fbpx
قراءة أولية لإتفاق الحوثي وصالح بتشكيل المجلس السياسي

الدكتور محمد علي السقاف

الاتفاق الذي تم توقيعه في صنعاء يوم الخميس ٢٨ يوليو ٢٠١٦ هو شرعنة للعلاقة القائمة اصلاً بين الحوثيين وصالح بأعطائها قالباً مؤسسياً للشراكة بين الطرفين من العمليات العسكرية المشتركة الي التأسيس لحكم اليمن معاً في المستقبل وبهذه القفزة الجديدة المراد منها طمأنة الحوثيين الشارع اليمني بعدم عودة الإمامة من جديد والتأكيدعلي ان النخب الزيدية لن تتنازل عن حكم اليمن كما كانت منذ اكثر من ألف عام
البعض رأي في إتفاق صنعاء إنقلاب جديد ضد الشرعية مثل إنقلاب ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ ونحن نري أيضا انه إنقلاب ولكن هذه المرة قام بالأنقلاب الحوثيين وصالح معاً
وسنتناول الموضوع من زاويتين من ناحية التوقيت ثم الأبعاد القانونية والسياسية لأتفاق صنعاء

أولا- التوقيت
—————
لاشك ان الاتفاق ليس وليد اللحظة بل هو عمل ساهم في ظهوره علي السطح مجموعة أحداث وعوامل ساهمت في نضوج المشروع والاعلان عنه في هذا التوقيت من نهاية شهر يوليو
١- ميوعة موقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتحديد من عدم إلتزام الحوثيين وصالح بقرارات مجلس الأمن الدولي وخاصة إزاء القرار ٢٢١٦
فلا إنتهاكات الحوثيين وجماعة صالح لوقف إطلاق النار ولا عرقلتهم إيصال المساعدات الأنسانية العاجلة في تعز والمناطق الاخري ولا طريقة تعاملهم مع موضوع آلاسري السياسيين والمحتجزين والمفقودين والصحفيين وغير ذلك من الانتهاكات التي لم تؤدي مجملها الي رد فعل قوي من الامم المتحدة إزائها مغلبة إستمرار المشاورات ولوكانت تدور في حلقات مفرغة المهم ان المشاورات مستمرة والفصل السابع من الميثاق معلق دون حتي التلويح بإستخدامه ؟؟

٢-ضبابية موقف الغرب إزاء تعنت الحوثيين وصالح
ليس إلا في لقاء الكويت يقبل سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوربية أخري اللقاء بممثلي انصار الله الحوثيين علي الاقل بشكل علني مما أضفي لهم إعتراف بهم كحركة انقلابية متمردة علي السلطة الشرعية ويختلف الامر عند لقاء سفراء الغرب بممثلي حزب المؤتمر الشعبي العام ( جماعة صالح ) لانهم احد المكونات الحزبية اليمنية و كانت سلطة حاكمة لليمن وإن تغير وضعها نسبيا بعد الإنشقاقات التي حدثت فيها ولكن قبول جهات دولية بالاجتماع علنا بحركة تمرد يعتبر اعترافاً بهم في حين في حرب فيتنام رفضت الولايات المتحدة التفاوض في مؤتمر باريس مع الفيتكونج وقبلت التعامل فقط مع حكومة فيتنام الشمالية ونفس الامر الان رسميا لم يحدث ان التقي ممثلي السلطة الامريكية مع حركة طالبان بوجود الحكومة الشرعية في افغانستان ؟؟؟

٣-لقاء لندن الرباعي بغياب السلطة الشرعية
بحضور وزيري خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا ووزيري المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لبحث الملف اليمني بغياب السلطة الشرعية فإذا كان موقف امريكا وبريطانيا هو إمتداد لما أشرنا إليه في الفقرة ٢ أعلاه فمن المؤسف حضور الجانب الخليجي دون وجود ممثلي الشرعية في المؤتمر ربما فسر ذلك من قبل الحوثيين وصالح بداية لموقف خليجي جديد نحو الشرعية يتبني ضرورة الحل السلمي للازمة اليمنية والتراجع عن الحسم العسكري كحل نهائي محتمل في مواجهة صلف الحوثيين وصالح بقبول الأمتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي ؟؟

٤-موقف الكويت الحازم بتحديد فترة زمنية للمشاورات في أراضيها
هذا الموقف الواضح والمحدد من قبل دولة الكويت الشقيقة عجل بالحوثيين وصالح بالكشف علنا عن طبيعة علاقاتهم الثنائية وحقيقة موقفهم من سبل حل الأزمة اليمنية وفق مفهومهم ومصالحهم وليس وفق متطلبات الشرعية الدولية

٥- دعم القمة العربية في نواكشوط في ٢٥-يوليو للشرعية ورفض التدخل الخارجي الايراني
بالمقارنة بقمة شرم الشيخ في مارس ٢٠١٥ فان الشرعية الدستورية للرئيس هادي كسبت زخما عربيا كبيرا ً بتاييد علني لشرعيته من بعض القادة العرب وتاكيد البيان الختامي لقمة نواكشوط للمرة الاولي رفضهم للتدخل الايراني في الشئون العربية وهذا للمرة الاولي وما يمثله ذلك من رسالة واضحة للحوثيين وايران

