fbpx
مشاوات الكويت والطريق المسدود

د عيدروس نصر ناصر

سبعون يوما ترقب فيها اليمنيون أن يخرج من خلف كواليس مشاورات الكويت ما يشير إلى بداية انفراجة ولو جزئية في الحرب اليمنية ـ اليمنية، فلم يحصل شيء من هذا، واليوم يعاود المنشغلون بهذه المشاورات الميؤوس  من نجاحها البحث عن طريقة ما لإعادة استئنافها.

منذ بدء مشاورات الكويت أواخر إبريل الماضي لم يتحقق سوى مزيد من التمدد الانقلابي، واحتلال مناطق جديدة وتوسيع دائرة القمع والملاحقة واستمرار احتجاز الرهائن من السياسيين والصحفيين في صنعاء وتعز، ومواصلة التفجيرات التي تدار من صنعاء، والتي تلتهم عشرات الضحايا ومئات الجرحى، في عدن ولحج وحضرموت وغيرها من المناطق التي يفترض أنها محررة، لمزيد من إرعاب قيادات الشرعية للعزوف عن العودة إلى عدن (إن فكرت بذلك)، وإطلاق عدد من الصواريخ البالستية باتجاه الأراضي السعودية، والأكثر كارثية من كل هذا، تسارع وتائر التدهور الاقتصادي في البلد لتصبح على بعد خطوات من بوابة الجحيم (كما يقول خبراء دوليون) بينما يتباهى كل من الطرفين بعدد القتلى من الطرف الآخر، ولا يأبهون لمعاناة الشعب في الشمال والجنوب من تنامي المجاعة وانهيار الخدمات ونقص المواد الغذائية وشحة توفر ضروريات الحياة الأساسية من ما وغذاء ودواء وكهرباء، فضلا عن غياب الأمن وانتشار الجريمة وكل ما يترتب على غياب الدولة من فراغات قابلة للامتلاء من قبل أي مجموعة إجرامية أو مجاميع من المعتوهين.

لن تنجح مشاورات الكويت (إن عقدت) في تحقيق أي اختراق، لأن الطرف الانقلابي لا يريد التنازل عن (المكاسب) التي حققها عن طريق الحرب، بل يسعى إلى شرعنتها وتحويلها إلى قرار دولي، ولأن الفريق المؤيد للشرعية عاجز عن تحقيق نجاح يبرهن عن حمله هموم الشعب، فلا هو حافظ على المناطق المحررة ولا هو أدار بكفاءة ملف الخدمات  والأمن ولا هو حاور بإتقان للتعبير عن الشرعية، ولا هو وفى بوعوده للجرحى وأهالي الشهداء من رجال المقاومة الذين يتضورون جوعا وألما وحزنا.

لم يتفوق الانقلابيون بفضل قوتهم أو حب الشعب لهم فهم لم يجلبوا لهذا الشعب إلا كل أنواع البلاء، من فقر وجوع وخوف وأوبئة وإفلاس وموت متعدد الأسباب، والشعوب لا تكافئ من يجرم في حقها بالحب والمؤازرة، لكن الانقلابيين تفوقوا بفضل سوء أداء الفريق الذي يلتف حول الشرعية، فالكثير منهم أصحاب تاريخ أقل ما يمكن أن يوصف به بأنه (غير نظيف) ومنهم الفاسدون والمتورطون في كل جرائم نظام عفاش، وهناك شركاء لعفاش في نهب الثروات وتهريب المشتقات النفطية والاتجار بها في بلدان الجوار الأفريقي، لكنهم حولوا موجة التردد بعد أن أصبح عفاش حصانا خاسرا واختاروا الحصان المرشح للربح، وسيتخلون عنه بمجرد أن تلوح في الأفق مؤشرات، أن يغدو هو الآخر حصانا خاسرا.

مشاورات الكويت التي يتحمس لها الانقلابيون بعد أن تلكأوا طويلا في بداية الجولة الأولى منها، ويتردد معسكر الشرعية في الذهاب إليها وتضغط الكثير من الأطراف الدولية بضرورة مواصلتها، تبدو كالمريض في غرفة الإنعاش ، يفتقد لكل أسباب البقاء على قيد الجياة لكن الآمال الضئيلة في عودته إلى الحياة تأتي من الرهان على التنفس الاصطناعي وحُقَن المغذيات المركزة التي يرفضها الجسد ويعجز عن تحويلها إلى طاقة تبث الحياة من جديد في جسد يحتضر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*   من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك.