fbpx
دعـــــوة

فهد البرشاء
ما أحوجنا اليوم لددعوة صادقة تنطلق من قلوب الصادقين المخلصين لتحط رحالها وتوقر في قلوب (المحبين), فتؤتي ثمارها, ويجني الكل قطوفها, ونستظل بظلالها, دعوة صادقة لله أولا ثم لهذا الشعب المغلوب على أمره الذي قدم الغالي والنفيس في سبيل حُلما بدده الكاذبون, ووأده المتمصلحون وأصنام الزمان..
نحن بحاجة لأن نشابك أيدينا ونعاضد سواعدنا ونوحد قلوبنا, ونجمع كلمتنا ونكون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعض, وكالجسد الواحد إذا أشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى, وكي نقترب أكثر وأكثر من ذلك الحلم المنشود الذي نبحث عنه منذ الأزل ووهبناه دماؤنا وأرواحنا وكل جميل في حياتنا..
ولسنا بحاجة لشعارات جوفا, ولقاءات عقيمة, ومشاورات بائسة فاشلة,ووساطات كاذبة, نحن بحاجة فقط لقلوب صادقة, وأرواح نقية طاهرة, وضمائر حية يقضة, ورجال حقيقيون تتشبع دواخلهم بالوطنية الحقيقية والهوية والإنتماء والولاء والأخلاص, أما دون ذلك فهو مجرد ضحك على الذقون وتمييع لقضية وهوية وأحلام بسطاء شهدت لهم الساحات والميادين ومواقع النزال..
نحن اليوم لا نبحث عن أناس يتصارعون من أجل المناسب, لا عن أناس يلهثون خلف الريالات الهزيلة , ولا عن أناس (يتغذون) المناطقية, ولا عن اناس يقتلون بأسم الوطنية, نحن نبحث عن أناس يولدون من (رحم) معاناتنا, ويخرجون من جلباب آهاتنا, أناس يتقاسمون معنا (كسرة) خبزنا اليابس, وشربة ماؤنا الحار, ويستظلون بشمس سماؤنا الحارقة, ويسيرون فوق أديم أرضنا التي تنبعث منها رائحة الموت والدم..
نحن نبحث عن من يشاركنا همومنا وأوجاعنا, وتذرف عيناه دما لمصابنا, ويتفطر قلبه الماً لأنات (مرضانا), ويتكدر حاله ضيقاً لواقعنا المرير والمؤلم والموجع, ولسنا بحاجة لأصحاب الموائد التي تدلت كروشهم, ولا أصحاب الفنادق الذين أنساهم النعيم من حولهم, ولا من يرقصون طربا على صرخات أطفالنا, وينتشون فرحا لموت أهلنا وذوينا..
كفانا الدماء التي أُرقيت والأرواح التي أُزهقت, والأجساد التي تمزقت والأحلام التي قُتلت, والمساكن التي دُمرت, كفانا جزعا, وخوفا ,وهلعا ,ونزوحا ,وعويلا, وصراخا ,وبكاء , كفانا أزدحام المقابر بموتانا, وتشبع الأرض بدمائنا, كفانا سياسة التخوين والمناطقية والحزبية, ولنفتح قلوبنا لبعضنا البعض ولنصدق مع الله في أقوالنا وأفعالنا..
ولنتذكر أننا كنا قاب قوسين أو أدنى من دولة مدينة مستقلة بعيدا عن همجية القبيلة وشيوخها (الرتع), وديكتاتورية الرجل المريض, إلا أننا أضعناه بغبائنا وسخافاتنا وصراعنا على الكراسي والمناصب والأموال..