة معمر القذافي، مع استثناء واحد، وهو أن اليمنيين لن يقدموا على التمثيل به، وإنزال الأذى فيه كما فعل الغاضبون الليبيون.
أنا موقن بأن صالح لن يترك اليمن إلّا حين تدوس على جسده أقدام المظلومين اليمنيين، وهذه مع اليقين بأن اليمن سيدفع الثمن الذي يبحث عنه صالح وسيكون باهظاً، وأن نيرون اليمن ينتظر بفارغ الصبر المشهد الأخير حين يرى بأم عينه مئات الآلاف من الضحايا اليمنيين يقضون تحت الأنقاض، وحين يرى أحياء المدن اليمنية، وهي تتحول إلى ركام وخراب، وحين يرى مئات الآلاف من النازحين من مدنهم إلى شعاب وجبال اليمن، ويراهم رأي العين تحت ظلال الأشجار، وحين تفقد اليمن كل ملامح الدولة، وتتحول إلى عصر ما قبل التاريخ.
والآن لننظر إلى آخر إبداعات صالح السياسية والعسكرية. فقد صدق صالح الألقاب التي يطلقها عليه المحيطون به، فهو القائد الداهية الذي قهر كل الخصوم، ومرة هو القائد العسكري الذي لا يعرف الهزائم، ومرة محقق حلم اليمنيين بالوحدة، وأكثر المعجبين به نفر من المحيطين به من أبناء المحافظات الأكثر عرضة للاضطهاد تعز وأخواتها التي أذاقها الويل، وضمن فيها ولاء عدد من المستشارين الذين يتسلون الآن بأرقام القتلى والجرحى من إخوته، وبعدد أحياء المدينة التي تدمرها آلة صالح والحوثيين.

الأمر الأكثر إلحاحاً الآن التخريجات السياسية الجديدة لصالح، والأساليب التي يمارسها للانتقام من اليمن واليمنيين. فقد رضي بالخروج من السلطة تحت ضغوط كبيرة مارستها دول كبرى وأخرى إقليمية، وبدا وكأنه رضي بالنفاذ بجلده وثروته وكان الخطأ الفادح الذي وقع فيه الوسطاء، تركه يقيم في اليمن يحيك المؤامرة تلو الأخرى، إلى أن اهتدى في نهاية الأمر إلى التحالف مع شريك آخر لديه الأطماع ذاتها، وأن اختلفت في المستوى والاتجاه.
صالح يطمع في العودة للسلطة عن طريق ابنه أحمد، ويقوم هو بدور الأب الروحي لليمن، ومن يدري فقد تكون نيته أن يقوم بدور المرشد، أسوة بسادته الجدد في إيران.
والحوثي بدوره يبحث عن وسيلة يعيد فيها امتلاك الأشراف أو الأئمة لليمن من جديد. وربما تكون الاتفاقية الاستراتيجية بين الطرفين، تقوم على أن تترك السلطة التنفيذية لصالح، أو من يمثلونه، ويعمل الحوثيون من جانبهم على ترتيب الإرشاد الديني لصالحهم، ويحققون بذلك حلم إيران في أن تصبح اليمن نسخة، وإن مسخة للنظام الإيراني الملالي. وفي ظني أن المجلس السياسي الذي أعلن عنه مؤخراً، وهو في حقيقة الأمر المجلس الرئاسي، سوف يكون توطئة للإعلان عن صيغة النظام الجديد، عمّا قريب. يحدث ذلك بهدف فرض واقع جديد، يقوم بدور الحرب والسلم، ويدخل في سياق التفاوض، ليكتب الشرعية في تمثيل اليمن، وأن اقتصر الأمر على اليمن الشمالي، لا فرق.

ما هو العاجل وما هو المطلوب نختصره في الآتي:

* التحرك السياسي فوراً لإجهاض شرعية المجلس الجديد، وقد بدأت بشائر هذا الأمر منذ اليوم الأول، وإن كان ذلك بحاجة إلى قرار دولي من مستوى ما، لسحب البساط من تحت صالح والحوثيين. كان جميلاً مبادرة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا من القرار، واعتباره غير شرعي وقانوني، ولكن لابد من وضع هذه المواقف في صيغة الشرعية والالتزام.
* تكثيف العمليات العسكرية الميدانية والتحرك الفوري لاستعادة العاصمة والمدن الرئيسية وتأمينها، فصنعاء بداية النهاية للانقلاب.
* تأمين الجنوب ودعمه عسكرياً واقتصادياً وتقديمه على أنه نموذج لما يمكن أن يكون عليه اليمن الجديد.
} حسم موضوع الترتيبات السياسية التي تحدد شكل الدولة ومؤسساتها في المستقبل وقطع الطريق على الطرف الآخر حتى لا يبدو وكأنه الشريك القوى والأجدر بقيادة يمن المستقبل.

* تحريك الجبهة الجنوبية السعودية وضرورة إيقاف العجلة الدعائية لصالح والإيهام بقدرتها على اختراق دفاعات المملكة في الجنوب.

أخيراً، نهاية صالح تقترب كلما تواضعت السياسة، وتبتعد كلما أوغلنا فيها، وهي رهن بارتفاع أصوات المدافع فنحن أمام عدو لا يعرف إلّا لغة السلاح.

الأمر الأكثر إلحاحاً، الآن، التخريجات السياسية الجديدة لصالح، والأساليب التي يمارسها للانتقام من اليمن واليمنيين.

الخليج