fbpx
احذروا ثورة الجياع!

 

الفقر والجوع هما قرينا الكفر، فاذا جاع الانسان وشعر بالظلم والتهميش فقد يتصرف بطريقة غرائزية لن يستطيع احد ان يردعه أو يقف أمامه، وحينما يفقد الوضع الاقتصادي قسطاس العدل وتختل موازين امتلاك الثروة بين طبقة متحكمة بكل مفاصل البلاد الاقتصادية والخدمية،وبين شعب مسحوق لا يجد ما يسد به جوعه ويروي عطشه فانه تتولد أزمة اقتصادية طاحنة تنذر باندلاع مواجهات واحتجاجات واسعة يصعب احتوائها.
عرف العالم الكثير من الثورات والأزمات واغلبها ذات طابع سياسي وحقوقي والبحث عن الحريات التي سلبهم اياها الحاكم المستبد!، ولكن القليل منا من سمع عن ثورة الجياع والفقراء، وقد عرفت اول ثورة في العالم القديم من هذا النوع في الزمن الفرعوني الاول في عهد الملك ( بيبي الثاني) عندما وجد الشعب المصري نفسه جائعا ومحاصرا بينما كانت قصور وبيوت الملك عامرة برغد العيش لا يعكر صفوها شيء، حتى ثار الشعب ضد ملكهم واستولوا على كل ممتلكاته وقصوره ووزعوا الحبوب والمقتنيات على جموع الشعب الجائع والثائر، وكذلك قصة ملكة فرنسا الشهيرة ماري انطوانيت عندما وقفت على شرفة قصرها تأكل مما لذا وطاب، والجماهير تنظر اليها وهي بهذه الحالة من الغرور وعدم المبالاة بينما يعيش الشعب حياة البؤس والفاقة والحرمان، فما كان من هذه الجموع الا ان اقتحمت القصر وقتلت الملكة وزوجها.

وتكررت ثورة الجياع في بعض بلدان العالم الحديث، فعندما يشعر المواطن بان هناك من بتلاعب في رزقه وقوته ومعيشته ويذهب الى جيوب الفسدة واصحاب النفوذ فانه يثور على حكامه مهما كانت التكلفة مرتفعة.

ما يمر فيه الوضع الجنوبي من تدهور للاوضاع الخدمية وحصار مطبق للبر والبحر والجو، وفرض سياسة التجويع المتعمد من اجل تحقيق مكاسب سياسية وفرض واقع جديد يتنافى مع تطلعات وأهداف شعبنا في التحرير والاستقلال، قد ينذر باندلاع ثورة جياع تأكل الاخضر واليابس وتقتلع رموز الفساد والمحسوبين على الشرعية وغيرهم واخراحهم من معاشيق وكل مدن الجنوب الصابر أذلة صاغرين.

من ينزل الى عدن ويشاهد الدمار والخراب الذي خلفه الحوثي وصالح، والذي طال كل المرافق الخدمية والمقار الأمنية والأماكن الهامة والسيادية لم يكن يخطر ببال أحدنا انه بعد مرور حولا كاملا من التحرير زادت الأمور سوء وبلغت معها معاناة الناس الى درجة لا يمكن السكوت عليها أو غض الطرف عنها.

من يعود الى تاريخ مدينة عدن الجميلة وموقعها الاستراتيجي والهام الرابط للقارات وللحضارات القديمة والحديثة لا يصدق ان هذه العاصمة اضحت تستجدي العالم لمساعدتها والخروج من ازمتها!، لا يعقل ان يتحول اغلب سكان الجنوب الى فقراء ومحتاجين ومنتظرين سفن الاشقاء كي يتصدقوا علينا ونحن نمتلك كل مقومات الحياة والتطور من البترول والثروة السمكية والزراعية ولدينا من اكبر موانئ العالم .
عدن لا تطلب المستحيل ولا تريد من احد ان يمن عليها ولكن اطلقوا سراحها واعطوها حقها فهي قادرة على حل كل مشاكلها السياسية والخدمية بنفسها بعيدا عن صراع الفاسدين، ما لم فالبلاد مقبلة على ثورة جياع لا تبقي ولا تذر.

✍ محمد بن زايد الكلدي