ثانيا- الأبعاد القانونية والسياسية للأتفاق
—————————————-
١- الابعاد القانونية
النص المنشور للأتفاق مختصر للغاية مكون من اربعة بنود تستدعي الملاحظات التالية عليها
أ- تشكيل مجلس سياسي من عشرة أعضاء من كل من الموتمر الشعبي العام وحلفاؤه وأنصار الله وحلفائهم بالتساوي فإذا كان حلفاء المؤتمر الشعبي العام معروفين السؤال يتعلق بحلفاء أنصار الله من هم ؟ هل هي شخصيات طبيعية أم شخصيات معنوية إعتبارية من أحزاب وتنظيمات كحزب الحق مثلاً ؟؟
ب- تكون رئاسة المجلس دورية بين الطرفين ويسري الامر ذاته علي منصب نائب رئيس المجلس وهنا يلاحظ عدم تحديد مدة ولاية المجلس
الاشارة الي دستور البلاد في إدارة المجلس لمهامه وإختصاصاته ومن الواضح ان الاشارة الي الدستور هو انتهاك للدستور نفسه القائم علي الانتخابات في أختيار السلطة التنفيذية بالنسبة للرئاسة وموافقة البرلمان علي تشكيل الحكومة وهنا يلاحظ ايضا عدم الاشارة الي وضع مجلس النواب كسلطة تشريعية
وأقتصر الآمر في الاتفاق علي تشكيل المجلس كسلطة تنفيذية والاغرب ما جاء في البند الرابع من الاتفاق بالقول بأن يتولي المجلس تحديد إختصاصاته ومهامه في الوقت الذي ذكر فيه وفق الدستور كيف المجلس هو الذي يحدد إختصاصاته ويقال في نفس الوقت وفق الدستور فإما وفق نصوص الدستور وإما خارج إطار ماهو محدد في الدستور ؟؟
والملاحظة الاخيرة وذات المغزي الهام ما جاء في نهاية الاتفاق الذي اختتم بعبارة “ حرر بصنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية “ لماذا دعت الحاجة الي توضيح ان صنعاء هي عاصمة الجمهورية اليمنية ولم يكتفي بالقول حرر بصنعاء فقط هل بأضافة عبارة عاصمة الجمهورية اليمنية تعني عدم إعترافهم بعدن كعاصمة مؤقتة لليمن أم المقصود منها أشياء أخري ورسائل لاطراف إقليمية ودولية ؟؟؟
الابعاد القانونية علي المستوي الدولي هو انتهاك سافر لقرارات مجلس الأمن الدولي خاصة للقرار ٢٢١٦ لعام ٢٠١٥ والقاضي كما أوضحه بجلاء المبعوث الاممي الي اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد “ بأن هذا الاتفاق يشكل إنتهاكاً قويا لقرار مجلس الأمن المشار اليه أعلاه الذي يطالب جميع الأطراف اليمنية ، ولاسيما الحوثيين ، بالامتناع عن إتخاذ المزيد من الإجراءات الانفرادية التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن ويدعوهم الي التوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية في اليمن “ هذا الانتهاك الصارخ يشمل أيضا المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ونسف لمشاورات السلام في الكويت

٢- الابعاد السياسية
هل توقيت صدور هذا الاتفاق بين الحوثيين وصالح هو شرعنة الامر الواقع بالقول ان رفض الوفد الحكومي لمقترحههم بتشكيل حكومة جديدة قوبل من جانبهم هذا الرفض بتشكيل المجلس السياسي لادارة شئون البلاد وعمدوا في الوقت نفسه لارضاء المجتمع الدولي بإلغاء ضمنيا الأعلان الدستوري عبر تشكيل المجلس السياسي الأعلي لأدارة البلد وإن كان هذا الالغاء لم يرد نصا صريحا بشأنه في الاتفاق المبرم بين الطرفين

في الخلاصة
—————
صعود الحوثية وتمددها بفضل الدعم الايراني لها يذكر بمرحلة صعود الفاشية في المانيا الهتلرية وايطاليا موسيليني وخاصة في مواقف بريطانيا وفرنسا المهادن للنظامين الفاشيستين لتفادي الحرب معهما بقبولهما ضم هتلر للنمسا ثم بتوقيع اتفاق ميونيخ في ٣٠ سبتمبر ١٩٣٨ الذي سمح بضم أجزاء من تشكوسلوفاكيا الي ألمانيا الذي وصف بالعار وقال عنه تشرشل للطرفين البريطاني والفرنسي “ كان أمامكم أحد الخيارين بين فقدان الشرف أو الحرب اخترتم ان تفقدوا شرفكم وستنالون مع ذلك الحرب “ وهذا ما حدث لاحقاً بعد ان تمادي هتلر في مغامراته واحتل بولندا وقامت الحرب العالمية الثانية
عبارة تشرشل المشار اليها علي الدول الغربية بصفة خاصة ودول الأعضاء الدائمين في مجلس الامن الوقوف امامها هل مهادنتهم للحوثيين وجماعة صالح أدت الي تغييرات إيجابية في مواقفهم أم بالعكس ازدادت مواقفهم المتصلبة والرافضة لقرارات مجلس الامن الدولي ؟ سؤال مفتوح ستتضح الإجابة عليه في رد الفعل الدول الغربية علي إتفاق صنعاء بين الحوثي وصالح وهل سيقتصر رد الفعل علي بيانات إستكار فقط أم سيترجم الي التلويح بإمكان العمل وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ؟؟؟

 

  • من صفحة الكاتب على الفيس بوك