fbpx
ما الذي دفع “جبهة النصرة” للانفصال عن تنظيم القاعدة؟
شارك الخبر

يافع نيوز – دايفيد روبرتس كينجز كوليج – لندن

أعلنت جبهة النصرة، أقوى الجماعات المسلحة في سوريا، انفصالها عن تنظيم القاعدة أو أي “كيان خارجي آخر” في مقطع فيديو بُث ويم الخميس.

وغيرت الجبهة اسمها إلى “جبهة فتح الشام”، وفقا لزعيمها أبو محمد الجولاني الذي ظهر في الفيديو حاسر الوجه للمرة الأولى في تاريخ التسجيلات المرئية للجماعة المسلحة.

وظهرت جبهة النصرة في 2012 لتتبوأ المكان الأبرز والأكثر تأثيرا بين الكيانات المسلحة المتحاربة في إطار الصراع في سوريا.

وكان السوريون يسيطرون على المناصب الأعلى في الجبهة رغم أن أغلب القيادات كانت من دول أخرى.

وكانت الجماعة المسلحة تستهدف في بدايات ظهورها إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد أكثر من تركيزها على أهداف دولية.

وكان التركيز على هذا الهدف هو سبب رفضها الاندماج في صفوف تنظيم الدولة رغم محاولات عدة من قبل التنظيم لتحقيق ذلك في 2013.

وهناك عدة عوامل دعمت وجود ونفوذ جبهة النصرة على الأرض في سوريا، وهي الحركة التي ترفض أن تمثل تهديدا لدول الغرب أو غيرها من دول الشرق الأوسط، أبرزها التماسك النسبي في صفوفها، والقدرات العسكرية التي تتمتع بها، إضافة إلى تركيزها في السعي وراء هدفها الذي يتمثل في إسقاط نظام الأسد، ما جعلها من أبرز اللاعبين الأساسيين في الصراع السوري.

ويُشاع أن قطر وتركيا تدعمان جبهة النصرة، لكن لا توجد أدلة على ذلك.

كما أنه ليس من مصلحة أي من الدولتين أن ترعى تطرف الجبهة، لكن كل منهما ترى أنه لا يمكن تجاهلها أو استبعادها “كأسوأ الخيارات” على الساحة.

وكانت هناك محاولات من قبل الدولتين لإقناع الجماعة بالانفصال عن تنظيم القاعدة لتكون أكثر قبولا في المنطقة.

قبول على نطاق أوسع

من المرجح أن جبهة النصرة من الممكن أن تكسب المزيد من المؤيدين على المستويين المحلي والدولي، بعد إعلان انفصالها عن القاعدة، إذ تقدم نفسها في ثوب جديد بعد إعلان الانفصال.

وتستهدف الجماعة المسلحة بعملية تجديد هويتها وظهورها دون ارتداء شارة القاعدة أن تمحو سمعتها القديمة كواحدة من أكثر الجماعات المسلحة وحشية في سوريا لتبدأ تعريف نفسها من جديد.

ترى جماعات المعارضة مشكلة كبيرة في التعاون مع جبهة النصرة لخلفيتها المتطرفة

لكن ذلك لا يعني أن الجبهة سوف تغير من أساليبها وأهدافها الاستراتيجية كواحدة من أخطر الكيانات المسلحة المنخرطة في الصراع.

رغم ذلك، من الممكن أن تساعد ورقة التوت التي استخدمتها جبهة النصرة عندما أعلنت الانفصال عن تنظيم القاعدة في كسب دعم خارجي.

وتسعى الجماعة أيضا إلى التنصل من تبعيتها لتنظيم القاعدة حتى تتفادى الوضع على قائمة أهداف الضربات الجوية الأمريكية الروسية.

لكن الفرصة ضعيفة جدا في أن يؤدي الثوب الجديد للجبهة إلى تغيير في حسابات روسيا مع ظهور تصريحات مبكرة للإدارة الأمريكية تشير إلى أنها سوف تستمر في العمل كما هي دون أي تغيير يُذكر على صعيد العمليات الميدانية في سوريا.

وربما أقدمت الجبهة على ذلك التحرك كمحاولة لمحو تاريخها الحافل بالوحشية، إذ أنها تعرف جيدا أن فرص تغيير سياسة الاستهداف التي تتبناها روسيا والولايات المتحدة لن تتغير بعد إعادة تعريف الجماعة المسلحة.

لكنها الآن، وبعد أن أعلنتها بوضوح أن قضيتها هي الجهاد السوري من أجل إسقاط النظام الحاكم وتحريرالبلاد، سوف تستخدم الضربات الأمريكية والروسية، للتأكيد على أن المجتمع الدولي لا يريد لهذا الهدف أن يتحقق.

منطق نفعي

ربما يكون الجمهور المستهدف من عملية التسويق التي تضمنت تطوير هوية جبهة النصرة وتقديمها في ثوبها الجديد بعيدا عن التبعية لتنظيم القاعدة هو الجماعات المتناحرة في الداخل السوري، إذ يواجه الثوار المحليون مشكلة في التحالف مع قوات الجبهة رغم وحدة الهدف المعلن، وهو تحرير سوريا من نظام بشار.

وهناك الكثير من الجماعات التي تقاوم وجود بشار في سدة الحكم، يتبنى موقف الرفض القاطع لمنهجية الجبهة المبنية على الفكر المتطرف لتنظيم القاعدة، لكنهم في نفس الوقت يعترفون بأنها من أهم اللاعبين الرئيسيين في منطقة الصراع.

تُعد جبهة النصرة من أهم اللاعبين الأساسيين في المشهد السوري الحالي

وساد المنطق النفعي تعاملات جبهة النصرة لسنوات منذ نشأتها وحتى الآن، وهو المنطق الحاكم لتحركاتها حتى الآن.

يتضح ذلك من خلال الوضع المميز الذي سوف تتبوؤه الجبهة بعد إعلان عدم تبعيتها للقاعدة على المستوى السياسي، والذي من المرجح أن يساعدها على تثبيت أقدامها بين الفصائل المختلفة للمعارضة السورية.

لكن غياب أدلة واضحة على أن هذه الجماعات سوف تتخلى عن سياساتها المتطرفة، سجعلجبهة النصرة وغيرها من الجماعات الجهادية أمام تحدي كبير.

ومن المتوقع أن يؤدي دعم الجبهة على المدى القصير إلى زيادة في التمويل، والتسليح ومن ثَمَ النجاح، لكن على المدى الطويل، من الممكن أن ينتج عن ذلك دعم وجهة نظرها في ما تسميه “إقامة دولة الخلافة الإسلامية السنية.”

ودعم أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، انفصال جبهة النصرة عن القاعدة بشكل رسمي، وهذا ما يعزز فكرة أن ما قامت به النصرة ليس تحولا جذريا للذهاب إىل دمشق عبر بوابة السياسة.

كما يشير إعلان الانفصال وتأييده من قبل التنظيم الأكبر إلى نية القاعدة التحول إلى تنظيم لامركزي فيما يتعلق بمنهجية العمل.

ويعطي الانفصال الفرصة للنصرة في أن تضم إلى مقاتليها المزيد من الجماعات المسلحة الأقل عددا وتأثيرا.

وعلى صعيد تنظيم القاعدة، سوف يوفر الانفصال فرصة كبيرة لاستعادة مقاتلي التنظيم ما كان لهم من سمعة، وتعزيز موقعها تحت الأضواء والدعاية لخطابها من جديد.

أخبار ذات صله